الخميس ٢٢ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٩
بقلم بوعلام دخيسي

مدينة المآذن

كما يحلولأهلها أن يسموها، إنها مدينة وجدة المغربية مدينة الألف سنة، مدينة المآذن والمساجد حيث تعد في طليعة مدن العالم من حيث كثرة مساجدها، فقد باتت تفوق الثلاثمائة مسجد في مدينة لا يتعدى عدد سكانها نصف المليون نسمة، ويرجع الفضل في ذلك إلى ثلة من علماءها الأفذاذ ونسيج من المؤسسات والمراكز الإسلامية التي أصبحت تخرج أفواجا من حفظة القرآن الكريم والقراء والوعاظ من الرجال والنساء على حد سواء، كما يرجع الفضل أيضا لطبيعة ساكنة المدينة وتمسكهم بمبادئ الإسلام السمحة وأخلاقه الفضلى من كرم وعفة وحب للمساجد والقرآن...

طابت يا دار لك الألف
وحصونك يألفها الإلف
لك ألف سلام أرسله
وشغاف القلب له ظرف
وقصيدة عشقي ألفها
قلم لا يسعفه الحرف
بالشعر أتى بالنثر جثا
ليدين لآلته العزف
فأليني الطبع ودليه
عن وجهك إن عز الكشف
لجمالك يا داري سحر
لا يبطل عُقـْدَتـَه الوصف
لوخضت البحر أغازلك
لاستنفد آهاتي الجَذف
لوجئت بكل الأطياف
شعرا ما لاح لك طيف
إني يا دار أحاولها
كلماتٍ يُعْــِوزها الحِلف
ذي وجدة مهد الأخيار
والعابر يشهد والضيف
بالمهجة تـَقري الأضياف
وقلوب الناس لها تهفو
كالقاعة تحضن أعراسا
وفصول العُمْر لها صيف
من جاء يجوب شوارعها
صادته ومال به الطرف
فيحط رحاله يسكنها
ويقول هواكِ له خـَطـْف
يا وجدة حربك يخسَرها
للوهلة لطف أوعنف
يا وجدة سَمْتـُـك أجبرنا
وعفاف جمالك والعطف
بخصالك جُبْتِ جوانِحنا
بشموع ضيوف لا تخفو
ببسالتك، ببساطتك
بالدين إذا قـَصُرَ العُرْف
وَعُرفت بأنك شامخة
بقبابك فابتدأ الزحف
لكأنك بين مآذنك
وقبابـِك أمواجٌ تطفو
لكأن جميع شوارعك
وبيوتك فـَيْءٌ أووقف
في كل ترابك قد مَرَغ
لله جبين أوأنــــــف
سجادا صرت لمن سجدوا
لا يعرف رأسك والخلف
محرابا فيك بشارتنا
لا زيغ فيك ولا زيف
وأذانك يُطـْـــِرب إن رُفِع
كطيور دان لها العزف
الكل يُحبر داعِيــهِ
لرحيم عن عاص يعفو
يدعولفلاح يُرْدِفـُه
لِتـَشَهّـُدِه نِعْم الرِّدْفُ
يا وجدة طالت أعناق
وعلى التهليل لها عكْف
ترتج رُباك لصرختهم
فيُرى في الصدر لنا رجْف
أحياءك تصدح والوسط
وجمالك ينضح لا يجفو
أحييتِ الدين لساكِنـَةٍ
فـَسَنا أمنٌ وخـَبا خـوف
ورفعتِ الشأن لقرآن
وتباهى في يدك السيف
وتباهى الناس بقراء
من عترة داوود استوفوا
لما صدحوا بمزامير
من خلفهم الناس اصطفوا
حفظ القرآنَ شبابُك بل
ونساءك فالتحق النصف
من بنت الشاطئ من بعث 1
بعثوا وبأيديهم صُحْف
مُلِئوا الإيمان وباعثه
مُلِئوهُ وطاب لنا الغـَرْف
ولأهل الذكر مجالسُ مِن
جنات فليُجْنَ القطف
يأتي الزراعُ مواسمَهم
فتلين قلوبهم الغـُلف
وترى من حول منابرهم
حلقات يرسمها الطـَّوْف
لكأنك يا وجدة حج
أزلِيّ ُ الموقف أوكهف
وكأنك دارُ الأرقم في
زمن الغرباء لنا تصفو
لوجاءك زيري 2 اليوم بكى
من أجر فاض له الضِّعف
فتفيض العين بما كسب
وبدار يعشقها السقف
أعروسَ الشرق 3 لقد وهن
مني عضمٌ وشكا الضّـُعْف
مالي عن مَهرك مقدُرة
إلا أن يُدركني اللطف
إلا قـَلـَمٌ وفم ٌ يـُفشي
ما دَسَّ لليلتــك الجوف
المهر أنا والدار لك
والدار الألفة لا الألف
وشهود الخطبة أجفان
ورموش تعشق لا تغفو
فأديمي الوصل وموعدنا
أن يصلح كمك والكيف

 [1]


[1

1- معهدين من معاهد كثيرة لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية
2- زيري بن عطية المغراوي مؤسس مدينة وجدة في أواخر القرن العاشر
3- مدينة وجدة هي عاصمة شرق المغرب، تبعد عن الحدود الجزائرية ب 14 كلم.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى