الأربعاء ٢٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٩
بقلم محمد أبو الفتوح غنيم

مربون بلا تربية

فاقد الشيء لا يعطيه، هكذا تعلمنا أو هكذا نعلم، ولعل هذا هو سبب تخلفنا، أننا لا نملك شيء لنعطيه أو نورثه لأبنائنا لكننا وكعادتنا نأبى الاعتراف بهذا أو أن نظهر أمام أنفسنا وأولادنا بمظهر الفاشل أو أن نتعلم من أخطائنا، ثم نحن نتحدث بعد هذا عن التغيير وعن رغبتنا في مجتمعات أفضل، فلا نحن ربينا أبناءنا جيدا ولا نحن هيئنا لهم الأجواء المناسبة لهذا التغيير، بل نكاد نكون أول عائق أمام مستقبلهم المزهر الذي نتمناه.

أدى والدي -حفظه الله- امتحان الكادر منذ يومين، وكان أعجب ما في الأمر أن يتصل بنا أثناء إجابته للامتحان ليستفسر من أمي عن درجته الوظيفية أيكتب الدرجة الحالية أم التي يتطلع إليها؟، فلما عاد سألْتُهُ عن ذلك وكيف يتصل وهو داخل لجنة الامتحان ومن الذي سمح له فقال أن الجميع كان يستخدم الهاتف النقال ويستعين بأصدقائه بل وكان الممتحَنون يتبادلون الآراء حول الإجابات وبصوت مرتفع علانية حتى أنهم أفقدوه تركيزه في الامتحان.

عجيب أمر هؤلاء، بل عجيب أمرنا، كيف لمجتمع أن ينهض وهو بهذه الازدواجية المقيتة، أيصل الأمر بالمعلم -مربي الأجيال- حد الغش حتى يجتاز امتحان، فكيف يربي هؤلاء وأمثالهم أبناءنا، وكيف يمكن لأمثال هؤلاء أن يحدثوا أبناءنا وأن يعلموهم فضيلة الصدق والأمانة وسوء الكذب والغش وعاقبة أمره، كيف لنا أن نأتمن هؤلاء على مستقبل مجتمعنا وبلادنا، الأمر ليس محض غش في امتحان بل سرقة لأموال لا يستحقها إلا ناجح بمجهوده، ولا أدري كيف يقبل هؤلاء أن يطعموا أنفسهم وأهليهم من حرام.

إن أمثال هؤلاء الذين يفترض فيهم حسن الخلق وأن يكونوا من ذوي المثل العليا لا يكفي أن يحالوا للتحقيق فلا مجال لأن نغفر لهم ما فعلوا، فالفصل من وزارة التربية والتعليم هو أقل ما يستحقونه، ولكن هيهات فبنية هذه الوزارة وهيكلتها وكوادرها وموظفيها كباقي المصريين، يعانون ممن تبلد حاد في الضمير ويعلنون مبدأ على قدر ماله أعطيه، ويتناسون أن هذا عقد وعهد قطعوه على أنفسهم لما قبلوا بهذه الوظائف على أن يراعوا الأمانة وأن يقوما بأعمالهم على أكمل وجه وبتلك الرواتب التي قبلوها، فلا مجال لهذه العبارة التي لا يمتثلها إلا خائن معدوم الضمير.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى