الأربعاء ٢٠ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠
بقلم محمد أبو عبيد

مفرداتُ القرآن في الشِّعر

ليس غريباً على مجتمعات زجّت بنفسها في زنازين الرُّهاب من كل شيء، وهي العربية طبعاً، أن تخشى أيضاً الاستمتاع والأمتاع بلغتنا العربية الجميلة. هذا الرهاب، أو «الفوبيا»، هو الذي يولج الفرد العربي في دائرة التحريم غير الحرام، ويخرجه من مساحات الإبداع «الحلال».

في ما يخص العلاقة بين القرآن وفنون الكتابة الأخرى ومنها الشعر، سأنأى عن الولوج في جوف الإقتباس والتضمين والتناص، كونها مسائل ما انفك قلب الجدل ينبض حولها، حتى يبقى الإبداع في حلٍ من جدل يهلكه أحيانا إذا استعر.

إنّ استخدام المفردات القرآنية في الشِّعر، مثلاً، لا يمكن أن يُفسّر على أنه استهزاء بكلام الله، حاشا له، إنّما هو تأكيد تلقائي على بلاغة لغة القرآن، وبديع آياته، كما أنّ هذا الاستخدام يدل على ثقافة صاحبه وسعة قاموسه اللغوي وتأثره بالكلام القرآني، فلا يوجد ما هو بمثابة الدليل القطعي على عدم جواز توظيف المفردات القرآنية في نص شعري جاءت في مكانها الصحيح من دون أن تكون إسقاطاً أو حشواً.

اللغة العربية سبقت القرآن من حيث الوجود، فنزل القرآن بلسان عربي ليخاطب الألسن العربية حينها، ويتحدى إعجازها وبلاغتها، فصار مرجعاً لغوياً بكل صنوف فنون اللغة، بما في ذلك الصور والصياغات. لذلك عندما يلجأ صاحب النص الأدبي إلى بضع مفردات قرآنية،خصوصاً تلك التي ليست لها علاقة بقدرة الخالق ومعجزاته، إنما هو يستخدم مفردات موجودة أصلاً من قبْل القرآن، وإن لم تكن بالشكل التي وردت في القرآن، لكنها اشتهرت من خلال كتاب الله.

ما المانع، مثلا، إذا كتب أحدهم نصاً عن أطفال الحجارة في مواجهة جيش الاحتلال قائلا: أنتم طيور أبابيل..إرموهم بحجارة من سجّيل.! في الشكل العام واضح أن ذلك تناص من القرآن وليس النص الأصلي، ففي ذلك استعانة ببلاغة قرآنية مكوناتها مفردات عربية لكن في سياق مختلف، صورة رائعة من حق البشر اللجوء إليها من باب حسن النية.

فلننهلْ، إذنْ، من لغة القرآن، ولنستعذب بمفرادته مستفيدين منها في الشِّعر والنثر وفي أي نص، فلا ضيْرَ إنْ قلتُ تواضعاً:

فلعلّي قدَرٌ لكِ حتى....
إنْ متُ وإنْ أُبعث حيّا 
ما دام فؤادُكِ أسْكنُه.....
صُبْحاً ومساءً وعشيّا
لنْ أنظرَ في وجْه امرأةٍ.....
وأكلّمَ بَعْدكِ إنسيّا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى