الأربعاء ٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٨
بقلم محمد علي الرباوي

مَـدَدٌ مِـنْ مشكاة الغيـــب

أُطَاعِنُ خَيْلاً مِنْ فَوارِسِها ذاتي
فَتَأْسِرُني سِرًّا وَتَكْسِرُ مِرْآتي
تُغازِلُنِي الدُّنْيا فَأَحْتَلُّ عَرْشَها
وَلَكِنَّها الْمِصْباحُ يُفْنِي فَرَاشَاتي
فَمَنْ يُنْقِذُ الْمَأْسُورَ مِنْ وَهْجِ ضَوْئِها
وَيُرْسِلُ شَطّا تَنْطَفِي فيهِ مَوْجاتي
 
(2)
أَنْتَ كَريمٌ إِذْ تُعْطي وَكَريمٌ إِذْ تَمْنَعْ
مَاذَا أَعْطَيْتُ أَنَا؟
نَفْسِي؟...هِيَ مِنْكَِ إِليَّ عَطاءُ
كَيْفَ حَبيبِي إِذْ تَطْلُبُهَا أَمْنَعُها عَنْكَ
كَيْفَ حَبيبِي كَيْفَ أَصيرُ أَنَا
إِنْ لَمْ تُنْقِذْنِي مِنّي
أَدْرِكْنِي بِجَدَاوِلِ رَحْمَتِكَ البَيْضاء
 
(3)
هُوَ ابْتِلاءٌ حينَ تُعْطِي وَابْتِلاءٌ حينَ تَمْنَعْ
آهِ حَبيبِي مَا أَشَقَّ الإِبْتِلاءْ
لَكِنَّنِي أَطْمَعُ يَا مَوْلايَ أَنْ تُكْرِمَنِي
ثُمَّ تَرُشَّنِي بِأَنْوارِ مَحَبَّتكْ
 
(4)
اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لي مَا أَنْتَ بِهِ أَعْلَمُ مِنّي
فَإِذَا عُدْتُ فَعُدْ أَنْتَ عَلَيّ بِمَغْفِرَتِكْ
اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لي مَا مِنْ نَفْسِي يا مَوْلايَ وَأَيْتُ
وَلَمْ تَلْقَ لَهُ عِنْدِي اليَوْمَ وَفاء
اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما بِلِسَانِي يا مَوْلايَ تَقَرَّبْتُ
إِلَيْكَ بِهِ ثُمَّتَ خالَفَهُ قَلْبِي
اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لي رمَزاتِ الأَلْحَاظ
اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لي سَقَطاتِ الأَلْفَاظ
اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لي..
اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لي..
 
(5)
هَذَا الإِنْسانُ غَرِيبٌ يا مَوْلايْ
هَذَا الإِنْسانُ غَريب
فيهِ الْمَدُّ وَفيهِ الْجَزْرْ
فيهِ الظُّلْمَةُ فيهِ الضَّوْءُ فَأَنَّى يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ ذاتاً
تَلْتَفُّ كَما شَجَرِ اللَّبْلابِ بِذاتِكْ
سُبْحانَكَ أَنْتَ أَرَدْتَ فَكانَ كَما كانا
ما أَغْرَبَ هَذَا الإِنْسانا
مَا أَغْرَبَهُ يا مَوْلانا
 
(5-أ)
كانَ الصَّيْفُ طَويلا
كانَ كَما الآهِ طَويلا
حَطَّ بِكَلْكَلِهِ الْمُرِّ عَلَى
صَدْرِي الْمَنْخُورِ رَبيعاً وَشِتاءً
حَطَّ بِكَلْكَلِهِ أَمْسِ
تَطَاوَلَ..ثُمَّ اسْتَرْخَى كَالْحُزْنِ عَلَى أَرْضٍ جَرْداء
اِسْتَسْلَمَ كَالطِّفْلِ لِنَوْمٍ أَعْمَقَ مِنْ جُرْحِ الصَّحْراءِ
صارَ الْحُلْمُ بِأَنْداءِ الْغَيْثِ سَراباً
هَذَا الْحُلْمُ الشّاسِعُ صارَ سَراباً
فَاسْتَسْلَمْتُ لِبَرْدِ الصَّيْفِ اسْتِسْلاما
اِسْتَسْلَمْتُ وَقُلْتُ: لَكَ الْحَمْدُ عَلَى ما أَعْطَيْتَ
لَكَ الْحَمْدُ عَلَى ما أَنْتَ مَنَعْتَ
لَكَ الْحَمْدُ..
لَكَ الْحَمْدُ..
لَكَ الْحَمْدْ..
 
(5_ب)
كانَتْ قَدَمِي في الرَّمْلِ تَسُوخْ
كانَتْ مُثْقَلَةً بِعَراجينِ الذَّنْبِ الوَهَّاجْ
كانَ لِسَانِي يَكْنِسُ حَصْبَاءَ الرَّمْضاءْ
كانَ الأَمَلُ الْمُشْرِقُ
تَخْبُو مِشْكاةُ حَرارَتِهِ في صَدْرِي الْمَكْسورْ
فَإِذَا عُصْفُورُ الفَجْرِ الرَّقْراقِ
يُرَفْرِفُ قُرْبَ البَحْر الغَيْداقِ
يُبَشِّرُ بُسْتَانِي الظَّمْآنَ
بِأَنَّ رِياحاً سَتَهُبُّ عَلَيْه
 
هَا أَنَذَا السّاعَةَ بَيْنَ الأَهْلِ عَصِيُّ اللَّفْظِ
أَخَوْفاً أَمْ فَرَحاً
هُوَ ذا الرَّمْزُ يَلُفُّ كَلامِي اليَوْمَ أَخَوْفاً أَمْ فَرَحا
ما عُدْتُ أُكَلِّمُ في الْحَيِّ سِوايْ
فَهَلِ اسْتَسْلَمْتُ لِوَقْدِ الفَرْحَةِ يا مَوْلايْ
إِنْ كانَتْ حَقًّا هِيَ ما يَسْكُنُ عَبْدَكْ؟
وَهَلِ اسْتَسْلَمْتُ لِجَوْفِ الْخَوْفِ الفاجِرِ
إِنْ كانَ الْخَوْفُ حَبيبِي
هُوَ ما يَتَسَكَّعُ في هَذَا القَلْبِ الْخَفَّاقِ
لِمَاذَا حينَ تَسَلَّلَتِ البُشْرَى نَحْوَ خَرَائِبِ قَلْبِي
- وَأَنَا عُودٌ يَتَقَوَّسُ كَالآهِ –
لِمَاذَا- وَأَنَا في الْمِحْرَابِ -
ﭐمْتَدَّتْ أَدْغالُ الْخَوْفِ الكاسِرِ
أَوْ رُبَّتَمَا هِيَ أَدْغالُ الفَرْحَةِ يا مَوْلايَ
إِلَى مَمْلَكَتِي الْخَضْراءِ
فَأَنْسَتْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ البَيْضَاء
هَلْ أَقْدِرُ أَنْ أَعْبُرَ هَذِي الأَدْغالَ الفَتَّاكَةَ
إِنْْ عَنّي أَنْتَ تَخَلَّيْتَ
لِمَاذَا يا مَوْلايَ خُلِقْتُ هَلُوعا
إِنْ مَسَّ جَنانِي الْمَحْلُ جَزوعا
أَوْ مَسَّ جَنانِي الوَبْلُ جَزوعا
أَدْرِكْْنِي
مِنْ وَسْوَاسِي الْخَنَّاسِ وَعَلِّمْنِي
أَنْ أَمْلأَ دُنْيايَ بِحَمْدِكْ
 
(6)
لَكَ الْحَمْدُ إِذْ تُعْطي
لَكَ الْحَمْدُ إِذْ تَمْنَعْ
أَنَا عَبْدُكَ العاصي فَمَا شِئْتَ بِي فَاصْنَعْ
لَكَ الْحَمْدُ إِذْ تَعْفُو
لَكَ الْحَمْدُ إِذْ تَغْضَبْ
وَلَكِنَّنِي وَالذَّنْبُ يُزْهِرُ في قَلْبِي
أَمُدُّ دُموعي نَحْوَ عَرْشِكَ مَدّا إِذْ
أَنَا عَبْدُكَ الْمِلْحاحُ فِي عَفْوِكَ الْمَنْثورِ
كَالنُّورِ يا مَوْلايَ ها إِنَّنِي أَطْمَعْ
لَكَ الْحَمْدُ إِذْ تُعْطي
لَكَ الْحَمْدُ إِذْ تَمْنَعْ
لَكَ الْحَمْدُ يا مَوْلايَ
لَكَ الْحَمْدُ كُلُّ الْحَمْد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى