السبت ١٦ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠
بقلم أحمد مظهر سعدو

هدى جمال عبد الناصر في محاضرة هامة

برعاية وزارة الثقافة السورية وضمن سلسلة محاضرات ( أربعاء تريم الثقافي) فقد استضافت القاعة الكبرى في مكتبة الأسد الدكتورة هدى جمال عبد الناصر في محاضرة هامة بعنوان (ذكريات الوحدة) تحدثت فيها عن الإرث الكبير الذي تركه لها أبيها القائد الراحل جمال عبد الناصر حول الوحدة ووثائق الوحدة التي كانت بحوزة و(دولاب) عبد الناصر الشخصي .. وقد استقبل الحضور هدى عبد الناصر بتصفيق حار وكانت تعلو في القاعة الكبرى بين الفينة والأخرى هتافات قومية عربية ناصرية ((بالروح بالدم حنكمل المشوار )) و ((ناصر .. ناصر )) وقد عادت الأيام بالحضور إلى زمن جميل وذكريات الزمان القومي الجميل.

لقد عملت الدكتورة ابنة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لسنوات على جمع وأرشفة أوراقه الشخصية والتي ستصدر قريباً في سبعة أجزاء على النحو التالي:
جمال عبد الناصر طالباً وضابطاً – الثورة في بدايتها – تأميم القناة وعدوان 1956 – الوحدة المصرية السورية – التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من 1961 إلى 1967- عدوان 1967 وحرب الاستنزاف – رسائل إلى جمال عبد الناصر وأوراق شخصية.

في هذه المجلدات أوراق لم تكتب للنشر، بل كتبها جمال عبد الناصر لنفسه، فجاءت معبرة عن أفكاره ومعتقداته وسياساته في تطوراتها المختلفة، أوراق حميمة بلا تنميق ولا إضافة، وتقول د.: ((أعترف أنني أعدت اكتشاف والدي عندما بدأت في التفرغ للعمل في هذا الكتاب منذ عامين، وأصابتني الدهشة من عدد كثير من المعلومات والمواقف التي اطلعت عليها من قراءتي لتلك الأوراق)).

وتلقي هذه الوثائق الضوء على الطفولة القاسية للزعيم الراحل، وكذلك على دوره الوطني وهو طالب، وحادث اعتقاله في مظاهرة، ومسودة خطاب ألقاه في الطلبة في عام 1935 أثناء الانتفاضة الوطنية المطالبة بالجلاء وعودة الدستور، حيث كان في ذلك الوقت رئيساً لاتحاد الطلبة في مدارس النهضة.

تتابع الدكتورة هدى: (( لقد عشتُ حياتي في جو يعتز فيه والدي بعسكريته وبالتقاليد والقيم العسكرية، ولذلك وجدتني أقرأ بنهم أوراقه منذ دخل الكلية الحربية في 1936، وفوجئت بيومياته ومجموعة خطابات ( 108 خطاب ) أثناء وجوده في حرب فلسطين حيث تمت ترقيته إلى رتبة الصاغ أثناءها .. وكذلك حصوله على نجمة فؤاد العسكرية، وشهادات الترقية منذ تخرجه من الكلية الحربية كملازم ثان، ووثيقة هامة تحوي خطة ليلة الثورة 23 يوليو وضعها زكريا محيي الدين، وأدخل جمال عبد الناصر إضافات عليها بخط يده، وورقة تنازل الملك فاروق عن العرش لابنه أحمد فؤاد في 26 يوليو 1952، وقرارات مجلس قيادة الثورة، وبعض الأوراق المتعلقة بالمفاوضات المصرية البريطانية حول الجلاء، وعقـد اتفاقية الجـلاء فـي 19 أكتوبر / 1954/ والتي كان لها معارضون منهم الأخوان المسلمين الذين حاولوا اغتيال جمال عبد الناصر في 26 أكتوبر/ 1954/ أثناء إلقائه خطاباً في ميدان المنشية وبعض خطابات التهنئة المؤثرة لنجاته.

وتحدثت لدكتورة أيضاً عمّا واجه الثورة من صراعات داخلية ضد الإقطاع والتطرف، وخارجية ضد الاستعمار والصهيونية، وذهاب جمال عبد الناصر إلى باندونج في ابريل /1955/ حاملاً دعوة عدم الانحياز والحياد الايجابي بين الدول الآسيوية الإفريقية، ثم راحت تقول: ((لقد اكتشفت أن والدي دوّن كل شيء بيده، وجدت هذه الأوراق في خزانة في مكتبه في منزله بمنشية البكري، فيها بيانات الحكومة المصرية، التحركات العسكرية والتوجيهات، المقالات الصحفية، التصريحات السياسية، وأسرار قيادة المقاومة الشعبية في القناة، وملف يحوي كل وثائق وزارة الخارجية المصرية منذ تأميم القناة وحتى انسحاب إسرائيل من أراضي مصر في نهاية /1957/، ووضع مصر يدها على القاعدة البريطانية في قناة السويس وإلغاء شروط اتفاقية الجلاء وتمصير جميع المؤسسات البريطانية والفرنسية وضمها للاقتصاد الوطني، حتى أصبحت لمصر مكانتها الخاصة في العالم الثالث، وقد احتفظ عبد الناصر برسائل التأييد والاستعداد لتقديم المساعدة لمصر في هذا الظرف الحرج.

لقد أبرز العدوان الغاشم المشاعر القومية العربية الحميمة، ففجر الشعب السوري أنابيب البترول التابلين ورقَد العمال البحرينيون بأجسادهم على ممر هبوط الطائرات في القاعدة البريطانية هناك))، وتتابع: لقد لبت مصر مطلب الوحدة من سوريا في 22/2/1958/، وكان في ذهن جمال عبد الناصر آمال عريضة عزم على تحقيقها، ودفعته مؤامرة الانفصال في سوريا 28/9/1961 إلى إجراء تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية بعيدة الأثر ما زالت بعض نتائجها موجودة إلى اليوم ) وتضيف:
((ومن أجمل ما شدني إلى قراءته في تلك الفترة ما دوّنه والدي من خلاصة مبادئه السياسية ومعتقداته الاجتماعية، وهو ما إذا أضيف إلى ما جاء في خطبه، يعتبر ثروة وتراثاً هاماً يلقي مزيداً من الضوء على شخصيته ودوره التاريخي)).

(( لقد عاصرتُ فترة عدوان 67 وما بعدها ووعيتها جيداً، ولكني لم أكن أعرف أسرارها إلا عندما اطلعت على أوراق والدي التي خطها بنفسه، فوجدت توقيعه على أول قرار جمهوري بعد عودته لقيادة الجماهير استجابة لها في 11/6/67، وحكى لنا والدي عن تأثره بنجاح مؤتمر الخرطوم وخروج الخرطوم كلها لاستقباله ومدى معزته للسودانيين، وقد فوجئت بعد رحيله بأن أحد المصُحفين اللذين كانا دائماً معه هدية من مواطن سوداني عليه اسمه)).

في الكتاب وثائق قيمة بخط جمال عبد الناصر حول عملية إعادة بناء القوات المسلحة بعد وقف إطلاق النار، وملاحظاته أثناء المباحثات مع القادة السوفييت في موسكو وحتى أثناء زيارته السرية بعد غارات الإسرائيليين في العمق في أواخر يونيو /1970/، وكذلك أوراقه التي دونها في الاجتماعات مع كبار القادة العسكريين، وقيادات الجيش والخبراء العسكريين السوفيت، وتوثيقه لمحاولات العمل العربي المشترك بنجاحاته وجوانب فشل، في مؤتمرات الدفاع العربي المشترك، ومؤتمر دول المواجهة، هذا إلى جانب انطباعاته وتحركاته السياسية بناء على علاقات مصر الثنائية مع كل دولة عربية على حده ..وقد شارك الحضور بعدة مداخلات وتم طرح أسئلة العديد من المشاركين كان منهم : الأستاذ حسن عبد العظيم الأمين العام للإتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي والعماد مصطفى طلاس، والأستاذ سعيد برغوثي، السيد محمد عرب، الشاعرة نائلة الإمام، والدكتور علي الحسن وآخرين .. وقد حضر اللقاء السيد وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال وزير الثقافة السابق، الدكتور رياض نعسان آغا والعديد من القيادات السياسية السورية والفلسطينية .. كما جاءت من كل من لبنان والأردن وفود محبين للزعيم القائد وابنته ليشاركوا في استقبالها والعودة معها إلى الزمن الرحب الجميل .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى