الثلاثاء ١٣ أيار (مايو) ٢٠١٤
بقلم كوكب دياب

يا قيسُ

.
يــا قَـيْـسٌ مــا بِــكَ مُـسْتَنْفَرْ
أحْـرقـتَ الـيـابسَ والأخـضرْ؟!

لــم تُـبـقِ عـلى حَـجَرٍ حَـجَرًا
والـــحــبُّ تَــطـايـرَ كـالـعِـثْـيَرْ

وأراكَ جُــنِـنْـتَ بـــلا ســبـبٍ
غـضـبـانَ بـــلا خـمـرٍ تَـسْـكَرْ

دَمَّـــرْتَ بِـنـفسِكَ مــا تـبـني
وغــــدوْتَ يـــدًا بِــيَـدٍ تُـنْـحَـرْ

أغَـضِـبْـتَ لأنِّـــيَ راسِـخـةٌ؟!
مــــا شـــاءَ اللهُ فَــقـدْ قـــدَّرْ

أَأُجــيــزُ عــلـى حُـــبٍّ حُــبًّـا
و"أحــبُّــكِ" لــفْـظٌ لا أكــثـرْ؟!

إنْ كــنـتَ تُــحِـبُّ بــلا قـلـبٍ
فـالـحـبُّ بـــلا قــلـبٍ مُـنْـكَـرْ

أو كـنْـتَ تُـحِـبُّ عـلـى حَـرفٍ
فــلأنْـتَ عـلـى كــلٍّ تُـشْـكرْ

لـولاكَ لَـما اسـتَقْدَمْتُ غـدي
وكَشفـتُ المُـخْفَى والمُضْمَرْ

فــإلامَ تُـفَـتِّشُ عــنْ كَـسْريْ
وفـؤادُكَ يَـخشى أنْ يُكسَرْ؟!

أخُـلِـقْتُ وقـلـبي مِــن طـيـنٍ
وخُـلِـقتَ وقـلبُكَ مِـن مَـرْمرْ؟!

لا تــزْعُــمْ أنَّـــكَ مـجـنـوني،
بــيـدي تُـطـوَى وبِـهـا تُـنْـشَرْ
***
أنــا لـسـتُ بـليلى يـا قـيسٌ
أنـــا كــوكـبُ مــن جــوٍّ آخَــرْ

فـــي الـظـلـمة نــورٌ مـنـبثِقٌ
ونـجـوم الـظـهر مَـعـيْ تـظهرْ

والـنـورُ يـفـيضُ عـلـيَّ ولـكنْ
أعـمـى الـقلبِ مـتى أبْـصَرْ؟!

لا تـحـلُـمْ أنّـــكَ فــي قـلـبيْ
فـالـقـلـبُ بـمـثـلِكَ لا يُـعْـمَـرْ

لــو كـنـتَ سَـكـنْتَ بــهِ يـومًا
لَـقـطـعْـتُ وَريـــديَ والأبــهـرْ

قـدْ مِـلْتَ إلى الجهة اليُمْنَى
لن تَسكنَ في الشِّقِّ الأيسر

أشْــرَكْــتَ بِـحـبّـيَ أصـنـامًـا
لــمْ تَـكْـتَفِ بِـالشِّرْكِ الأصـغرْ

أَرَجَــعْــتَ بِـذَنْـبِـكَ مُـعْـتـذرًا؟
مَـنْ قالَ: المُشْرِكُ قدْ يُعْذَرْ؟!

لـــنْ يُـصْـلِـحَ عـــذْرٌ مُـفْـتَـعَلٌ
شـيـئًـا مــمّـا فَـعَـلَ الـخـنْجرْ

وَتُـــكَـــرِّرُ أنّــــــك مَــجــبـورٌ!
فـلـمـاذا قـلـبيَ لــمْ يُـجْـبَرْ؟!

أخْــتَــرْتَ وعَــقْـلُـكَ مَـخـمـورٌ
أمْ شُــلَّ الـعقلُ ولـمْ تَـخْتَرْ؟!

لا يــجــدرُ أن تَــهـوى نَـجْـمًـا
إذْ إنَّ الأجْـــــــدَرَ لــــلأجْـــدرْ

لُـقِّـنْـتَ بـحـبّـكَ لــي درسًــا
وحَـفـظتَ الـمَـرجِعَ والـمَصدرْ

أنَـسِـيـتَ وتَـطـلبُ غـفـرانًا؟!
إنْ تَــنْـسَ فَـذَنْـبُـكَ لا يُـغْـفَـرْ

قــدْ نـلتَ جَـزاءَكَ فـي الـدُّنيا
وعـقـابُكَ فــي الأخـرى أكـبرْ
***
يــا قـيسُ، كَـفاكَ، فـما أحَـدٌ،
والــخِـدْعـةُ دَيْــدَنُــهُ، يَـظْـفَـرْ

أظـنـنـتَ الــمـالَ سَـيُـغريني
والـمَـظْهَرَ يـلـعبُ بِـالـجَوْهرْ؟!

أو أنَّ الــجــرحَ سَـيَـكـويـني،
والـملحَ عـلى جـرحي يُنْثَرْ؟!

أمْ أنّـــكَ تَــثْـأرُ مِـــن قـلـبـي
أمْ بَـعْـضُكَ مِــنْ بـعْضٍ يَـثأرْ؟!

لا، حـسبيَ بُـعديَ يَـحْميني
فَـسِـلاحُ الـبـعْدِ هــو الأخـطرْ

والـبُـعْـدُ عـلاجُـكَ مِــن حُــبٍّ
كــالـبـرق الــكـاذب لا يَـبْـهَـرْ

لا، لـسْـتُ أحـبُّـكَ يــا قـيـسٌ
فـاغرُبْ عـن وجـهيَ لا تـظهرْ

وابـعدْ مِـن درْبـيَ، عَن عيني
لا تـنـظرْ خَـلـفَكَ، لــنْ تُـخْـفَرْ

كـهْـرَبْـتُ بــدربـكَ أســلاكِـي
لــم يـبـقَ طـريـقٌ كـيْ يُـعْبَرْ

فـاحـمـلْ أشــلاءَكَ مُـنْـكَسرًا
وارحــلْ، قــدْ أَعْـذَرَ مَـنْ أنْـذَرْ

فــلـقـاؤكَ عــنــديَ مـمـنـوعٌ
تـلـقانيَ فــي يـوم الـمحشرْ

فـهُـناكَ سَـتُـسْألُ عــنْ كُــلٍّ
وَنَــكــيــرٌ يــتْــبَـعُـهُ مُــنْــكَــرْ
***
وإذا مـــا عُــدْتَ إلــى حـبّـيْ
فـــحـــذارِ إذًا، أوْ لا تـــحـــذرْ

مــا زلْـتَ فـضولاً فـي عـددي
كـالصِّفْرِ عـلى الطّرفِ الأيْسرْ

بــــلْ إنّـــكَ أدنـــى مِـــنْ ذَرٍّ
لا أكـــبــرُ مــنْــهُ ولا أصْــغــرْ

لا تــذْكـرْ شـيـئًا مــنْ حـبّـي
مــا عـدْتَ مـعي شـيئًا يُـذْكَرْ

قـــدْ لـــوَّثَ حــبُّـكَ أجــوائـي
فـــإلامَ يَــظّـلُّ بِــلا مَـطْـمَرْ؟!

وإلامَ تَــــظَـــلُّ تُــخــادِعُـنـي
وتـــرشُّ الـجـيـفَةَ بَـالـعـنبرْ؟!

مـا فـيكَ مـن الـحبِّ الـصافيْ
إلاّ أشــــــــــلاءٌ لا أكـــــثــــرْ

أفْـلَـسْتَ لِـتَـطْلُبَ إفـلاسـي
فـاخـتَرْ أنْ تَـخْـسَرَ أو تَـخسَرْ

أن تُــبْـقـيَ بــابَــكَ مـفـتـوحًا
أوْ يُـخْـتَـمَ بـالـشّـمْعِ الأحـمـر

مـا حَـقُّكَ فـي شـيءٍ عِندي
لا ســاعِـدَ لا يـــدَ لا خِـنـصَـرْ

بــابــيْ أَوْصَـــدْتُ ونـافـذتـي
لـلـراحـةِ مـــن ريـــحٍ صـرصـرْ

أوَتَـسْـألُ قـلـبيْ الـصَّبرَ إلـى
أنْ كــادتْ روحـيَ أنْ تُـصْبَرْ؟!

لا تـأمُـرْ قـلـبيَ فــي شــيءٍ
مَـــنْ كـــانَ الآمِـــرَ لا يُــؤمَـرْ
***
مـا الـحُبّ لـديكَ سوى رَسْمٍ
مـــا أبـــرقَ يــومًـا أوْ أمــطـرْ

مــا أنـبـتَ عـشبًا فـي حـقلٍ
أو أخـــــرجَ حَـــبًّــا أو أثــمــرْ

قـــد كـــان الــمـرُّ بــهِ يـحـلو
لــو كــانَ الـسّـمُّ غـدا سُـكّرْ

فَــلِــحُـبّـكَ عــــــدّة ألـــــوانٍ
والأخــضــرُ تَـحْـسَـبُهُ أصــفـرْ

والأبـــيــضُ مــنـهـا مُــسْــوَدٌّ
والأزرقُ أصــــــلاً كَــالأغــبــرْ

مـــا أثّــرَ حـبّـكَ فــي دَرْبــيْ
أو قـــــدّم شــيــئًـا أو أخّــــرْ

هلْ صرْتَ نهاريَ كي أسعى
أو بِـتَّ نـجوميَ كـي أسهرْ؟!

مــا أنــتَ لــديَّ سِــوى لـيلٍ
ســـيّــانِ أأقـــبــلَ أم أدبــــرْ

سَـأغـيبُ، أطـيـرُ إلــى حُـبٍّ
مُـنـسـابٍ مـــنْ نـبـعِ الـكـوثرْ

فَـالـحـبُّ بِـشـرْعِـكَ مَـتْـجَـرةٌ
قـــد تَــربـح فـيـها أو تـخـسرْ

أو تــجــربـةٌ تــبـغـي مِــنـهـا
تـشريحَ الـعَرْضِ مَـعَ الـجوهرْ
***
كــمْ كـنْـتُ أُؤَمِّــلُ فــي يـومٍ
أنْ تـصـبحَ يــا قـيـسٌ قَـسْوَرْ!

فَـظـلـلْـتَ الــهــرَّ، إذا أسَـــدٌ
ولّاكَ الــعــرْشَ فــلــنْ تَــــزأرْ

مـا أنـتَ سـوى رَجـلٍ أعـمى
يَـسـتَقْرضُ عَـيـنًا مِــنْ أعْــورْ

مــا أبْـصَـرَ فــي حُـلـمٍ طَـيـفًا
إلاّ واسـتَـيْـقَظَ فــي الـمَـخفرْ

يَـسـتَنْجدُ بـالـحَرَسِ الـلـيليِّ
لِـيُـسْرِعَ فــي فـتْـحِ الـمحضرْ

فـارجِـعْ عــنْ غَـيِّكَ يـا قـيسٌ
مَـنْ قـالَ: بُـغاثٌ واسْتَنْسَرْ؟!

مــا الـقوَّةُ فـيكَ سِـوى وَهْـمٍ
لا كــسـرى أنـــتَ ولا قـيـصرْ

لا يـنـفـعُ حُــبٌّ فــي ضَـعْـفٍ
أو خـــوفٍ يَــزْرَعُـهُ الـعَـسـكرْ
***
يــا قـيـسُ أنــا حـبّـي صـعبٌ
لــنْ يُـهْـزَمَ يـومًـا لـن يُـكْسَرْ

لـــنْ أُقْــتَـلَ حــزنًـا أو هَــمًّـا
لــن يُـظْلَمَ قـلبيَ، لـن يُـقْهَرْ

إنْ كـــانَ، فـلَـسْـعةُ بـرغـوثٍ
أو بَـعْـضِ بـعـوضٍ بــل أصـغـرْ

والأهـونُ مـن حـبّيْ أن يُـهْزَمَ
جــنْــدُ يــهــودٍ فـــي خـيـبـرْ

بــلْ أسْـهـلُ مِــنْ قـلـبيْ أن
يُـؤْسَرَ كـلُّ الـخلْقِ ولن يُؤسَرْ

لا تَــسْـعَ إلـــى حـبّـي أبــدًا
لا قَــيْــسٌ أنْــــتَ ولا عــنْـتَـرْ

فــالـحُـبّ بِــشـرعِـكَ جــــزّارٌ
سَــمّــى بِاللهِ لــكـيْ يَـنْـحَـرْ

فَـنـحَرتَ حَـياتَكَ فـي خَـلَدي
وسقطتَ إلى المنفى مُصْغَرْ

حَــمْــدًا لِــلّـهِ عــلـى أنّـــي
مــا كـنـتُ بِـقرْبِكَ كـيْ أُغْـدَرْ

أظـنـنـتَ بِـنَـحْرِكَ تَـنـحرُني؟!
فـاسألْ بـيَ مـنْ كـانَ الأخبرْ

مــا هـمّـيَ أيــن تـموتُ غـدًا
وبــــأيِّ قــلــوبٍ قــــدْ تُـقْـبَـرْ

بــلْ هـمّيَ كـيفَ تَـعيثُ ولـم
تـــأبـــهْ لِــكــتـابٍ أو دفْـــتــرْ
***
يـــا قَــيـسُ إلامَ تُـحـاسِـبُني
وحـسـابُكَ يـفـضحُه الـبيدرْ؟!

هـا أنـتَ خـسرتَ معي الدنيا
أتــمـنّـى لَـــكَ حــظًّـا أوفـــرْ

غـــادرْ يـــا قــيـسُ ولا تَـغْـدِرْ
مَــنْ يَـحْـفِرْ يُـجْـزَ بِـمـا يُـحْفَرْ

ولْــتَــعْــلَـمْ أنَّ اللهَ مَــــعـــي
مـهما اسـتَنْصَرْتَ فـلنْ تُـنْصَرْ

إنْ كــنـتَ تُـكـابِـرُ يـــا قـيـسٌ
فـافـعلْ مــا شـئْتَ ولا تَـحْذَرْ

واثْـــأَرْ مــا دمْــتَ بــلا قـلـبٍ
وامْـــلأ بِــدَمـيْ وادي عـبْـقرْ

واضـربْ واهربْ واكذِبْ والْعَبْ
فاللهُ اللهُ هـــــــوَ الأكــــبـــرْ!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى