الجمعة ٢٢ أيار (مايو) ٢٠٠٩
بقلم محمد علي الرباوي

الأرْبَــــــعــــــــون

كَانَ مِثْلِي
تَعْرِفُ الأَرْصِفَةُ الْمُحْرِقَةُ العَطْشَى خُيُولَهْ
كَانَ مِثْلِي ضَائِعاً يَسْكُنُهُ رَهْجُ الشَّوَارِعْ
سَئِمَتْ كُلُّ الْمَقَاهِي جُثَّتَهْ
فَارْتَمَى فِي جَوْفِ نَارٍ
أَجَّجَتْهَا مَوْهِناً أَشْجَارُ ذَاتِهْ
****
كَانَ مِثْلِي ضَائِعاً
لَكِنَّ رِيحاً صَرْصَراً عَاتِيَةً
-ذَاتَ صَبَاحٍ- قلَعَتْ كُلَّ جُذُورِهْ
فَبَكَتْهُ الأَرْصِفَهْ
وَبَكَتْهُ نَدَماً تِلْكَ الْمَقَاهِي وَالشَّوَارِعْ
آهِ يَا كُلَّ الْمَقَاهِي وَالشَّوَارِعْ
اُحْضُنُونِي
فَأَنَا كَالصَّاحِبِ الضَّائِعِ ضَائِعْ
قَدْ تَبَتَّلْتُ إِلَيْكُمْ زَمَناً
لَكِنَّ هَذِي الْحَيْرةَ الْوَلْهَى
سُدُولٌ مِنْ سُعَارِ الصَّيْهَدِ القَتَّالِ تَمْتَدُّ حَوْلِي
فَمَنْ يَغْتَالُ وَعْثَ التَّيهِ فِي ذَاتِي
وَمَنْ يُخْرِجُنِي مِنْ ظُلُمَاتِي
آهِ مَنْ يُخْرِجُنِي اليَوْمَ إِلَى
أَنْوَارِ هَذَا الْمَلَكُوتْ
****
مُنْهَكاً دَاهَمَنِي صُبْحٌ
بَعِيداً عَنْ سَمَاءِ الْحُبِّ
بَيْنَا جَسَدِي أَدْفَعُهُ بَيْنَ دُرُوبٍ وَدُرُوبٍ
نَشِبَتْ عَيْنَايَ مَا بَيْنَ وُجُوهٍ وَوُجُوهٍ
كَانَ وَجْهٌ وَسْطَهَا
أَرْسَلَ نَحْوِي قَسَمَاتٍ حُلْوَةً
هَزَّتْ تَضَارِيسَ كِيَانِي
زَلْزَلَتْ كُلَّ خَلاَيَا جَسَدِي
يَا أَنْتَ...
أَخْرِجْنِي مِنَ الْوَحْشَةِ وَالْخَوْفِ
وَقُلْ لِي كَيْفَ مِنْ غَيْرِ وَدَاعٍ
سُحِبَتْ رِجْلاَكَ مِنْ هَذِي الشَّوَارِعْ
****
ضَحِكَ الصَّاحِبُ مِنِّي
أَخْبَرَتْهُ قَسَمَاتِي
بِحِكَايَاتِ ضَيَاعِي
ثُمَّ أَعْطَانِيَ ظَرْفاً وَٱنْصَرَفْ
آهِ مَاذَا فِيكَ يَا ظَرْفُ
أَدُنْيَا
(وَأَنَا خَطْوِي قَرِيبٌ مِنْ شِفَاهِ اللَّيْلِ)
أَمْ لَغْمٌ
(عَسَى يُحْرِقُ هَذَا اللَّغْمُ أَوْصَالَ ضَيَاعِي)
****
اَلصَّدى اللَّحْظَةَ يَمْتَدُّ ٱمْتِدَادَ الآهِ
فِي كُلِّ الشَّوَارِعْ
وَأَنَا فِي الدَّرْبِ هَذَا الوَعْبِ نَفْسِي ٱرْتَطَمَتْ
فِي جَسَدِ الرُّعْبِ ٱرْتِطَامَا
أَفْتَحُ الظَّرْفَ فَلاَ دُنْيَا وَلاَ لَغْمٌ
وَلَكِنْ هُوَ شَيْءٌ كَالْخُزَامَى
جَثَمَتْ فِي جَوْفِهِ هَذِي العِبَارَهْ:
دَارَةُ الأَرْقَمِ تَدْعُوكَ ٱنْسَحِبْ مِنْ ذَاتِكَ الظَّمْأَى
ٱدْخُلِ الدَّارَةَ أَنْتَ الأَرْبَعُونْ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى