تباين في الآراء بين المذاهب الإسلامية حول مسلسل "أبناء الرشيد: الأمين والمأمون"
بعد زوبعة من الاحتجاجات التي قدمتها مجموعة من المواطنين السعوديين من أحفاد العباسيين على الصورة التي قدم فيها مسلسل أبناء الرشيد شخوصه، ثارت زوبعة احتجاجات أخرى جديدة؛ لكن هذه المرة في أوساط شيعية معلنة احتجاجها على عرض المسلسل بعض حلقاته شخصية الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام الذي يعتبر الإمام الثامن في مذهب الإمامية، والذي جسد دوره الفنان السوري "غسان مسعود" .. وقد اعتبروا هذا الظهور انتهاكا واضحاً لمشاعر الشيعة، وأرسل البعض من المثقفين رسائل استنكار إلى قناة الـ mbc تطالب فيه بوقف الحلقات التي تتعرض لشخصية الإمام الرضا عليه السلام لصورة الإمام علي الرضا- ثامن الأئمة المعصومين لدى الشيعة- معتبرين عرضه بهذه الصورة تعدياً على قدسية الإمام الرضا.
حيث قام المحتجون كما فعل سابقوهم من العباسيين بتقديم رسالة موجهة إلى مدير تلفزيون mbc، طالبوه فيه بوقف عرض المسلسل، وذلك في بيان مكتوب جاء فيه : " عناية/ مدير قناة الشرق الأوسط للإذاعة والتلفزيون MBC,
عند متابعتنا عرض المسلسل (أبناء الرشيد: الأمين والمأمون) على شاشة قناتكم الأولى، اثار دهشتنا قيام مخرج المسلسل بتمثيل الإمام علي بن موسى الرضا (ع) في إحدى حلقاته.
وعرض المسلسل الإمام وهو يصرف وقتا غير قليل في اللهو بالماء في نافورات قصر المأمون ،، وإن كان هدف المخرج أن يعرض تأملات الإمام الروحية فقد اختار حتما الوسيلة الغير صحيحة بذلك.
إن التمثيل لشخصيات ذات خصوصية كبيرة لدى طائفة من المسلمين يعد سابقة في انتهاك احترامها وقدسيتها،، ولا أتصور قناتكم المحترمة تعرض الخلفاء الراشدين مثلا بممثلين في مسلسلات!!!!
إنني بناء على ذلك أطالب قناتكم بوقف عرض الحلقات التي فيها تمثيل للإمام علي بن موسى الرضا أو ابنه محمد بن علي الجواد فورا...
وفي أثناء ذلك ننتظر ردكم على رسالتنا هذه ..
ودمتم موفقين".
في المقابل جاءت العديد من ردود الفعل "الشيعية" أكثر إيجابية حول المسلسل وعرضه لشخصية الإمام الرضا، معتبرين ومعبرين عن عدم وجود ما يمنع لدى الطائفة الشيعية من ظهور مثل هذه الصور، مستندين في ذلك لوجود صور الإمام، بالإضافة لصور الإمام الحسين بن علي، والإمام الحسن رضي الله عنهما، ولأئمة أهل البيت في الأوساط الشيعيّة في العديد من البيوت الشيعية، مدللين في ذلك عن عدم وجود ما يحرم تجسيد شخص الإمام، وعدم امتهان قدسيته، طالما كان عرضه ضمن الإطار غير المسيء.
في حين اعتبر آخرون أن المسلسل يعتبر نقد تاريخي واقعي، استطاع أن يكسر عقدة التاريخ وقدسيته، وبنفس الوقت أن يحمله موقف الوسطية ما بين ( اللا قداسة و اللا دناسة ) بل تم عرضه بناء على المصادر التاريخية المتوفرة التي تتحدث عن هذه الحقبة التاريخية بدقة متناهية غير واضعة حول شخوص التاريخ هالات تقدسهم.
كما تحدثت شخصيات شيعية عن أفلام سينمائية عرضت شخصيات مقدسة دينياً مثل الأفلام التي عرضتها السينما الإيرانيّة، مثل فيلم "مريم المقدسة" والذي استعرض لسيرة حياة السيدة مريم العذراء، وتم تجسيدها من قبل أحد الممثلات الإيرانيات، مستندين في نص القصة للنص القرآني، وبإشراف رجال دين إيرانيين، وكذلك فيلماً مثلت فيه شخصية النبي زكريا عليه السلام، دون أن يثير احتجاج أو سخط أحد من الفقهاء أو مراجع الدين".
وجدير بالذكر أن الدراما التاريخية التي تراجعت تراجعاً ملحوظاً هذا العام، يعزو النقاد جزء من هذا التراجع، للتعنت تجاه عرض الشخصيات التاريخية من قبل المرجعيات الدينية من ناحية، ومن ناحية أخرى على إصرار هذه المرجعيات الدينية على التعامل مع التاريخ بنوع من القدسية، ورجاله بالقدسية وعدم عرضهم كما صورتهم أمهات الكتب على أنهم بشر عاديون يخطئون ويصيبون.