السبت ١٩ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم أوس داوود يعقوب

أكبر قصيدة شعرية جماعية عن العودة

إحياءً لأدب العودة واستلهاماً من أدبيات العودة في تراث الأدباء الفلسطينيين الأوائل من الأدباء و الشعراء، ولتكريس ثقافة العودة في الأجيال الفلسطينية التي لم تدرك النكبة أو النكسة والتي لا تزال تتصل برباط قوي بفلسطين، أطلقت مؤسسة "بيت فلسطين للشعر" بالتعاون مع تجمّع العودة الفلسطيني «واجب» مشروع «قصيدة العودة.. أكبر قصيدة جماعية عن العودة»، ليكون محوراً من محاور حضور فلسطين والعودة في نفوس الناس من جهة، وحشد الأصوات الشعرية في صياغة قصيدة جماعية يكون لها حضورها الوجداني والعقلي معاً في هذه القضية المهمة، وذلك تزامناً مع الذكرى الثانية والستين لنكبة فلسطين، ولكي يظل صوت الوطن قصائد أمل إلى يوم العودة والتحرير.

وتحت شعار:

غداً سنعود والأجيالُ تُصغي
إلى وقع الخطى عِندَ الإِياب

دعت المؤسستان شعراء فلسطين والعالم العربي إلى المشاركة في تأليف أكبر قصيدة شعرية جماعية عن العودة، وذلك بعنوان «قصيدة العودة». واعتبرت المؤسستان أن هذا المشروع " يؤكد الشاعر من خلاله انحيازه إلى القيم العليا التي يؤمن بها من إصرار على الحرية ورفض للاحتلال وتمسك بالحق والعدل ".
وقد اختيرت قصيدة «سنعود» للشاعر الفلسطيني الراحل عبد الكريم الكرمي «أبو سلمى» ليكتب الشعراء «المعارضات الشعرية» على وزنها وقافيتها ومضمونها، بحيث لا تقل المشاركات عن خمسة أبيات شعرية ولا تزيد على 15 أبيات لكل قصيدة.
ويقول في مطلعها:

خَلَعتُ على ملاعبها شَبابي
وأحلامي على خُضْرِ الرَّوابي
ولي في كُلِّ مُنْعَطَفٍ لقاءٌ
مُوَشَّى بالسّلام وبالعِتاب
وما رَوَت المروجُ سوى غنائي
وما رَوَّى الكرومَ سوى شرَابي

إلى أن يقول في وصف حالته بعد فراقه قسراً لوطنه:

فلسطينُ الحبيبة! كيف أَحيا
بعيداً عَنْ سهولك والهضاب
تُناديني السُّفوحُ مُخَضَّباتٍ
وفي الآفاقِ آثارُ الخِضاب
دعوة متواصلة للشعراء

حدد القائمون على مشروع القصيدة الجماعية يوم 30/6/2010، موعداً أخيراً لتسلم المشاركات، على أن تُعرض «المشاركات أمام لجنة محكّمة للنظر في مطابقة النصوص المشاركة لشروط المشروع». و« ستجمع القصائد المشاركة لتكون قصيدة جماعية واحدة تحمل عنوان (قصيدة العودة)، وتُنشر قصيدة العودة في كتاب خاص يطلق في فعالية خاصة».
ولمعرفة الأسباب التي حالت دون الانتهاء من«القصيدة المشروع» التقينا بالشاعر الفلسطيني سمير عطية مدير بيت فلسطين للشعر وتحدثت معه حول مشروع قصيدة العودة فأفاد: لابد من الإشارة أولاً أن المشروع تخصصي ثقافي لحمل الراية الفلسطينية العربية في الميدان الثقافي والتأكيد على أن رسالة الشاعر هي مع الحق الفلسطيني.

ولقد حددنا آخر أجل للمشاركة في هذه القصيدة في الأول من شباط/فبراير 2001م، وذلك استجابة لطلبات الشعراء والمشاركين، لحشد الطاقات، وقد قاربت المشاركات حالياً على المئة بعد عملية انتقاء تمت وفق المعايير المطلوبة، وهنا أنوه أن قصيدة العودة هي تماهي مع نص شعري لزيتونة فلسطين الشاعر الكبير الراحل عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى)، الذي دفن في سوريا، فمن هذا البلد المطاء المضياف نطلق رسالة أننا نحن ورثة زيتونة فلسطين، وهؤلاء الشعراء هم أوراق وثمار هذه الزيتونة الصالحة التي لم تفسد مع هواء الغربة والشتات.

وأضاف عطية: القصيدة ستكون جاهزة بشكلها النهائي في مطلع شهر نيسان/أبريل القادم، وسوف تطبع في كتاب أنيق، يوزع يوم الاحتفالية، التي ستكون مناسبة أيضاً لتكريم الشعراء المدعوين والموجودين بيننا، ومن الأسماء المشاركة أذكر الشاعر السوري الكبير مصطفى عكرمة، ومن الشعراء الفلسطينيين صالح الهواري ومحمود حامد وغيرهما الكثير، وهناك شعراء من مصر والسعودية والمغرب العربي الكبير..

وكان مدير "بيت فلسطين للشعر" قد دعا في مقالة له نشرت في تاريخ 20/06/2010م، إلى تجديد " الدعوة لشعراء فلسطين والعالم العربي، بل وكل من يكتب الشعر باللغة العربية إلى التفاعل مع هذا المشروع الثقافي الذي سيكون لبنة في صرح ثقافة العودة وطنياً وعربياً وإسلامياً وإنسانياً. حيث كان الشعراء العرب من أوائل من ناصروا شعبنا في مطلع القرن العشرين، من العراق حيث محمد مهدي الجواهري إلى بلاد الشام حيث خير الدين الزركلي وعمر أبو ريشة ومروراً بشبه الجزيرة العربية حيث خالد الفرج وسالم العويس ومحمد الزبيري، ومروراً بمصر حيث أحمد محرم والشاعر المصري اليمني علي أحمد باكثير وليس انتهاءً بالمغرب وشاعرها عبد الرحمن حجي بل والمهجر الذي كتب منه بشارة الخوري وغيرهم الكثير الكثير".
وأضاف عطية: " لذا هي دعوة متجددة للشعراء أن يتحلقوا حول العودة، دعوة لأقلامهم أن تناصر فلسطين، ودعوة للشعراء العرب الذين يفخرون بشعراء السيف والقلم على الدوام أن تنتفض محابرهم ليكونوا على مستوى التحدي الثقافي الذي تواجهه الأمة بكلمات تكون قادرة على تفعيل الوجدان وتحريك العاطفة. ومن يدري؟! ربما وجدنا بعد هذه القصيدة من يطبق العودة ولو على طريقته الخاصة مثل الحاج الثمانيني مطر الذي أراد أن يعبر الحدود إلى بلدته يبنا مروراً ببيت حانون شمال قطاع غزة، فاخترقت جسده سبع رصاصات صهيونية ليسجل بدمائه أجمل أبيات من قصيدة العودة".

ويقول الكاتب علي الرشيد في مقال نشرته جريدة الشرق القطرية عن مشروع قصيدة العودة:
«إن هذه المبادرة الأدبية لـ«بيت فلسطين للشعر» بالتعاون «تجمع العودة الفلسطيني» غير المسبوقة فلسطينياً وعربياً تستحق الاحتفاء والاحتفال لأكثر من سبب: فهي تأتي أولاً في إطار الاهتمام بموضوع جاد وكبير ينبغي له أن يحتل مساحة مهمة في وجدان وذاكرة أجيالنا الراهنة والمستقبلية، على المستويات العقدية والسياسية والفكرية، وهو موضوع حق العودة في إطار قضية العرب والمسلمين المركزية: فلسطين المحتلة، في وقت تتزايد فيه وتيرة التآمر لكي يجري إسقاط هذا الحق أو تمييعه ببصمة النظامين الفلسطيني والعربي».

ويضيف قائلاً: «لقد وفق المنظمون لهذا المشروع حينما طلب من الشعراء معارضة قصيدة الشاعر عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى)، لأن هذا الشاعر من الأسماء اللامعة التي حفرت اسمها في ديوان الشعر العربي والفلسطيني باقتدار، وتعتبر قصيدته «سنعود» من أرقّ وأرقى ما كتبه شعراً وأكثره عذوبة، عبّر فيها عن حبّ المتيم لأرضه وشوق الملتاع للعودة إلى مرابع الأهل ومدارج الصبا، بكل ما يختزنه القلب من ذكريات جميلة وما يعتلج في الصدر من آهات مكلومة، وبنبرة لا تخلو من الثقة الأكيدة باللقاء».

جدير بالذكر أن تجمّع العودة الفلسطيني «واجب» أصدر عشية انعقاد الملتقى العربي والدولي لحق العودة في دمشق، كتاب (ديوان العودة) من إعداد وتحرير الشاعر سمير عطية.

وفي هذا الكتاب اختار عطية مئة قصيدة شعرية عن فلسطين خلال أكثر من سبعين عاماً، أضاء من خلالها على نماذج أدبية متنوعة، وقدم نصوصاً شعرية متميزة تنشر لأول مرة، ويعتبر هذا بحد ذاته إثراءً للتجربة الثقافية الفلسطينية والعربية.

وقد اختار الكاتب عنوان«العودة» كمفردة أمل لدى جميع الشعراء، رغم أن نكبة عام 1948 ونكسة عام 1967 نتج عنهما مضامين موجعة للقصائد تتضح من خلال أبواب الكتاب الثلاثة.
يقع الكتاب في أكثر من 500 صفحة من القطع المتوسط ويضم ثلاثة أبواب، كما يحتوي على وثائق شعرية مهمة.

وقد حظي شعراء فلسطين بنصيب مهم من هذا الكتاب على اختلاف تجاربهم الثقافية وألوانهم الفكرية، كما وقف عند تجارب الشعراء العرب في أكثر من بلد وعبر أكثر من محطة زمنية في تاريخ القضية الفلسطينية وكيف تفاعلوا معها منذ "وعد بلفور" المشؤوم وليس انتهاء بانتفاضة الأقصى.

وذكر القائمون على إصدار الكتاب، من تجمّع العودة الفلسطيني «واجب» أنه: "يأتي ليشكل إضافة مهمة ونوعية لمكتبة «أدب العودة»، بما يجعله مرجعاً يمكن الاعتماد عليه في كثير من الدراسات والأبحاث ذات الصلة، كما أنه يأتي ضمن سلسلة من الإصدارات التي يعمل التجمع على إصدارها لرفد قضية العودة بمختلف جوانبها".

والشاعر والأديب سمير محمود عطية هو من مواليد دولة الكويت نيسان/ابريل عام 1972م، وقد هجرت عائلته من قرية (سيلة الظهر) في فلسطين عام 1967م.

حاصل على بكالوريوس في اللغة العربية من كلية الآداب في جامعة صنعاء في الجمهورية اليمنية، عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وهو كاتب متخصص في «أدب العودة» منذ عام 2003م.

وفي الإجابة على سؤال "لماذا هذا الكتاب؟" يقول الشاعر عطية: "لابد للشعب الذي تنتمي هويته إلى حطين وعين جالوت أن يظل صامداً مصابراً رغم حالات الضعف التي تعيشها الأمة، لذلك كان من الطبيعي أن يستنفر طاقاته و جهوده من أجل حالة استنهاض أملاً في يوم الخلاص والتحرير، ولقد كانت الكلمة المقاتلة والمعبرة في طليعة هذا الاستنهاض، وشكلت القصيدة المتمسكة بعرى الوطن لسان صدق على شفاه المخلصين؛ تحفظها الأجيال وتسلمها إلى الأبناء إرثاً لا يتخلى عنه بأي حال من الأحوال".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى