الأربعاء ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٤
بقلم جمال المرسي

أَعِرْنِي مِسْمَعاً

أعِرْنِي مِسْمَعاً ، و اْسمَعْ شَكاتِي
و كَفْكِفْ أَدْمُعـاً لـي سَائِبـاتِ
فَمَـا تَوْدِيـعُ أحبابـي يَسِـيـرٌ
و قد أَسْكَنْتُهُـمْ أَعمـاقَ ذاتِـي
و رِيمٍ قَدْ تَرَعْرَعَ فـي الحنايـا
عَرَفْتُ بِقُرْبِـهِ صَفْـوَ الحيـاةِ
رأيـتُ بعيْنِـهِ الدُّنْيـا رَبِيـعـاً
و كانـتْ كالقِفـارِ المُوحِشـاتِ
بَلَوْتُ مشاعري ، فرأيـتُ أَنِّـي
بلا عيْنيْهِ أدنـو مـن مَمَاتـي
كأنِّي غارقٌ فـي بحـرِ يأسـي
و فـي يُمنـاهُ أطـواقُ النجـاةِ
سأهـربُ.. رُبَّما..لَكِـنْ إلـيْـهِ
و أركِـزُ فـي حديقَتِـهِ رُفاتـي
أموتُ ، فَيَمَّحِي جِسْمِي و رَسْمِي
و تَبْقَـى مُشْرِقَـاتٍ ذِكْريـاتـي
تَـلألأُ فـي نَوَادِيكُـمْ كَـبَـدْرٍ
و تَطْرُقُ كالنُّجـومِ السَّاطِعـاتٍِ
و تَبْقَى بينكُـمْ رُوحِـي كَطِفـلٍ
تَنَعَّـمَ فـي أريـجِ النَّرْجِسـاتِ
أنا ما غِبْتُ عنكمْ عـن قُصُـورٍ
و لَكِنْ عاتَبَـتْ قَلَمِـي دواتـي
أُراجِعُ سِفرَ عُمـري كـلَّ يـومٍ
أُقَلِّبُـهُ علـى كُـلِّ الجِـهـاتِ
و أسألُ في الحوادِثِ أينَ سيفي
تَثَلَّمَ ؟ أَمْ غدا فـي مُهمَلاتـي ؟
و أينَ يراعتي ؟ يا ويحَ نفسـي
أأنسى أُمَّتـي فـي الحادِثـاتِ ؟
و هل مِثلُ اليراعةِ مِـنْ سِـلاحٍ
إذا ما أَغْرَقَتْ سُفُنِي عِداتـي ؟
و وَلَّتْ دُبْرَها في الحَرْبِ خَيْلـي
و طاشَتْ عن مَرَامِيهَـا قَنَاتِـي
لِمَنْ أُبْدِي عنِ التقصيرِ عُـذري
و ذَنْبِي فَاقَ كُـلَّ تَصَوُّراتـي ؟
لِبَغْدادَ التـي سَكَنَـتْ عُيونـي
فَأَدْمَتْ مُقْلَتِـي جُنـدُ الغُـزاةِ ؟
أَمِ الفلُّوجَـةِ العـذراءِ ، نـادتْ
فَما وَجَدَتْ سِوَى سيفِ الجُناةِ ؟
و هلْ سَيُسَامِحُ الأقصـى مُحِبَّـاً
أسيـراً للعُيـونِ الناعسـاتِ ؟
غَدَوْتُ و قَدْ لَبِسْتُ ثيابَ غـربٍ
كقومي ، عارياً ضمـنَ العُـراةِ
ظَمِئْتُ فَجَرَّعوُنِي كأسَ صَمْتِـي
و ثُـرْتُ ، فَغَيَّبـوا بِمُخَـدِّراتِ
طَوانِي الجُوعُ ، أُلْقِمْتُ المنايـا
فألجأتُ الجُفُونَ إلـى السُّبـاتِ
ألا مَنْ يوقِـظُ الأحـلامَ عِنـدي
و يسعى كـيْ يُحَقِّـقَ أُمْنياتـي
و يُنْقِذَنِـي إذا أَحْرَقْـتُ أمسـي
بنارِ الوهمِ فـي بـرْدِ الشتـاتِ
أناْ العَرَبِـيُّ ، تاريخـي مجيـدٌ
و تَشْهَدُ مـا حَوَتْـهُ مُجَلَّداتـي
و لِيْ لُغَةٌ ، بديعُ الحرفِ فيهـا
هيَ المِشكاةُ فـي ليـلِ السُّـراةِ
أنا العَرَبِـيُّ ، إِنْجَـازِي عظيـمٌ
سَلُوُهُـمْ إنْ جَهلْتُـمْ مُنْجَزاتـي
سَلُوا بَلَدَ الوليدِ ، سَلُـوا أثينـا
سَلُوا الحمراءَ عن مجـدِ الأُبـاةِ
أناْ العَرَبِيُّ ، تجري في عُروقِـي
دِماءُ الطُّهْرِ ، رُغْـمَ المُغْرِيـاتِ
أنا العربـيُّ ، مهمـا أَمْرَكُونِـي
حَفَظْـتُ مَبَادِئِـي و مُسَلَّمَاتـي
كِتابُ اللهِ نِبْراسِـي ، و نَهْجِـي
سبيلُ المُصْطَفى خيـرِ الهُـداةِ
و شمسُ الحقِّ تُشرِقُ في سمائي
فلا عَجَـبٌ إذا كَثُـرَتْ غُزاتـي
فإنَّ النورَ يَجْـذِبُ مـن تَعامـى
عنِ الإيمانِ فـي مـاضٍ و آتِ

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى