الاثنين ٢ تموز (يوليو) ٢٠١٨
خاطرة من الذاكرة (1)
بقلم فاروق مواسي

إتفو يا رياح!

كنت في الصف الحادي عشر سنة 1957، وكنت أستعير من المكتبة العامة بعض الكتب، وأذكر أنني استعرت مجلة اسمها "الضياء".

بينما كنت أتصفح المجلة وقفت على بيتين من الشعر أعجبني فيهما غضب الشاعر، وقوله في النهاية "إتفو عليك"!

ظل البيتان بما فيهما من بصقة عجيبة في ذاكرتي، فالبيتان هما لشاعر سافر من إسنا إلى أدفو في مصر، وهو يبصق غاضبًا على البحر أو على الرياح- لا أذكر.

من حسنات الفيسبوك أنه يجمع أيضًا بين الدارسين، فإذا بي أرى في أحد التعليقات اسم "عبد الرحيم شاعر إسنا".

سرعان ما خطر على بالي اسم (إسنا)، فسألت صاحبنا على التو:

أخي شاعر إسنا:

هل تعرف البيتين عن إسنا وأدفو ومن الشاعر:

ركبنا البحر من إسنا صباحًا
فكنا في المساء نؤم أدفو
فهب الريح من أدفو علينا
فإتفو عليك يا بحر إتفو

العجز في الأخير لا يستقيم، ولكني سأجرب وأجري عليه يد الوزن:

فإتفو يا رياح عليك إتفو

أجابني شاعر إسنا:
حقيقة الأمر أني أول مرة أقرأ هذا الشعر، ولأول مرة أيضا أعرف بشأن القصيدة،
ولكني سأبحث عن هذه الأبيات إن شاء الله.

ثم عاد وكتب لي:

هذه من أجمل الطرائف التي عرفتها حتى الآن عن بلدتي إسنا وجارتها إدفو
شكرا جزيلا لحضرتك هذه اللافتة والإشارة الجميلة.

بالفعل يستقيم الوزن – كما اقترحت- على بحر الوافر.
حياك الله وبياك!

بعد بحث أرفق عبد الرحيم صورة، مذكّرًا حكاية االبيتين، فهما لحفني ناصف- الأديب المصري، (1856- 1919)، وإذا بختام البيتين كما توقعت.

فحفني ناصف كان قاضيًا في صعيد مصر ركب في مركب من مدينة إسنا متوجهًا إلى أدفو، وهي مدينة تقع جنوبيها، فهبت الرياح الهوجاء، وعوّقت الحركة وأقلقت الركاب، فقال هذين البيتين.

أضاف صديقنا ابن إسنا، وزاد من لطفه:

ولكن لو أن القاضي حفني ناصف أكملهما قصيدة، لكانت أروع وأجمل وأجمل! "

حفظك الله ورعاك وبارك في عمرك أستاذنا العزيز الفاضل!

كم أنا سعيد بهذا الحوار مع قامة أدبية كبيرة مثل حضرتك".

الصورة من مجلة "الوحدة" السورية العدد 7099 الصادرة في 3 أغسطس 2009.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى