الثلاثاء ١٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٦
بقلم شاهر خضرة

الأسماء - ديوان شعر لشاهر الخضرة قسم 2

إربد

إربد :
تحتضنُ كلَّ غريبٍ
وتقفو إثرَه ،
مأساتي
أنَّها لم تعتبرني كذلك .
* * *
إربد :
عيونٌ لا تُعمِّرُ
إلاّ على ضفافِ النساء ،
وإذا ماتت ففيهنَّ .
* * *
إربد :
خيطٌ عبرَ في قلبي
أحدُ طَرَفَيْه عَمّان ،
والآخر دمشق ،
كلَّما أُخيطُ به ينسلُ
كونهما غير منعقدتين .
* * *
إربد :
أيقونةُ حوران
وحزني المصلوبُ على بوَّابةِ
الفرح .
* * *
إربد :
سأتسلَّلُ إليها
كما تتسلَّلُ البسمةُ
من خلال شعانين
لحيةِ ( محمود عيسى موسى )* .
إربد :
مدينةٌ اهتديتُ إلى شكِّي -
وأَنِسْتُ به - في ضبابِ لياليها ،
كما أَنِسَ
( أديب عبّاسي ) * إلى خلوته .
* * *
إربد :
يدُ ( سليمان الأزرعي )*
وقلبُه الأبيضان
ككأسِ العَرَق .
* * *
إربد :
مبانيها أشدُّ بياضاً
من شَعْرِ ( جودت السعد )*
ولكنها لا تُلَوِّحُ برأسِها
في وجهِ السماء .
* * *
إربد ! .
آهِ ما أجملَ الشتاء
وهو يغسلُ سُـرَّتَـيْـنَا معاً
بالمطرِ يا حبيبتي .
* * *
إربد :
سأقترنُ بكِ و . .
ولْيُسَامحْني المسيح .
 
_ بغداد :
. . . .
تحاسَدا وتحاقَدا ،
تناءيا وتواجها ،
بصقَ كلٌّ منهما في وجهِ الآخر ،
وأنا موثوقٌ بينهما أتبلَّل
من قُبُلٍ ومن دُبُر .
 
_ بيروت :
أجنحةٌ تخفق في الأفق ،
خانتني الرياحُ
قبلَ أن يلتحمَ بها خيالي
المقصوص .
* * *
بيروت :
أطلقتْ نيرانَها
على خيالِ السماء
بينما كانت الأرضُ
تراودُها عن نفسها .
 
مكَّة :
رغم كل هذا البياض الذي
يطوفُ بها و يغمرُها ،
كان لونُها أسيَّاً
كثوبِ الكعبةِ غِبَّ الحج .
* * *
مكَّة :
مدينةٌ ذهبَ صوتُ إبراهيم
في كلِّ الأصقاع
أن يأتوها رجالاً وركباناً
وعلى كلِّ ضامرٍ
( " ليشهدوا منافعَ لهم " )
هل تكفأُ الصوتَ إلى
حلقِ إبراهيم
السَّعْوَدَةُ ؟ .
 
جدَّة :
مدينةٌ . .
تشتهي شهرزادُ
أن تحكي حكاياتِها
ألفَ ليلةٍ وليلة ،
لكنَّ شهريار
مقْعٍ أمام قنواتِ التلفاز ،
يُمَسِّدُ ( الريموت )
كراعٍ متكِئٍ بجانبِ النار .
* * *
الرياض :
شعورٌ اكتنفَنِي
أنَّه بالإمكانِ أنْ يكونَ
للرمالِ قناديلٌ
تضيء ،
إذا ما توفَّرَ لها زيتُ الرجال
ورجالُ الزيت .
* * *
الرياض :
امرأةٌ عربيةُ الوجهِ واليدِ
واللسان ،
لكن يحتاجُ من يرغبُ
الاقترانَ بها
للغاتٍ أخرى
ليُحسِنَ الباءة .
الرياض :
روي عن ( ناصر القصبي )
في ( طاش ما طاش )
أنَّهُ قال :
لا فضلَ لعربيٍّ
على عربيٍ
إلاّ بالسعْوَدة .
حفر الباطن :
عودُ ثقابٍ في خاطري
عبثَ بهِ أرعنُ
فأحرقَ ذاكرتي .
* * *
المجمعة :
ضيافةٌ شدَّتْ أواصرَ
احترامي لها
امرأةٌ لا تخبزُ خبزَها
على نارِ المنِّ والأذى .
.
البقعاء :
رجلان
رجلٌ قتلني
ورجلٌ واراني الثرى .
* * *
البقعاء :
امرأتان
امرأةٌ قتلتْني ،
وامرأةٌ وارتْ قلبي الهوى .
* * *
البقعاء :
بلدةٌ تعلَّمتُ فيها
أن أغبطَ القردَ على
احمرارِ قفاه ،
وأنا أُرَقِّصَهُ أمام الحاسدين .
* * *
البقعاء :
حبيبةٌ شهِدَ قلبي
على وفاءِ نسائها ،
ورجالها ،
وفاء كلٍّ لهواه .
* * *
ضباء :
انكفأتْ إلى شاطئ
البحرِ عاريةً ،
فأحبَّها البحرُ وأفرغَ صخورهُ
على صدرِها ،
وراحَ يشحذُ مرجانَه
بملحه المسنَّن .
.
النفط :
جسدٌ اختزنَ دفقَ
الشموس ( عازباً )
آلافَ السنين ،
ولكنَّهُ تزوَّج أخيراً
وأنجب بعضَ أولاده الباردين .
.
كفيل :
رجلٌ
يذبحُ الخرفانَ كرَماً
والعمَّالَ فرعنةً
والليلَ حسَداً
لكنَّهُ يبكي بشدةٍ
في صلاة التراويح .
 
_ ليبيا :
أيُّها الطائرُ المكسوّ
بريشهِ الناريِّ ،
مع أنَّني كنتُ واضحاً
تحت عمودكَ الخفيّ
إلاّ أنَّ صفيرَك الحادّ
لم يجعلني مهيَّأً للظهور ،
أنتَ قَدِمْتَ على ظهرٍ شتائيّ
لتبحثَ عن وشائجنا
فأعياكَ السُباتُ .
. . .
ليتمجَّد الأسودان
خبزُك والماء .
 
- سبها :
فراغٌ أثيثٌ على عارضَيْ القلب ،
حبٌ أرعنُ . . حالَمَا الوحشةُ
تسدُّ منافذَها ،
ازدواجيَّةٌ تتوكَّأُ على مرارةٍ واحدة
اقتلاعٌ للجسدِ من داليتهِ
وحرقُهُ أخضرَ على نارِ ذاكرتهِ ،
هزيمةٌ للنارِ وفقدٌ للأرض
في شِعابٍ خفيّة ،
حيثُ لا يهطلُ المطرُ
مكسورَ الجنحين .
 
_ باســــمِ الماء
أنزلتُ قلبي كالزورقِ
في الماء الذي لا يَعْزُبُ عن خاطري ،
أنزلتُهُ مُحَمَّلاً
أمرتُ الملاّحَ المتكلِّسَ
أن يمخرَ في وهمي
ويُجدِّفَ _ مُثقلاً بالجنونِ
واللعناتِ المُحْمَرَّة _
نحو باطنِ الأرض ،
نمخرُ ونخرقُ بكارةَ الينابيع ،
كقرية نملٍ ،
كفئرانِ المراكبِ القديمة ،
نبتغي تقديمَ اعتذارٍ لخصبها
علَّهُ يضمُّنا بين شفتيه ،
كاللسان بألمِ الولادة .
 
أنا وأسماء الكائنات
 
صادقتُ الطرقاتِ والأزمنةَ ،
صادقتُ المخلوقاتِ السويَّةَ والشاذَّةْ ،
الدجاجَ والأرانبَ
الكلابَ
الحميرَ
الإنسانَ بجنسيه الأليف والوحشيّ ،
لم أرَ وفيَّاً لي أبداً مثلَ النباتْ ،
منذ انفلاق بذرته حتى الرمادْ .
------
الدالية :
بينما كنتُ انتظرُ عناقيدَها
حتى تنضج ،
كانت الدبابيرُ تبقرُ عنَبَها وتأتي عليها ،
فلا أقطفُ سوى البزورِ المعلَّقةِ بعيدانها .
---------.
البيلسانة :
كانت ترتدي خمارَها أمامي
كل صيف ،
وفي الشتاء لا أُعيرُ عُرْيَها أي اهتمام .
--------
الخطمية :
تعلَّمْتُ من النحلِ أن آكلَ
تويجَ الخطميَّةِ صيفاً ،
ومن جدَّتي أن أشربَ مغليَّها
ممزوجاً بعسل النحل نفسه شتاءً .
.
شب الظريف :
كان جَدِّي يُرَطِّبُ تبغَه بورق " شب الظريف "
وجَدَّتي تضعُ ورقةً منهُ فوقَ حبَّة الحُمُّص
لتطرِّي كَيَّاً بساقها ،
تيبَّسَ دخانُ جَدِّي بعدَ رحيلِ زفيرِه ،
وجَفَّ كَيُّ جَدَّتي و( قَرْمَشَهُ ) الدودُ ،
وظلَّ قلبي ينفثُ الدُّخانَ من كَيِّهِ
على مدى طراوةِ " شب الظريف " في الذاكرة .
------------.
الرمّانة :
في يوم شتائيٍّ مشمسٍ
احلولى لي أن أتبخترَ أمامَ رُمَّانَتِنا عارياً
وأقارنَ جسدينا ،
أتفاخرَ وهي واجمةٌ ،
وإذْ سمعنا صوتَ جَدِّي
هَرَعْتُ إلى ثيابي
وكأنما يصفع قفاي ضحكُها ،
في الحقيقة كانت ما تزال واجمة ،
مُتَسَمِّرَةً في مكانِها
تشدُّ فَخِذِيْها إلى الأرضِ .
-------------.
التوتة :
بذرةٌ نبتتْ لوحدها في دارنا ،
دأبتُ أضَعُ فراشي بحذائها ،
ألوي عودَها اللدِنَ تحتَ لحافي ،
ونغفو معاً ،
لاحظَ جَدِّي انحناءَ
جذعِها إلى التراب ،
عمِلَ لها دعامةً لِتَسْتقيم
وتركني مُعْوَجَّاً إلى الأرض ! .
-----------
الجُـنَـيْـنَة :
كنتُ أنظر من النافذة ،
إلى المطر وهو ينهمرُ
على جُـنَـيْـنتنا ذات سحابة ،
فيزيلُ عنها إرهاقَ الصيف ،
وتغتسلُ العيدانُ حتى تنجلي نسوغُها .
راوَدَني أنْ أفعلَ مثلَهم
وأتعرَّى بغفلةٍ من جَدِّيَّ ،
النافذة أَفْسَدَتْ عليَّ لذَّةَ المطرْ ،
حيثُ جَدِّي وجَدَّتي يَضحكان
من عُرْيِي ويتجاهلانِ الشجر .
--------
آيةُ النسغ :
أنتَ أيّها الجلْدُ الذي يُحِبُّ العُرْيَ
في كل الفصول ،
أَوْصِ إنْ شئتَ
كيْ يضعوكَ في القبرِ عارياً ،
قلبي لا يتَعرَّى
سوى في موسمِ القصيدة ،
حتى إذا مِتُّ ،
فليس ثمَّةَ ما يُدْرَجُ في الكفن ! .

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى