الأحد ٢٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٨
بقلم نايف عبوش

الثقافة الرقمية.. وهوس النجومية السريعة

لاشك أن فضاء الواقع الافتراضي، بما هو من بين ابرز تقنيات معطيات العصرنة سعة في التواصل، والإستخدام ،قد فتح أبواب المعرفة، والثقافة العامة للجميع، على مصراعيها، ليدلو كل من شاء بالمشاركة في التفاعل مع معطيات هذا الفضاء بدلوه، على هواه، دون قيود تذكر، سوى مستوى وعيه المعرفي، وحسه الثقافي .

لكن الملاحظ، مع كل ذلك، أن ثقافة الكتاب الورقي أيام زمان، كانت حقاً، اعمق، واكثف، وارصن، سواء من حيث معايير وأسلوب التعاطي معها، بصيغة النخبة المهنية المختصة، او بطريقة الهواية الذاتية، التواقة للتحصيل المعرفي الجاد. ولذلك كان التحصيل العلمي، والعطاء المعرفي بتلك الوسيلة، يوم ذاك، راقياً،لغة، وثقافة، وتعاطيا، وتداولا.

في حين تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة الثقافة الرقمية، في فضاء الواقع الافتراضي،اليوم، تبدو مشوشة، وتفتقر إلى الإلمام المعياري ، تحصيلا، وعطاء، حيث يلاحظ أن أغلب الكتابات المتداولة في هذا الفضاء، ركيكة اللغة، أسلوباً، واملاءا، ونصا، وذلك لسهولة ولوج هذا المعترك، بسبب حرية التعاطي، والافتقار إلى المعايير المهنية، سواءً في مجال التحصيل، او العطاء، مما أدى إلى تداول نتاجات ، ومنشورات، ذات محتوى متدني مضمونا، وشكلا، الأمر الذي أنتج ثقافة مشوشة، تعوزها الرصانة، وتفتقر إلى الجاذبية، وينقصها التأثير في الجمهور المتلقي، لاسيما أولئك الذين يمتلكون منهم خلفية معرفية جيدة، ويتميزون بذائقة أدبية عالية، تؤهلهم لفرز الغث من النتاجات، مما هو سمين منها.

ومن هنا فإن الأمر يتطلب من الطاقات الواعدة، الإنتباه الجدي لتجاوز هذا الحال ، والعمل على الإرتقاء بقدراتهم المعرفية، لغة واملاءا، وتحصيلا، على نحو مسؤول، لكي تأتي منشوراتهم بنتاجاتهم، رصينة، وممتعة، ومفيدة، بعد أن يتجاوزوا حس الهوس بعصرية الثقافة الرقمية، الذي يدفع بالبعض، للتطلع إلى النجومية السريعة الخاوية،دون أن يتحسبوا إلى مآل السقوط العاجل بنفس السرعة، ما لم يرتقوا بامكاناتهم المعرفية، والثقافية إلى الحد المعقول مهنياً.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى