الأحد ٦ آذار (مارس) ٢٠١١
في رثاء أستاذي
بقلم
الجليل أحمد جلال
أعودُ إليك، يغشاني البكاءُ | وهذا الشعر يأسِرُه الرثاء |
وتفضحني الدموعُ عليك حُزناً | فأسألُها، أليسَ لكِ انتهاء؟؟ |
لماذا كان إنْ أحببتُ شخصاً | بتلكَ الأرضِ أهلَكَه الفناء |
أنِ انقَطَعَتْ عن الأسبابِ صُرْفٌ | تفرِّقنا، وليسَ بها رجاء؟؟ |
وكنتَ اليومَ في أرضٍ، وإني | أكونُ اليومَ في أخرى أُناءُ |
فَيَا وَجَعَ الضُروبِ عليك لمّا | بحورُ الشعر غادرها البناء |
ويا وَجَعَ المجالس إذ تَغيب | عن الأبصار يَحْجُبك الخَفَاء |
وما جَزَعي عليك سوى افتقاري | إلى دنياك طاب بها البقاء |
أيا بحرَ العلوم بما احتواه | ونورُ الله كان له السناء |
كأنّ العلم كان له الغذاءُ | بِمَحفله، وكان له الكساء |
وأنّ الشمسَ قد أهدته نوراً | أو البدرَ اصطفته لها السماءُ |
وألبَسَه بديعُ النظم تاجاً | تُرى، عجباً!!، بصيرتُه تُضاء |
ربيعَ المجلِس الشادي دروساً | وحقلَ الفكرِ أرْبَاه النماء |
أتعجبُ من بكاء البحر لمّا | تلاشى عن عوارضه الضياء؟! |
فناجى الهمَّ موجتَه ولكنْ | بها سَكَنٌ يغادره الهواء |
كأنك لستَ تدري ما مصابي | وما في وحشتي سَأِمَ المساء |
بلى تدري، طبيبَ الروح لكنْ | رحلتَ وغار في يدك الدواء |
فأصْغِ الآن، إذ يُلقى افتراءً | على سمعي تلاطمه المِراء |
يقولُ الصحب لم أحفظْ عهودي | ولم أحُسِنْ بما حَسُنَ الوفاء |
وأهجرُ منك أسبابَ التلاقي | وأخبُو حين يَحْضُرك الثناء |
وكم جنحوا عليَّ بذاك حتى | لَعَمْري قِيْلَ: (هذا هو الجزاءُ؟!) |
أينسى الشمعُ من أذكاه نوراً | وينسى الوردُ ما حَمَلَ السناء؟! |
وما كل التقوّلِ كان صِدقاً | ولكنْ صِدْقُ ما نطق البكاء |
فمعذرتي الغيابَ، تُرى أمثلي | يغيبُ إذا أقيم لك العزاء؟! |
بحقِّ الله معذرةً فحسبي | بِطولِ البُعد أوْحَشَني استياء |
وأحداثٌ تقاذَفَها اضطهاد | وأهوال يُسَيّرُها البلاء |
وبين النفس والغايات جَهْدٌ | وبين الكاف والنون القضاء |
أعود إليك أستاذي بذكرى | إلى عِقدين ناغَهُما الزهاء |
أعود إليك ما هَمَلتْ عيوني | وأنطقُ ما به نَطَق الوفاء: |
إذا ما الأمسُ يَطويك اندثاراً | يشبُّ الإثرَ من غَدِكَ العلاءُ |