الشتاء الحزين
عندما وصلنا خبر رحيل الأديب الكبير ممدوح عدوان كنّا مازلنا لم نلملم جراح قلوبنا بعد من رحيل أديبنا الكبير محمود المسعدي الذي فارقنا فجر الخميس 16 ديسمبر 2004 عن عمر تناهز 93 سنة .رحل المسعدي الذي مثّل اهم كاتب تونسي في القرن العشرين فرغم قلة انتاجه الأدبي فقد ظلّ نصوصه حقلا خصبا للبحوث الأدبية مشرقا ومغربا .وبينما كنت أتصفح تراثه الأدبي تململت شخصيات أعماله ليكون هذا النص من وحي الفاجعة لأني لم أجد أحسن منه متحدّثا عن الموت والفناء.
شخوص المسعدي تروي رحيله
أريد ان أقتل الموت لأن الأبد واجب والحياة….
من مولد النسيان
حدّث أبو هريرة قال:
"كانت الليلة مأساة قلقا قلّبا دويّا ,يتصارخ فيها الدّمار والكيان وينبو كلّ شيء عن القرار ,كأنّ عدما يجهد إلى الوجود ,أو كأنّ حياة تجهد إلى الفناء.."
ترك غيلان الخيمة ذارفا دمعه .كان مدين امام المحمود المسجّى يكابر كعادته متمتما"إنّا لا نفتأ نطلب الحياة ونطعم ونشرب فنهيّء للدود الطعام" فيجيبه المسافر "يجيء هذا المساء باليقظة والموت :بشوق النفس وقد خان وخوى ,والطريق قد طمست عمى ,وقد امتنع الحلم والاطمئنان نأى" تنهّد السندباد وقال" الليلة عاتية ,وريح "شمال هجهاجة لاذعة ,ولعاب البحر ورماد السماء ,,,,هو ذا الكون يتقيّأ"
خارج الخيمة كانت ميمونة و غيلان يرجمان القدر بالدعوات "فيخطر فوق رأسيهما طائر غريب فيمرّ سريعا أسود فلا يطرفان ,فيعود فيمرّ فوق رأسيهما سريعا أسود ,هامة أو صدى …[فتخاطب ميمونة بعلها]ألا ندخل الخيمة؟ إنّه ليس أكره إلي من طلائع الليل ,الطيور الممتلئة ظلاما "
ضرب البغل رأسه فانفلق ,صاح غيلان :المحمود المسجّى !!!!!!!!!!!!!وركض وركضت خلفه فاستقبلتهما نسمة عطرة مرّت أمامهما رطبة ناعمة وخلفها كانت ليلى تعوي …[قلت لك يا مدين]إن الزمان سنّة حتم :سنّة الله ,سنّة الكيان ,سنّة الموت ,طيّا فطيّا "6 يحتضنها مدين ثمّ يحتضن غيلان "سنّة الخدعة .انّه لم يكرّه لي الموت إلاّ أنّه سرقة وافتراء واحتيال"
في الركن البعيد كان عمران يحتضن دانية قائلا: لقد رحل المحمود .لقد رحل ربّنا الذي أحيانا وشكّلنا " اجهشت دانية بالبكاء وقالت :كيف يموت الذي يهب للآخرين الحياة ؟ربّت عليها عمران و قال:"اجلسي احدّثك حديث فنائك وفنائي أو تحدّثيني حديث اتفائك وانتفائي .ألم يبلغك أن الخلود عود على بدء؟"
في تلك الأثناء كانت رنجهاد تشارك صاهبّاء نخب فناء المحمود عند الوهاد …كانتا تضحكان وترقصان في فجور بينما ميارى ترحل بالنفس المطمئنة إلى دنيا الخلود .
– كل العبارات الواردة بين ضفرين مقتطفات من مؤلفات المسعدي جمعنا بينها في شكل قصصي وكل الاسماء هي اسماء لشخصيات ورقية كانت ابطالا في نصوص الفقيد
محمود المسعدي
أديب تونسي
– ولد بتازركة (ولاية نابل) في 28 كانون ثاني ـ يناير 1911 وتوفي في 16 ديسمبر 2004
– درس بالمعهد الصادقي وجامعة الصربون بباريس أين تحصّل على الاجازة في اللغة والآداب العربية 1936 ثم الدراسات العليا 1946 والتبريز 1947 وسجّل موضوع دكتوراه دولة حول الايقاع في السجع العربي نشرت في تونس سنة 1981
– درّس بالجامعة في تونس وباريس
– كان له نشاط سياسي في صفوف الحزب الحر الدستوري التونسي منذ 1933 وفي النقابة
تقلّد مناصب سياسية وثقافية كثيرة أهمها:
1 رئيس الجامعة القومية لنقابات التعليم
2 أمين عام مساعد للاتحاد التونسي للشغل
3 عضو اللجنة التنفيذية للامانة المهنية العالمية للتعليم
4 نفته السلطات الفرنسية بعد اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد
5 عضو مجلس الامة
6 مديرا للتعليم الثانوي بوزارة المعارف
7 متفقد عام للتعليم الثانوي
8 وزيرا للتربية القومية ( أنشأ نواة الجامعة التونسية)
9 وزير الشؤون الثقافية من 1973 الى 1976
10 أسس مجلة الحياة الثقافية 1975الصادرة الى اليوم عن وزارة الثقافة
11 ترأس اللجنة التونسية لليونسكو
12 عضو استشاري بالمعهد الدولي لتخطيط التربية التابع لمنظمة اليونسكو
كتب محمود المسعدي أهم مؤلفاته بين 1939 و1945 ورغم ذلك بقيت أعماله قبلة الباحثين والنقاد الى اليوم .
مؤلفاته
- السدّ
- حدّث أبو هريرة قال
- مولد النسيان
- المسافر
- من أيام عمران وتأملات أخرى
- تاصيلا لكيان
- الايقاع في السجع العربي
- الاعمال الكاملة (4 اجزاء) وزارة الثقافة التونسية 2003