لَحْنَ الْهُيَامِ أُغَنِّي دَائِماً أَبَداً
إِنْ سِرْتُ فِي شَطٍّ أَوْ هِمْتُ فِي جَبَلِ
أَوْ كُنْتُ فِي غَابٍ أَرْنُو إِلَى شَجَرٍ
أَوْ كُنْتُ فِي رَبْعٍ أَبْكِي عَلَى طَلَلِ
سَأَصْحَبُ الْوَرْقَاءَ أَيْنَمَا وُجِدَتْ
وَحَيْثُمَا نَاحَتْ فَالنَّوْحُ مِنْ قِبَلِي
أَشْدُو وَأَبْكِي فَلَا الْغِنَا يُسَلِّينِي
وَلَا الْبُكَاءُ وَلَا الْآفَاقُ تُشْرِقُ لِي
وَالشِّعْرُ أَنْسُجُهُ مِنْ لَوْعَةٍ جَثَمَتْ
فِي الْقَلْبِ كَالْجَمْرِ مَحْمُومٍ وَمُشْتَعِلِ
فَكُلَّمَا اتَّقَدَتْ سَحَّتْ أَحَاسِيسِي
شِعْراً شَجِيًّا مِنَ الْهُيَامِ وَالْغَزَلِ
أَسْقِي الْحَبِيبَةَ حُبًّا لَا يُضَارِعُهُ
حُبُّ الْجَمِيلِ وَلَا قَيْسٍ وَلَا الْأُوَلِ
كَأَنَّنِي النَّايُ بِالْأَنْغَامِ أُمْطِرُهَا
وَلَمْ تُجُدْ إِلَّا بِالْهَجْرِ وَالْعَذَلِ
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى إِرْضَاءِ مَن غَضِبَتْ
فَشَيَّدَتْ بَيْنَنَا صَرْحاً وَجُدْرَانَا
وَأَسْلَمَتْ قَلْبِي لِلْوَجْدِ يَنْهَشُهُ
وَالْوَجْدُ كَالدُّغْلِ حَيَّاتٍ وَعِقْبَانَا
هَذَا عِقَابُ الَّذِي يُؤْذِي حَبِيبَتَهُ
فَكَيْفَ تَعْفُو وَتَسْلُو كُلَّ مَا كَانَا
هَلْ يَنْفَعُ الْقَوْلُ الْمَنْسُوجُ مِن غَزَلٍ
يَأْتِيك يَسْعَى أَنْسَاماً وَوِدْيَانَا
أَمْ أُوفِدُ الْقَلْبَ مَصْحُوباً بِأَوْتَارٍ
بِالْعَزْفِ يَسْتَجْدِي عَفْواً وَغُفْرَانَا
أَمْ أَهْرُقُ الدَّمْعَ مَنْسَاباً كَأَلْحَانٍ
يُسَاجِلُ الْوُرْقَ أَنَّاتٍ وَأَحْزَانَا
أَمْ أُوقِدُ الصَّمْتَ فِي غَابَاتِ وِجْدَانِي
وَأَنْدُبُ الحْظَّ مَهْزُوماً وَحَصْرَانَا
لَا يُشْهِرُ الصَّمْتَ مَنْ وِجْدَانُهُ عَلِقٌ
فيِ فَوْرَةِ الْحُبِّ لَا صَحْوٌ وَلَا صَدَرُ
هَذِي الْأَعَاصِيرُ فِي لَيْلِي قَدِ انْدَفَعَتْ
وَجُنْدُهَا الشَّوْقُ وَالْأَطْيَافُ وَالصُّوَرُ
تَسُومُ قَلْبِي عَذَاباً لَا نَظِيرَ لَهُ
فَكَيْفَ صَمْتِي..؟ إِنَّ الْقَلْبَ يَسْتِعِرُ