تجاربهن القصصـية.. نضج وخصوبة
.. وما وزن وحجم ولون ما تنتجه حواؤنا الجزائرية في البيت الأدبي الكبير؟.. وهل يمكن الحديث الجدي عن نضج وخصوبة تجربة قصصية نسائية متميزة؟.. ما هي ملامحها ومظاهرها؟.. وماذا عن خصوصية مضامينها ومواقفها؟.. تلك تساؤلات شرعية مشروعة صافحتني وعانقـتـني هذه الأيام، إثر قراءة الحوار الهام والشيق مع أديبتنا الحاضرة الغائبة: فضيلة الفاروق ونشر مؤخرا عبر موقع أصوات الشمال، وهي نفس التساؤلات التي واجهتني الآن عندما قررت أن أخصص جلسات هذا الأسبوع لمؤانسة أدبهن، والإستماع إلى نبضات قلوبهن، ضمن خطة عملي لإنجاز كتاب متكامل عن أدبهن ومواقفهن في الجزائر.
واصطفت إلى جانبي هذه المرة أسماء أدبية واعدة ومتقدمة، بمجموعاتهن القصصية المتميزة.. جميلة زنير وأسوار المدينة، زكية علال ولعنة المنفى، نسيمة بن عبد الله وحب في الكف. فهناك عدة قواسم مشتركة تجمع بين هذه التجارب الأدبية.
لعل أديبتنا جميلة زنير لم تنل حقها من النقد والإهتمام، رغم مسار ربع قرن أو يزيد من الإنتاج الأدبي في حقول القصة والرواية والشعر والكتابة للأطفال، ومن أبرز أعمالها المطبوعة: دائرة الحلم والعواصف (1981)، جنية البحر (1999)، أوشام بربرية (2000)، تداعيات امرأة قلبها غيمة (2001)، أسوار المدينة (2002)، المخاض (2004(
ألتقي بصديقتنا جميلة من حين لحين، أثناء فرصة الملتقيات والمهرجانات الأدبية، تخبرني عن جديدها فأسعد، وأجدد تبليغ تحيات المحبة إلى رفيق دربها العزيز: إدريس بوديبة. وخلال فعاليات أول مهرجان للأدب النسوي احتضنته مدينة بسكرة في منتصف جانفي 2006 سألتها عن كيفية تعاملها مع اللغة في إبداعها الأدبي، فأجابت بالحرف الواحد: أتعامل مع اللغة بعشق صوفي وتحنان بالغ، فتعاطفت معي وباحت لي بأسرارها، غمرتني بوهجها، أسرتني بألوانها وأدلت لي بالمكنون، فشكلت بها حنيني، رسمت وجعي، شكوت غربتي ولوعتي..
وأعود الآن إلى الأديبة زكية علال التي أتواصل معها ومع زوجها المحترم الأديب: عمار بولحبال بالهاتف وبالبريد الإلكتروني، وسبق لي أن قرأت مجموعتها القصصية الأولى: وأحرقت سفينة العودة الصادرة سنة 1996 ثم التقيت بها من خلال مجموعتها الأخيرة: لعنة المنفى الصادرة سنة 2005. تتميز قصصها بالجرأة والعمق والتفرد في معالجة موضوعات مهمشة من واقع المجتمع، بأسلوب شاعري شفاف وجذاب،أخذ له موقعه ضمن المواقع الإلكترونية، حيث تجد كتاباتها الصدى الطيب لدى المهتمين بتفاصيل الوجع على الأنترنيت.
وأنتقل إلى الصديقة الأديبة: نسيمة بن عبد الله التي عرفتها الصحف الوطنية كذلك باسمها المستعار: زهرة الريف، أصافح مجموعتها القصصية المعنونة: حب في الكف، الصادرة سنة 2004 ضمن منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين، أقرأ لها بمتعة وتلذذ، تأخذني بجاذبية قصصها إلى علياء اللغة الشاعرية الموحية والمعبرة بدون تكلف أو تملق. أديبتنا نسيمة بن عبد الله قاصة أصيلة متمكنة من الكتابة كما يقول عنها الأديب الصحفي: علاوة وهبي، لغتها جميلة ومفرداتها أنيقة وقصصها رائعة تشدك إليها، وترغمك على قراءتها بلهفة.
والحديث يطول ويطول عن تجارب أدبية مماثلة ومتميزة، ومع ذلك يظل التساؤل بالمناسبة أو بدونها قائما: وما وزن وحجم ولون ما تنتجه حواؤنا الجزائرية في البيت الأدبي الكبير؟..
