السبت ٢٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٤
بقلم عادل القرين

ترانيم الأفراح

لقد أُعجِبتُ كثيراً ساعة ما رأيت أحد الأخوة يتغزل بمزماره (المايكروفون) فـي أحد الأفراح الأحسائية، وهو يُجري بعض المقابلات مع من حضر للحفل.. فتارةً يجري مقابلة مع ذاك الصغير وتارةً أُخرى مع هذا الكبير، وكذلك مع الأصدقاء وكوادر الصالة من طاقم تنظيمٍ ونظافةٍ واستقبالٍ!

حقيقة شد انتباهي هذا العزيز بما يفعله، فآليت على نفسي ألاّ أخرج من العرس حتى أتشرف بلقائه والحديث معه، وبعد برهةٍ من الزمن سنحت لي الفرصة وجلسنا فـي زاوية من الصالة، فسلمت عليه ورد عليَّ التحية بأحسن منها وسألته: ما سر إعجاب الصغار والكبار بك؛ فابتسامتك قد ألبستك هالة حب الآخرين؟!

فأجابني مبتسماً: بالصدق نؤجر، وبالحب نسحر، وبالاحترام نظهر، وبالاهتمام نزهر..

ثم قال لي: أنظر إلى ذلك الشيخ الكبير فـي السن، باحترامي وحبي له جعلته يبتسم بأريحية مُطلقة، وجعلت قلبي يعانق قلبه من دون تكلفٍ!

علماً بأنه لم يهوى مقابلتي بالبداية، ولكن بالدعابة والبسمة جعلته لا يتركني إلا بالدعاء والبركة والصلاح!

فأردف قائلاً: أنا لا أعي ما في داخله، ولكني تيقنت بأن الآباء والأمهات (الكبار) لا يريدون منا شيئاً سوى إعطاءهم الاحترام والاهتمام، لا بالقبلة التي نمنُّ نحن عليهم بها كل أسبوع على رؤوسهم، حتى صيرناهم كتحفة قديمة وضعت فـي زاوية البيت قد مرَّ عليها الزمن، وألبسها حلةً من غبار الجفاء ونكران الجميل!

ثم همس هذا العذب فـي أُذني: جرب مع والدك وأمك وكل من حولك؛ بأن تذكره بأيام أمجاده، وأن تستمع إليه بإنصاتٍ..

فسوف تجد قلبه مُتعلقاً بك، ومداوماً على السؤال عنك، ناهيك عن الطفل إذا أعطيته احتراماً واهتماماً، فماذا ستجني منه ساعتها وفي المستقبل؟

ثم قال لي: نحن سنكبر ويختلط وجهنا ببياض الشيب، ونصبح شيوخاً مثل هؤلاء، فستجد الأطفال والشباب يعاملوننا مثل ما نعاملهم اليوم.

تماماً مثل هذا الأستاذ الذي يدرس فـي الصفوف الأولى، وبعد مرور الأيام يُصبح تلاميذه أصحاب شأنٍ عظيمٍ (بإذن الله)، وحينما يرون معلمهم وقد هرم، هرعوا إليه بالتحية والوفاء، وكالعادة يسألهم من أنتم؟!

فـيقولون له: نحن طُلابك في المرحلة الابتدائية كومضة ختامية وتكاملية "كما تزرع تحصد، أو كما تُدين تُدان"..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى