الأربعاء ٢٥ آذار (مارس) ٢٠٠٩

تكافؤ الفرص في التعلم وبناء الوطن

بقلم: سيد صباح بهبهاني

بسم الله الرحمن الرحيم: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا البقرة / 143

على التربية الإسلامية أن تهتم اهتماما بالغا بجانب التربية القيادية والأعداد القيادي وتنمية مواهب الأولاد.. والعمل على أعداد جيل..بعيدا على التهور بضرب الطفل والقسوة والإهانة..و عند بعض الأبوين مشكل مع الطفل لا يفهموها ويتصورون أن الأولاد بحالة تمرد..! وأقول لهؤلاء الأباء والأمهات إذا كان الطفل قد كسب المؤهلات الضرورية في التربية المنتمية للعقائد الوجدانية التي أمرنا به وأعددناهم لها سوف نحصل النبتة الصالحة..لان النبتة متعلقة بالبذور.. تنشأ بذورها الأولى في جو الأسرة وبين الأبوين.. ونعم ما قيل: هي الأخلاق تنبت كالنبات.. إذا سقيت بماء المكرمات.و قال تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ) النحل /78... والقران كله يهيئ الإنسان..للمعرفة الإنسانية وحقول التربية وكيفية تربية النفس وفيه نشاطات علمية بحتة،منها النفس وعلمه والاجتماع والاقتصاد والمقارنة وهنا نحتاج توجيهات المعلم ومها الفقهاء الراسخون..إلخ. ولكن يجب أن لا نسى أن التربية الأسرية تلعب دوراً مهماً في تهيئة الجيل العقائدي في المعرفة والعرفان ويكون بذلك قد الأبوين خدمة جليلة للطفل والجامعة والدولة، ورفاه المجتمع.

أن الإنسان كما خلقه الله وحدة حياتية متكاملة متناسقة من الغرائز والعقل والإرادة العواطف والمشاعر، وان التربية السليمة هي التربية التي تراعي التكوين الإنساني بعناصره المادية والجسمانية والعقلية والنفسية وتهتم بربطه بعالم الآخرة.. لئلا يحدث الانفصام بين القيم الروحية والجسدية، ويحدث الاختلال في توازن الشخصية، وقد رفض الإسلام الرهبانية وحرمان الجسد، ودعا في العديد من أحكامه وتشريعاته إلى رعايته والعناية به. والإسلام دعا لإعطاء الجسم حقه من الشراب والطعام واللباس والسكن والعلاج والجنس.... الخ بدلالة الآية الكريمة أعلاه وآيات تفصيلية أخرى. وأعتبرها ضرورات حياتية يجب توفيرها للإنسان. ولذا فان التربية الإسلامية تسعى لتركيز هذه المفاهيم في عقل الطفل ونفسه، وأن الأباء يتحملون مسؤولية العناية الجسدية بأبنائهم. لذا تبدأ عناية الإسلام الجسدية بالطفل وهو نطفة في بطن أمه، فقد حثت التوجيهات الإسلامية المرأة الحامل على تناول أنواع الأطعمة ليكون الطفل سوي الخلقة، متكاملا، جميل الصورة وترعاها العناية الإلهية.

وكما حرمت الشريعة الإسلامية كل ما من شأنه أن يضر بالحمل، ف (لا ضرر ولا ضرار) كما جاء في الحديث النبوي الشريف، وذلك يدعو الأم الحامل في هذا العصر إلى التأكيد من تناول بعض الأدوية وعقاقير منع الحمل التي كثيرا ما تسبب تشويه الطفل والجناية عليه جسديا ونفسيا، فالإضرار به وتشويه خلقته عمل محرم ومسؤولية شرعية وحين يولد الطفل تبدأ مسؤولية الأباء الشرعية بالعناية به وحمايته من أمراض الطفولة. فالكثير من الأباء يتساهل في توفير الوقاية الصحية..أو يهمل بعض الحالات المرضية التي تنتاب..فتتطور إلى مرض عضال يصعب بعد ذلك علاجه.. والأب مسؤول مسؤولية عن وقاية أبنائه من الأمراض والحفاظ على صحتهم بتوفير الغذاء والدواء اللازم لهم.. ولا يعذر إلا العاجز عن توفير ذلك من عنده.. أو من خلال مــؤسسات الدولة المختصة بشؤون الطفل والأباء مسؤولين للمتابعة

وينبغي للأباء أن يعودوا الطفل العادات الصحية السليمة التي حث الإسلام على الاهتمام بها.. كتربيته على عدم الإسراف في تناول الطعام والشراب واللباس والإنفاق المادي الذي نهى الله عنه بقوله: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف /31

ومما ينبغي تدريب الطفل عليه بالنظافة الجسدية ونظافة اللباس والبيت والمحيط والأناقة في اللباس والطعام قال تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)6 المائدة

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأعراف /32. وهنا يجب علينا أن نعلمهم بالموعظة الصالحة كما كان نبي الله لقمان عليه السلام يعظ أولاده والنبي زكريا عليه السلام كيف كان يدعوا الله بأن يرزقه الذرية الصالحة طبعا ً هو يدعوا الله ولكن العمل التربوي هو من واجبه وخذ ما في القرآن وعلوم التربية ودعوات الأنبياء عليهم السلام وأمانيهم بالذرية الصالحة لأنهم يعرفون أن الصلاح يسهل في التربية وإطاعة ولي الأمر، وهم يتأملون ويرجون الله، ولكنهم يعملون عليها لأنهم قادتنا وأنبيائنا ويجب أن نقتدي بهم عندما يدعوا ويقول: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء) إبراهيم /40.

﴿رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء ﴾ آل عمران/ 38.

عليك أن تقول كما قال الأخيار، وصفوة عباد الله الأبرار:

﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾ الفرقان /74.

علم المؤمنون الأخيار أنه لا صلاح للأبناء والبنات إلا بالله، وأنه لا يهدي قلوبهم أحد سواه، فجأروا إلى ربهم بالدعوات، ما أحوج بناتك وأبنائك إلى دعواتك الصالحة، سلوا الله لأبنائكم وبناتكم،

صلاح الأبناء والبنات يكون أول ما يكون منك، من حركاتك وسكناك، يكون من أقوالك وأفعالك، يوم ينشأ الابن وتنشأ البنت في أحضان أب يخاف الله وفي أحضان أم تخشى من الله، تكون الذرية صالحة بإذن الله.

صلاح الأبناء والبنات يقوم أول ما يقوم على قدوة صالحة من الآباء والأمهات، إن رآك ابنك تخاف من الله خافه، وإن رآك ابنك تخشى الله عظَّمهُ وهابه، إن رآك ابنك مع المصلين كان من المصلين، إن رآك ابنك من الأخيار الصالحين تجالس المؤمنين الصادقين كان من الأخيار الصالحين ومع الأتقياء المؤمنين.

القدوة الصالحة نبراس للذريات، ودليل يهدي قلوب الأبناء والبنات. صلاح الأبناء والبنات يحتاج منك إلى كلمات نافعات وتوجيهات ومواعظ مؤثرات. ومن أساليب التربية الراقية ما ذكره الله لنا في كتابه من توجيهات لقمان لابنه: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ لقمان/ 13 لقد أخذ بمجامع ذلك القلب البريء إلى الله وعلمه توحيد الله والعبودية له، فخذوا أيها المؤمنون بمجامع قلوب أبنائكم إلى الله، خذوهم بنصيحة مؤثرة وموعظة بليغة تأخذهم إلى محبة الله ومرضاة الله. كم من نصيحة صادقة من أب ناصح، وأم مشفقة ناصحة نفعت الأبناء والبنات ما عاشوا أبداً.

صلاح الأبناء والبنات يتوقف على أمرهم بالصلوات، الصلاة عماد الدين ومرضاة لله رب العالمين، فمروهم بها تصلح أحوالهم، وتصلح شؤونهم

والإسلام دين القوة والفتوة..لذا أمر المسلمين أن يوفروا كل وسائل القوة والأعداد الجسدي بقوله تعالى: (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة....) من هنا كانت تربية الطفل على الاهتمام بالرياضة البدنية وزرع روح الفتوة والقوة في نفسه مبدأ أساسا من مبادئ أعداد الأجيال مع حكمة الأخلاق والتصرف.. وبناء الأمة وبالإضافة إلى ذلك فان روح القوة والفتوة لها الأثر البالغ في رعاية صحة الطفل والنا شئ.. وتنمية شخصيته، والحفاظ على ثقته بنفسه لمواجهة الصعاب. وقد جاء الحث النبوي الكريم على التربية البدنية بقوله (ص): (علموا أولادكم السباحة والرماية) ومما يتسامى بالاهتمام الرياضي والتربية البدنية هو السيرة العلمية للرسول الكريم محمد (ص) فقد كان الرسول فتى فارسا مقاتلا..بل وكان يدخل في عمليات سباق الخيل، فكان يكسب الجولة ويتفوق في غالب الأحيان كما خسرت ناقته إحدى جولات السباق التي دخل فيها. وكان (ص) يجري السباق بين أصحابه، ويضع الجوائز للفائزين تشجيعا منه لروح القوة والرياضة والفتوة. وصارع ركانة الذي كان معروفا بالقوة والغلبة فصرعه الرسول وغلبه. والنوم هو أحد العناصر الأساسية في حياة الإنسان الجسدية والعقلية والنفسية والحفاظ على الوقت والراحة..وتدريب الطفل على النوم المبكر والاستيقاظ المبكر من أهم عناصر تربيته على رعاية الصحة الجسدية والنفسية..وكيفية استفادته من الوقت..و صدق تربيته وتحسيسه بأن للجسد أركان..تتوجب الالتزام بها لقوله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) الأنعام /151. وقول تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) الأعراف /33. وكما ينبغي تدريب الأبناء على العادات الصحية الجيدة وتنشئتهم عليها يجب أيضا نهيهم عن تناول المحرمات وممارسة العادات الجسدية المحرمة، وتدريبهم على ترك العادات السيئة والمكروهة. ومما يبعث على القلق والخوف على مستقبل الجيل المسلم والأجيال المتعايشة معنا لتنفيذ الرسالة الإلهية لبناء الفرد والمجتمع والمؤونة بين حقوق الفرد والجماعة..لذا فان مسؤولية الأباء تكون صعبة وخطيرة لحماية الناشئين والمراهقين من السقوط..! من دون دعم الدولة ومؤسستها..والإجراءات الوقائية هي التربية الإيمانية وتعميق الأخلاق الإسلامية وبيان خطورة مضار الإعمال المحرمة والممارسات المحرمة.. وما تنتجه من أمراض وسقوط اجتماعي..وواجب الأسرة أبعاد هم من أصدقاء السوء ومراقبة سلوكهم بصورة مستمرة.. واستخدام العقاب الأدبي عند الحاجة للردع قبل الوقوع في الهاوية.. الفت نظركم أن من العادات الضارة التي لا يهتم الأباء بردع أبنائهم عنها هي عادة التدخين التي غدت وبالا على الصحة والاقتصاد.. والتدخين له دوافعه النفسية عند الصبي والمراهق... وبإمكان الأباء ردع أبنائهم عن تلك العادة بالتوعية والمنع وحسن التوجيه النفسي الذي يشعر المراهق باحترام شخصيته أمام الكبار. والمجتمع الصالح ينتج أفرادا صالحين،والمجتمع المنحرف ينتج أفرادا منحرفين.. فالإنسان يتقلى الكثير من أفكاره وسلوكه وعاداته وآدابه من مجتمعه.لذا اهتم الإسلام بتكوين البيئة الاجتماعية الصالحة، وأوجب فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإصلاح الوضع الاجتماعي بقول الله تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران /104.

وان مسؤولية الأباء والمربين تدعوهم إلى تربية الطفل تربية اجتماعية ودينية كما كان الأنبياء عليهم السلام ورسول الله صلى الله وآله عند تعلم الإمام علي منه تربية الأخلاق وفاطمة والحسنين عليهم السلام ولهذا السبب كان يقول أنا مدينة العلم وعليٌ بابها،وبعدها الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم والصحابة الكرام رضوان الله عليهم جميعاً هم اقتدوا بالمعلم الأول ولهذا السبب كانت الدعوة الإسلامية هي تنشر نفسها وبوقت قصير وصلة إلى ثلاث قارات، وهنا نرجع لنرى كيف كانوا الأنبياء وما هي وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام وعلم أبو الأنبياء وخليل الرحمن عليه السلام عظيم شأن الصلاة إذ رفع كفيه إلى الله داعياً وسائلاً متضرعاً وهو يقول (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء) إبراهيم /40. وكان يتمنى أن يجعل الله ذريته تقيم الصلاة، ولهذا السبب يقول أئمة أهل البيت عليهم السلام أمروا أولادكم بالصلاة وهم صغاراً لأن العلم في الصغر كالنبت في الحجر فالله سائلك يوم القيامة هل أمرت أبناءك بالصلاة، وليتعلقن الابن بأبيه بين يدي الله في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، يقول: يا رب ما أمرني بالصلاة يا رب تركني نائماً، يا رب ما أمرني بطاعتك، وتتعلق البنت بأمها في يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.

صلاح الأبناء والبنات يتوقف على أمرهم بالأخلاق الفاضلة والآداب الكريمة

(يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) لقمان /17

وقال معاوية بن وهب..((سألت أبا عبدالله عليه السلام: في كم يؤخذ الصبي بالصلاة ؟ فقال: بين سبع سنين وست سنين)). وجاء عن الإمام محمد الباقر عليه السلام: ((فإذا تم له سبع سنين قيل له: اغسل وجهك وكفيك، فلإذا غسلهما قيل له صل)). وفي ذلك يقول الإمام علي كرم الله وجهه وعليه السلام: ((علموا صبيانكم الصلاة وخذوهم بها إذا بلغوا ثمان سنين)).الصدوق)

أمر الأبناء بالأخلاق الفاضلة والآداب الجليلة الكاملة يعودهم على الخير والصلاح، ويقودهم إلى مناهج الفلاح، علموهم صدق الحديث وحفظ الأمانة، وإفشاء السلام وإطعام الطعام وخصال الكرام، عودوهم على هدي أهل الإسلام يكن لكم في ذلك خيري الدنيا والآخرة. كما ذكرت أعلاه من بينات الأحكام الشرعية وهنا

يكون لصالح الأبناء والبنات أن صلحوا، أمرهم بصلة الأرحام، وزيارة الأخوال والخالات، والعمات والأعمام، علموهم الرحمة بالضعفاء، وأدبوهم على احترام الكبير وتوقير أهل الفضل والدين وعلموهم المحافظة على المصالح العامة والشعور بالمسئولية.

واعلم أنك ما علمت ابنك خصلة من خصال الخير والمعروف إلا كتب الله لك أجره ما عمل بها في حياته أبداً وتعليمه من الواجبات لقول الإمام السجاد عليه السلام في رسالة الحقوق وكانت في النصف الثاني من القرن الأول للهجرة... في حق الرعية

يقول: ـــ وأما حق رعيتك بالعلم، فأن تعلم أن الله قد جعلك لهم فيما آتاك من العلم، وولاك من خزانة الحكمة، فإن أحسنت فيما ولاك الله من ذلك وقمت به لهم مقام الخازن الشفيق، الناصح لمولاه في عبيده، الصابر المحتسب الذي إذا رأى ذا حاجة أخرج له من الأموال التي في يديه كنت راشداً، وكنت لذلك أملا معتقداً وإلا كنت له خائناً ولخلقه ظالماً ولسلبه وعزه متعرضاً. وعليكم يا والدين بصالح الأبناء والبنات تقر به العيون في الحياة والممات، تقر به عينك في الدنيا، حين تراه خيِّراً صالحاً ناصحاً، إن أمرته أطاعك وإن طلبته برَّك، وكان لك بعد الله نعم المعين، وكان لك الناصح الأمين صلاح الأبناء والبنات تقر به العيون في اللحود والظلمات يوم تغشاك منه صالح الدعوات، وأنت في القبور وحيداً، وأنت في مضاجعها فريداً، يذكرك بدعوة صالحة، ينعمك بها الرحمن الرحيم، ويغشاك منه الروح والريحان.

قال صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له صلاح الأبناء والبنات تقر به العيون في الموقف بين يدي الديان إذ يكونوا حجاباً لك من النار كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ابتلي بشيء من هذه البنات فأدبهن فأحسن تأديبهن ورباهن فأحسن تربيتهن كن له حجاباً من النار.

هكذا يكون الأولاد الصالحون امتداداً لعمرك القصير وتجديداً لوجودك الفاني، وخلف لسلف راحل يذكر به، ويحفظ عنه ويدعو له. علاقة البنوة الصالحة بالأبوة علاقة حب وإيمان مستمر متواصل في الحياة وبعد الممات ثم يجمع الله الآباء المؤمنين بأبنائهم الصالحين في دار كرامته ومستقر رحمته في جنات النعيم كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) الطور /21.

ولهذا السبب يؤكد الإمام علي كرم الله وجهه وعليه السلام بالتزام في مراحل التعليم

لازدهار التربية والتعليم لأن التعليم يجب أن يوافق السن قال: ((يرخى الصبي سبعاً، ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعا، وينتهي طوله في ثلاث وعشرين، وعقله في خمس وثلاثين وما كان بعد ذلك فبالتجارب)). الطبرسي مكارم الأخلاق.

وجاء الإمام الصادق عليه السلام: ((دع ابنك يعلب سبع سنين، ويؤدب سبعاً، والزمه نفسك سبع سنين، فإن فلح وإلا فلا خير فيه)).وعندما يكون الخلف قد تربى على هذه السنن يكون رحمة للوالدين لما يعكس تربيته ليسبب لهم الرحمة و

أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب من أين لي هذا فيقول: باستغفار ولدك لك".

ونسأل الله ليكونوا كلهم أفراد اجتماعين ناجحين في علاقاتهم الاجتماعية وهم مشاركين يداً واحدة لبناء الوطن والمجتمع وتصحيح السلوك الاجتماعي. وأن المنطلق الأساس للعلاقات الاجتماعية يبدأ من الحياة الأسرية كما ذكرت أعلاه أيضاً والعلاقة بأفراد الأسرة.فتدريب الطفل على التعامل السوي مع إخوانه الصغار والذين يكبرونه بالسن، هو بداية لتكوين أنماط العلاقة الاجتماعية..فتدريبه على علاقة الحب والاحترام والإيثار والتعاون مع إخوانه يربي في نفسه روح التعامل الاجتماعي وينقذه من الفردية والأنانية..ويجب حثه على العناية بأخيه أو إعطاءه شيئا من نفوذه.ورد هذا التوجيه عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) في قوله لأحد أصحابه: (استرضع لولدك بلبن الحسان، وإياك والقباح،فان اللبن قد يعدي(

وهنا يا عزيزي ألفت أنظاركم عن كيفية طريقة التطبيق التربوي عند الإمام الصاع عليه السلام وبينما هو يلقي محاضراته وفيه جموع من طلاب العلوم وغيرهم من يريد الاستفادة من الوقت(لأن ضياعها غصة) وإذا استأذن عبدالله الديصاني الإمام الصادق بالدخول عليه، فأذن له، فلما قعد قال له:)) يا جعفر بن محمد، دلني على معبودي ؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام ما أسمك ؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه، فقال له أصحابه: كيف لم تخبره باسمك ؟ فقال: لو كنت قلت له: عبد الله كان يقول: من هذا الذي أنت له عبد، فقالوا له: عد إليه وقل له: دليني على معبودي ولا تسألني عن اسمي ؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام: اجلس وإذا غلام له صغير وفي كفه بيضة، فقال أبو عبد الله: ناولني البيضة، فناوله إياها، فقال أبو عبدالله: يا ديصاني: هذا حصن مكون له جلد غليظ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة وفضة ذائبة، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة، ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة، فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها، ولا يدري للذكر خلقت أم للأنثى، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس أترى لها مدبراً؟ قال: فاطرق مليا ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأنك إمام وحجة من الله على خلقه.عن الكليني والكافي.

وأن ربيته كما تكون الحكمة والدعاء المأثور عن أئمة أهل البيت (رضوان الله عليهم وسلامه) التربية القيادية وتركيز مفاهيمها فقد جاء فيه(اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة) وهكذا كانوا أئمة أهل البيت يطبقون التربية حتى في الأدعية ويقول الإمام السجاد عليه السلام: ((اللهم صلي على محمد وآله، وحلني بحلية الصالحين وألبسني رتبة المتقين في بسط العدل وكظم الغيظ وإطفاء الثائرة وضم أهل الفرقة وإصلاح ذات البين وإفشاء العارفة وستر العائبة ولين العريكة وخفض الجناح وحسن السيرة... وطيب المخالقة والسبق إلى الفضيلة وإيثار التفضل وترك التعبير والإفضال على غير المستحق والقول بالحق وإن عز، والصمت عن الباطل وإن نفع واستقلال الخير وإن كثر من قولي وفعلي

فمن هذه المفاهيم نجد أن الإسلام يريد أن يعد أمة قائدة رائدة في طريق الخير..وان كانت تربيتكم يا أعزي الأباء على هذا الغرار الذي أمرنا.. فلا خوف عليهم.. وإلا العيب في الأصل.

ونتضرع إلى الله بالدعاء سألينه اللهم أصلح ذرياتنا وشبابنا من البنين والبنات وخذ بنواصيهم إلى البر والتقوى وألهمهم السداد والهدى وتوحيد صفهم لبناء أوطانهم لما فيه الخير والصلاح والمنفعة للوطن وللمجتمع ولصلاح ذات البين.

ونعم ما قيل أب للأولاده في الاتحاد وصلاح ذات البين وكذلك على المواطنين أن يصلحوا ذات البين ويتركون خلافاتهم ويسعون أن يبنوا الوطن لهم وللأجيال القادمة:

أنفوا الضغائن بينكم وعليكم... عند المغيب وفي حضور

المشهد بصلاح ذات البين طول حياتكم... إن مد عمري وإن لم يمدد

إن القداح إذا اجتمعن فرامها... بالكسر ذو بطش شديد أيد

عزت فلم تكسر، وإن هي بددت... فالوهن والتكسير للمتبدد.

بقلم: سيد صباح بهبهاني

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى