السبت ٨ شباط (فبراير) ٢٠١٤
بقلم
حائطيات طالب المقعد الأخير 18
الدار في فرض حصار وأنا في فرض حصاركسجين يصنع المخارز والمسابحأشتري لكم الهدايا وأعتلي الأحلام بخطواتي الضيقةالحصار واسع جداً يا أبي وأنا أفقد الكثير من الأسماءقبل أن تترجل عن حصانك فكّر في الأرض التي تدوس عليهابيتنا صغير وعندما يستيقظ أحدنا في الليلنخشى على أصابعنا المتعبةتغيّرت ألعاب هذا العام وزاد انقطاع الكهرباءإذاً لنتحدثمنذ زمن أصبحت هوايتي كسر الفناجينكل صباح يمر سائق الحافلة يحتسي معي فنجانهأقرأ فنجانهيحلم بأن يأخذ كل الركاب من الغابةلكن الحلم صباحاً موجعوالحافلة لا تلقط ركاب الطائرةالمدينة في فرض حصار وأبي يطمئن إخوتيأنه في العيد سيشتري الحلوى وثياباً جديدةونزرع الريحان أمام عتبة البيتوعندما تنتهي كل الفرائض وتصبح القلوب باردة كالفخاربعد قليلالقليل كبسطات البندورة الممتدة في سوق الجمعةسوف نزين سطح البيت بالنواسات الملونةونحفر بئراً يسقي أرض كل الجيران***خذلتني مراراً لكنني لا أملّ الحلفان باسمهاأحب ذاك الطريق الذي أمر به تحت شرفتها كل مساءأما الحفر فتعودت عليهالا داعي لأعمال الطرقأنا أرقص على الطرق الوعرة وغرفتي ممتلئة بالحفرإنها الموضة هذا العام الثياب الحمراء والرقص من غير موسيقىثمة مقابر لا تتوقف عن إزعاج أحلام الموتىأريد قطع الكهرباء عن المدينة كلهاوأحمل شمعة صغيرة حتى لو احترقت يديكأول مساء مررتُ به أمام بيتكِركضت كما ركضت مراراً في حقول الكمون وأنتِ تضحكين أماميهزيلاً وقزماً أراقب المدرعات بعينين حمراوتين كالدبس الذي تركناه فوق سطح بيتنالا فائدة مني هناك موت وزيزفونةهناك لا تنفع العبارات ولا سلال الزهورمعامل الأحذية منتشرة بكثرة هذا العام، ولكن المارة حفاةكل مساء أمر قرب شرفتكأصبحت هوايتي جمع الأشياء الصغيرة إلى أن تكبر فيَّ وتفجرنيكما يفجر إرهابي نفسه في حافلة مدرسيةعندما تغلق المدينة أبوابها الكبيرة وتبقى الأشياء الصغيرة حزاماً ناسفاً فينا***ليس في أبوابنا ما يشبه السلاسلمن أين كل هذا الحديد؟ ..الموت الذي استقر في قريتنا ثقيلاً كعربات القشلا يميز رائحة القطيع ولا يشبه صوت أجراسهالفرح الذي لا يكتمل طرق أبوابناكأي مسافر مرّ باستراحة تبيع المياه الغازية ومضىكالجنود الذين يقطفون أزهار قريتنا ليفرحوا بها فتيات المدينةهناك كثيراً ما الفرح لا يكتملحين تشتري قميصاً فيتمزق حذاؤك الذي مضى بك إلى دروب وعرةكأننا تغزلنا بالنسيم طويلاً حتى هبَّ التراب على وجهنالم تعد تلك الأشجار العالية تنحني أمام قامتناولكن سيزهر اللوز قريباً وتتغير الكلماتحين أملأ الكيس لوزاً وأرشه بملح اليود المحليويخضر صوت الكعوب العاليةتلك المزركشة كالربيع في شوارع الصالحيةسيخرج الخلد الجريء من غرفتهوتتغير كلماتي الممتلئة كمحطة وقودلا تملأ مركبات أحد إنما أرش بها أجزاء غرفتيغرفتي القابلة للإنعاش والصالحة للحياة كأي صندوق مفرقعاتككيس الخبز اليابس المعلق على الشرفةسأتركها لأول «حوذي» حين يكتمل الفرح***كيف لكِ أن تصلي بحذائك العالي وبيتي في أعلى التلة؟أنا لا أستطيع النزولالخريطة المعلقة على الجدار لا توصلني إلى حقول الزيتون في قريتناثمة ذكرى سيئة للطائرات التي تقترب من أعشاش العصافيرخطواتي جلية كختم المخالفاتلن تتعبي في تتبع أثرهاكل مساء أعود إلى البناء نفسهبيتي لا يتغيرعلى الدرج صوت سعاليلا يوقظ الجيران المختبئين وراء البابولكن حينما أضحك يتلصص الجميع من ثقب البابمفتاح بيتنا القديم صار صدئاًمتشائماً بلعتُ كل أقمار المدينة الليلةأصبحت العودة كأي كتاب يروي عن أطلال الحضارة القديمةكل ما عبثت به لم يبقَ منه سوى الابتسامة الموجعةكأي أغنية حزينةأسافر ضاحكاًوأنظر إلى الأرض حين يحدق بي الركابفي القطارعلى الباخرةفي الطائرةعلى ظهر الحماروأنا مسافر كثيراً أمام النوافذ البرتقاليةأحمل حجراً كتلك الحجارة التي تبثها وكالات الأنباءربما أنحت عليها حماماتوأرسلها لك سراً مع أول «بوسطجي»لا يلبس أحزمة حديديةيدخل المطارات من دون تفتيشعندما تأتين حافيةدون أن تخشي أن يرى الجيران طولك الحقيقي