الأربعاء ٥ شباط (فبراير) ٢٠١٤
بقلم
حائطيات طالب المقعد الأخير 17
أيها الليل حدق طويلاً بعينيك السوداوين ولا تنمعلى عادتهم يخذلوننا دائماًيعرضون الإعلانات أثناء التقاء البطل بالبطلةالريح التي تركض اليوم من الإسطبل ليست من جياد جبلناالريح التي تهب من الشمال نظيفة معقمة بالأملاح لا تحمل كبوة الرمالهو الوقت نفسه الذي اقتربتِ فيه منيكان الغروبوكانت القامات طويلة والأحلام واسعةلم يكن هناك وقت لا للحزن ولا للأشياء الأخرىهي نفسها تلك التي كانت تؤنبني كلما سرقت من خدها وردةلم تعد تبيع الورود ولا الأشواكتبيع الحمام في مدينة لا نوافذ فيهاهل كانت الشمس حناء العروس حتى غادرت كل عرائس مدينتنا***كل شيء لذيذ غداة المطرالخبيز الأخضر ومراعي قريتناأنا وأنت حين نبتل تحت المطرنتسلق شجرة تين عالية عندما يبدو كل البشر والوحوش أقزاماًأضعُ رأسكِ على كتفي وأتحول إلى عملاقفي هذا العالم المجنون كمحطة حافلاتكل شيء لذيذ له ثمنليس كل برتقال السوق من شفق شمس الفلاحين على الساحلولا كل الموز تشرقه أيادي الفلاحين في الصومالهناك ليل بلوطي وراء المحيطيبيعوننا صناديق التفاح ويهدوننا حفنة رصاصات مجاناًكل شيء لذيذ بعد المطر .. ولكن لمَ لا أشعر إلا بطعم البلوط المرأنا منذ زمن أمارس الرياضة كي أعانق المطر بأكتاف قويةفي هذا العالم المجنون الذي لا تهطل فيه الأمطار إلا بعد احتراق الغابة***خلف كل هذا الليل مازال يزرع القطن وينتظروالشوارع القريبة كالحزن والواسعة كجبانة القرية ممنوعة عن خطواتهالحفلة لم تنته ولكن أين اختفت الموسيقى خلف كل هذا الليللا يتذكر أنه فعل الشيء نفسه ذات مرات ماضيةاستيقظ بدون ساعة منبهنام بدون أن يسمع أغنيةخرج من البيت دون أن يقفل أسطوانة الغازقرأ كتاب تاريخ دون أن يلعنشاهد نشرة أخبار دون أن يدخنمن الممكن أنه بدأ يتذكر كلما أمسك يدها أراد أن يغفو بعمقحتى لو لعب أولاد الجيران الكرة في الطابق العلويوأنه حين كتب لها ولكم عن حماقة السنينمن القلم (الإستيلو) الذي سرقه من حقيبتهاقالت له ما أجمل قلمك؟كل هذه الأمور التي شاخت من القدم تحدث اليومما عاد هناك قلوب ينبت منها القطنوخلف كل هذا الليل حقول من العدس الخشن جداًلم يعد للأسماء أهمية كبيرةأسماء الدلع التي انتشرت في السوق توزع كل الليل***أتلو وصاياها الكثيرة جيداً هذه الأياموبذاكرتي النشيطة كدمية مرمية في الحاويةقالت لي وهي تقشر البرتقال وتلوك الزمنإن الخبز الذي نأكله لا ندرك أنه منتهي المدة إلا حين نتقيأوالأحذية السوداء لا تشعل الطريقوحدها الأرجل الخشبية فتيل الطرقات حين لا تنفع كل أشجار المدينةفلا تقشر جلدك كثيراًالغبار يملأ عظامكقالت وهي تسحب جوربها الأسود الطويل كالليل المخيم على الغابةلا تغلق الأبواب أمام بائعي الزهورالأزهار الجميلة تنتهي مدتها بسرعة حين يصيب السعال أنابيب المياهكان العكاز الذي تحت يدي أغنية القشتلك التي سرد قصصها قطيع العشب الممتدوالانتظار لا يكشف الأغاني المختبئةحملتُ سترتي ونفضت عنها آخر قطرات المطر والعطر القديمحين أريد أن أتذكركِ كما كنتِ أيام زمانمليئة بالحياة وزجاجات العطرألبسُ ثيابي القديمة كالفزاعةوأجمع كل عصافيركِ التي غادرت وجهيأنا متعب فوق ما تتصورينحين أدفع فاتورة الكهرباء أذكر أنني أدفع الكثير من الفواتير دون أن أشعر بهاوصية نائمةتمر الآن إذاً اتركوني أجلس على الشرفة ريثما يمل القمر وصاياي