الثلاثاء ١٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٦
بقلم
خُرُوجٌ مِنْ رَبِيْعِ الرُّوْحِ
خَرَجْنَا مِنْ تَضَارِيْسِ الْمَسَافَاتِ الْمُشَظَّاةِ،خَرَجْنَا مِنْ لَفِيْفِ الذِّكْرَيَاتِ،وَكُلُّهَا فِيْنَا،خرَجْنَا مِنْ نَزِيْفِ الصَّوْتِ فِي الْكَلِمَاتِ،وَانْسَابَتْ جِرَاحًا فِي مَرَاثِينَا،خَرَجْنَا مِنْ قُوَانَا النَّازِفَاتِ، وَقَدْتَمَدَّدَتِ الصَّحَارَى فِي حَوَاشِينَا،خَرَجْنَا مِنْ شُدُوقِ النَّائِبَاتِ، وَقَدْنَمَا الصَّبَّارُ جِسْرًا فِي مَآقِينَا،خَرَجْنَا مِنْ تَقَاسِيْمِ الْخُطُوبِ، وَقَدْتَفَجَّرَتْ الإِرَادَةُ فِي أَمَانِينَا،خَرَجْنَا مِنْ رَبِيْعِ الرُّوحِ فِي فَصْلِ النَّدَى الْعَذْبِ،فَهَلْ تُرْوَى رَوَابِيْنَا؟خَرَجْنَا مِنْ فِلَسْطِيْنَا.خَرَجْنَا مِنْ مَوَاوِيْلِ الثَّرَى الْحَانِي،خَرَجْنَا مِن مَلاَبِسِنَا الَّتِي صِيْغَتْ تُرَاثًا يَسْتُرُ الْجَانِي،خَرَجْنَا مِن بِلادٍ قُضَّ مَضْجَعُهَا بِرَفْسَةِ زَاحِفٍ نَازِي،خَرَجْنَا مِنْ أَعَاصِيرِ الرَّدَى الفَاشِي،خَرَجْنَا مِن مُصَاصِ الْبُرْتُقَالِ، وَقَدْتَفَشَّى فِي هَوَاءِ مُرُوجِنَا الْخُضْرِ،خَرَجْنَا مِنْ شُعَيْرَاتِ السَّنَابِلِ حِيْنَ صَارَتْخَيْطَ ضَوْءٍ فِي التَّلاشِي فِي لَظَى الْهَجْرِ،خَرَجْنَا مِنْ أَقَاوِيْلِ الطُّغَاةِ، وَقَدْتَجَمَّعَتِ الْجُمُوعُ هُنَا مِنَ الشَّرْقِ،مِنَ الْغَرْبِ؛لِتَرْسُوَ فِي مَرَاسِينَا،خَرَجْنَا مِنْ فِلَسْطِيْنَاخَرَجْنَا مِنْ فِلَسْطِيْنَا.تَزَاحَمْنَا عَلَى مَتْنِ الرِّيَاحِ الذَّارِيَاتِ الْعَاتِيَاتِ، وَقَدْذَرَتْنَا نَارُ طَاغِيَةٍ تُذَرِّينَا،وَغِبْنَا فِي تَعَاوِيذِ الْحِكَايَاتِ،وَهِمْنَا فِي تَبَارِيحِ الْمَتَاهَاتِ،كَتَبْنَا بالدِّمَاءِ عَلَى جُسُورِ الْمَوْتِ أَطْوَارًا مِنَ الْحُزْنِ،غَرَسْنَا فِي مَدَامِعِنَا حُرُوفَ الْهَجْرِ سِكِّيْنَا،وَكَانَ الْبَحْرُ عَاصِفَةً طَوَتْ أَجْسَادَنَا فِي شَهْوَةِ الْأَمْوَاجِ أَسْرَارَا،وَنَافِذَةً تُطِلُّ عَلَى أَغَانِينَا،وَكَانَ الْبَحْرُ ضِفَّةَ رُوحِنَا فِي أَرْضِنَا الْحَيْرَى،وَصَارَ الْبَحْرُ سَابِلَةً مُشَرَّعَةً مَنَ الْمَغْنَى إِلَى الْمَنْفَى،وَصَارَ السَّهْلُ أُغْنِيَةً مُمَدَّدَةً بِلا لَحْنٍ، بِلا صَوْتٍ، بِلا وَتَرِوَصَارَ النَّوْمُ أَشْظِيَةً، وَأَشْلاءً مِنَ الْقَهْرِ،تَفَرَّقْنَا بَعِيدًا عَنْ فِلَسْطِيْنَا.حَرَقْنَا الدَّمْعَ أَسْرَابَا،بَذَرْنَا الْحُزْنَ أَعْنَابَا،وَحَيْفَا تَحْضُنُ الْكَرْمِلْ،وَيَافَا تَلْعَنُ الْإِصْرَا،وَحَيْفَا نَاجَتْ الْبَحْرَا؛لِيُوْقِفَ نَزْفَ هِجْرَتِهَا،وَنَاجَى الْبَحْرُ حَيْفَا فِي الظَّلامِ؛ لِتُوقِفَ الْهِجْرَةْ،وَعَكَّا صَوْتُ نَائِحَةٍ تَحُطُّ عَلَى مَآذِنِنَا،خَرَجْنَا عَنْوَةً نَشْقَى،وَهَلْ يَتَذَكَّرُ الْغَاصِبْ؟وَهَلْ يَخْشَى؟خَرَجْنَا مِنْ فِلَسْطِيْنَاخَرَجْنَا مِنْ فِلَسْطِيْنَاخَرَجْنَا مِنْ فِلَسْطِيْنَا.تَرَكْنَا فِي زَنَازِينِ الظّلَامِ الدَّارَ وَالْحَقْلَا،وَتَحْتَ رُكَامِ أَسْئِلَةٍ هَجَرْنَا التِّيْنَ وَالزَّيْتُونَ وَالْجَبَلَا،وَفِي سَاحَاتِنَا انْتَشَرُوا كَحَيَّاتٍ تُجَهِّزُ سُمَّهَا تَسْعَى،وَضَجَّ الْكَوْنُ بِالْأَسَنِ،وَفَوْقَ جَمَاجِمِ الْأَطْفَالِ جَابُوا الْصّخْرَ وَالشُّطْآنَ وَالرَّمْلَا،وَغَطَّى الطَّمْيُ مَاءَ الْبَحْرِ وَالسُّفُنَا،وَكَانَتْ بَطْشَةٌ كُبْرَى.وَفِي خَلَوَاتِنَا حَطَّتْ وُفُوْدُهُمُ،وَلَمْ تَهْنَأْ.تَرَكْنَا فِي صُحُونِ الدُّورِ مَوْتَانَا،وَثَائِقَ بِاسْمِ هِتْلَرَ تَكْتُبُ التَّارِيخَ عُنْوَانَا،وَأُمٍّ فِي السَّرِيرِ رَضِيعَها حَطَّتْ،وَتَاهَتْ فِي نَوَاحِي الْحَيِّ تَخْطِبُهُمْ، وَمَا كَفَّتْ،تُقَلِّبُ كَوْمَةَ الْمَوْتَى،فَوَحْشُ الْقَصْفِ مَا أَبْقَتْ بَرَاثِنُهُلَهَا وَلَدَا،وَلَا زَوْجَا،وَلا أَهْلَا،فَهَامَتْ فِي الْبَرَارِي تَحْطِمُ الصَّخْرَا،تُسَائِلُ تُرْبَةَ السَّهْلِ،تَقَارِعُ قَبْضَةَ الْحُزْنِ،وَمَا طَاقَتْ لَهُ صَبْرَا.وَلَمَّا اشْتَدَّتِ الْأَهْوَالُ فِي اللَّاوَعْيِ هَامَتْ فِي التَّبَارِيحِ،وَفِي أَسْدَافِها غِبْنَا،وَغَسَّانٌ هُنَاكَ يُدَوِّنُ التَّارِيخَ نَثْرًا فِي مَصَائِرِنَا،وَظَلَّ نَخِيلُنَا الْمِعْطَاءُ لِلْغُرَبَاءِ يَبْسطُ أَذْرُعَ الذُّلِّ،تَفَرَّقْنَا بِودْيَانٍ، وَلَمْ نُرْزَقْ بِهَا زَرْعَا،وَلَا ضَرْعَا،وَلَا ثَمَرَا،تَفَرَّقْنَا زُرَافَاتٍ وَوَحْدَانَا.بِلَادُ الْعُرْبِ لِلدُّخَلَاءِ أَضْحَتْ مَنْزِلَا،وَغَدَا الْغَرِيْبُ مُعَظّمًا فِيْهَا،وَظَلَّتْ مَرْتَعًا رَحْبًا لِبَطْشِهِمُ،وَبِاسْمِهِ فِي مَنَافِي أَرْضِ أَجْدَادِي تَظَلَّمْنَا،وَأَهْلُ الْحَقِّ صَارُوا فِي مَقَابِرِهَا عَلَى أَهْلِيْهِمُعِبْئَا،وَمَا أَبْقَوْا لَنَا مِنْ دَارِ "غَسَّانٍ" وَ"عَدْنَانٍ" وَ"قَحْطَانٍ" سِوى الْاسْمِ الْمُسَجَّى فِي الْمَتَاهَاتِ،وَعُدْنَا عَوْدَةَ الْخَاسِرْ،وَعُدْنَا نَرْفُلُ الْأَحْزَانَ فِي خَيْبَاتِنَا الْمُرّةْ،وَكَانَ الْعَوْدُ عَوْدًا أَجْرَدَاهَشَّا،رَمَوْا خُفَّيْ حُنَيْنٍ فِي دُرُوبِ كِفَاحِنَا،وَسَبَوْا أَمَانِيْنَا، وَعُدَّتَنَا، وَكُلَّ هُوِيَّةٍ فِيْنَا.فَعُدْنَا لِلضَّيَاعِ وَهُمْ رَسَوْا فِيْنَا.وَتُهْنَا عَنْ فِلَسْطِيْنَاوَتُهْنَا عَنْ فِلَسْطِيْنَاوَتُهْنَا عَنْ فِلَسْطِيْنَا.