الخميس ٢٧ آب (أغسطس) ٢٠٠٩

دموع على الشاطئ

بقلم: د.مازن حمدونه

أقرأ في ملامح وجهك أسطورة مدينة عامرة تمتد عراقتها تحت خطوط الزمن، فيها تتغلغل الجذور المعتقة برائحة التاريخ ..

في غزة .........

يأخذك الاشتياق ولربما مكابدة الحياة لرحلة عابرة بعد شقاء تستجم على بحرها.. سترى ان أبوابها مشرعة على غضب مشتاط أعلنت شواطئه الثورة لتخاطب الروابي.. تبحث عن حرية مغتصبة خلف قضبان الأسر من جلاد ماكر ومراوغ ومازالت مخالبه تغرس في صدر الوطن وتنهش ضلوعه كذئب غرق في بحر سادية الموت ويقدم لأهلها في كل يوم وجبة جاهزة من الفجور والوجع المغموس بالدم من ترياق النشور الأخير المحنط ..

في غزة ........

ترى أنها أصبحت عاصمة الرحيل من أفئدة الاشتياق إلى جحيم الموت ، باتت شوارعها عامرة بألوان البؤس والشقاء وأصواتها مبعثرة في الأثير.. ملابسها ممزقة رثة بفعلة ذلك الذب الغارق في بحر الغروب وخمارات العزف على جراح الثكالى ..

صيفها كله نقاط وترقب ووحشة.. وقلق الموت في كل لحظة .. تسمع في أثيرها جذوة ومناجاة وانين وسياط جلاد وزئير سجان .. وخمارات احتلال طائراته تتسكع في سماءها في أي لحظة .. تغتال سكينة الأطفال .. والصبايا البكور تنزع عنهم أحلامهم وأمالهم ..

أخشى عندما تفتح المدينة أبوابها ان تتزاحم الأقدام لتعلن الرحيل والسفر بلا بطاقة عودة أو ذكرى .. ؟أخشى ان تسحق ماضيها من الذاكرة الوسطى والكبرى ..

قد ترى في موكب الرحيل الأخير كل البؤساء وقد قرروا بعثرة بطاقات مرسوم عودتهم الأولى ليعلنوا سقوط الحصن الأخير من دائرة الأمل المتبقي..

فليتذكر كل الذين ظلموا التاريخ أنهم اسقطوا الحصون من أفئدة الناس وأنهم رسموا بغيهم أسوأ وأردأ خطوط وأشدها شحباً على وجه الزمن..

كم سعينا ان نرحل الذاكرة من جيل الى جيل في أجمل حلة.. الا أننا اصطدمنا بلا حسابات ليفرض القدر علينا عقاب الرب وغضبه إذ بتنا ضحايا الضمائر الغائبة وعقول لم تعد تسمع غير نفسها.. فعاشت صريعة الوهم.. كمن شخص نفسه في شقوق مرآة محطمة .!!!

إذا كان الزمن كفيل بأن يكفكف جراح الثكالى.. فأخبروني بالله عليكم من سيكفل تكفيف جراح ذاكرة أطفالنا!!

في اللحظات الأخيرة من ليلة أعلن الظلام اندثاره.. ومضت في وجدان عقلي تساؤلات كثيرة .. متى ينتهي عصر التجديف في بحور الوهم!!! كيف ومتى ينتهي التحديق في عيون الظلام!! متى ينتهي البحث عن مفردات العزاء بعدما سطرنا كل مفردات الموت!!

متى تنتهي ولاية الفزع والتشرذم من عيون أطفالنا وشبابنا ويبحروا في مياه عامرة بالتجديد!!

متى تحط الأماني حقائبها على قاطرة السكون لتصل محطات السكينة والأمل من جديد؟

متى تصل قافلة ذالك الرجل الذي لف جيدة دهرا بالصبر وتقلب طويلا على بسط الصبار وما زال لسانه يردد: قد تسطع الحقيقة مجدداً ونرى بقية أركان المشهد مزخرفا ومعطراً وتشق السكينة الزغاريد !!

بقلم: د.مازن حمدونه

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى