الثلاثاء ١٩ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٧
قراءة في ديوان
بقلم توفيق الشيخ حسين

«طفل في عوالم غيمة يكتب.. قصيدة عنوانين»

غيمة ٌ ثلاثة ُ غـُصينات ٍ بيض ٍ
طولـُها هو طول ُ طفل ٍ
يكتب ُ في عوالمـِها،
الآن َ..
هبطت ْ من العصافير
في حجرة ِ المزرق ّ
تحت َ الطست ِ،

يرسم ُ من وحي القلب ِ أشياء ساكنة في مكانها ويسميها طبيعة ٌ صامتة، ظلال ٌ خائفة، مرعوبة كأطفال تخاف من افتراس الضوء في ابادة روح العتمة، غيمة ٌ بيضاء تتدلى من غصن ٍ أبيض تحتضن وجعا ً وتروي ظمأ ً وتبدد خوفا ً..

عن دار الينابيع للطباعة والنشر والتوزيع في دمشق / 2017 صدر للشاعر عبدالله حسين جلاب ديوان الشعر"طفل في عوالم غيمة، يكتب قصيدة عنوانين"يتضمن 23 قصيدة شعرية نعبر عن الطاقة الشعرية الكامنة لدى طفل متمرد مع تعدد الصور المتلاحقة في قصائده الشعرية..

يصرخ والهـم ّ في داخل عروقه تجمع ّ، لقلب ٍ متعب ٍ مع جوارح حزينة، يهرب من عالمه الأشباح ويظللهما جناح الكون عبر أمواج تتلاطم وتخطو بهديرها على نبضات العمر، في داخله جرح ٌ وألم لم تعد الأوراق تحمل حروفه والأشياء من حوله في ضياع..

غراب ٌ ينعب ُ مرتحلا ً
فوق شجر ٍ بلا رؤوس ٍ
كف ّ خضراء ُ
بين أناملها نجمة ٌ
تخرج من رأس شجرة ٍ تحترق ُ

كالطير فوق غصين يتحسس حركة الكون، في ذاكرة البرق يحلق في رحلته عبر محطات لا يقتفي فيها أثر، بين زرقة السماء وأنياب الأرض، ليعلن أرتحاله عن مدينة غير واضحة المعالم..

أطير ُ الى قلبها الأزرق،
بجناحين من البرق ِ
فترضعني
من ْ صدرها الأخضر
ماء َ الجمـّار!

تتصاعد الآهات من عشق الأرض، يشق ّ في جوفه لحد ويصبح قلبه قبرا ً، ويشعر بأن هناك له روح تجسد ّ ذلك التراب، وتبعث له الحنان كلما أبتعد في غربته، ينتظر الغروب ليبقى لحظات مع نفسه يتأمل روعة شط العرب عندما تشتد ّ ظلمته حين تطل ّ منه الذكريات وتنكسر على ضفافه الأحلام.

من خـُوصك ِ الأزرق ِ ثوبي ومنفاي!
أذبلني، في محـَني، ترابـُك ِ..
وما خنت ُ عاقولة َ قبر ٍ من ْ مقابرك ِ
التي لا تـُحد ّ
لا أ ُريد ُ من قاع ِ أبيك ِ شط ّ العرب
سوى مترين من ْ مائـِها الأشيب ِ
لأنام َ في ظلمتـِهما،
طويلا ً..

جمرة ٌ ملتهبة ٌ توقد ُ نارا ً في قلبه وتختزل كل المشاعر لينفرد بعشق قصائده.. ولوحاته.. يحاكي خياله ويغوص في أعماق الصور، وتعصف به رياح مشاعر لا تستقر كأمواج صاخبة من الأحاسيس، يرسو به شعره على شواطئ تستوطن الروح ولا يملك الا شوقا ً ونبضا ً يسكب بالأعماق عطر الوجود..

أنت ِ كرة ُ الدنيا
وأنا ذرتـُك ِ
أنت ِ السماء ُ
وأنا نجمتـُك ِ
أنت ِ البحر ُ
وأنا موجتـُك ِ
أنت ِ الشجرة ُ
وأنا يخضوُرك ِ
الحمامة ُ أنت ِ
وهديلـُك ِأنا

تطل ّ على دمه نخلات تجسد ّ تأريخ الطين، تشق عنان السماء مع واحاته المغمورة في طيبة الرمل المنسية في قاع العينيين، تـلون بهدأتها الأرض عبر نخلة الدرب الطويل، مع فقاعات الطين التي تكتب نصوصا وتشكل لوحات.

بصيص ٌ في زجاجته ِ
يتدلى من قلب ِ نخلة ٍ
في السماء!
أعمى على عصاه
يراه
صيف بأعينه ِ
على أسطح ِ الطين ِ

في حدة الصمت المتوحد في عزلة الليل يجمع فيها ما تبقى من روحه ليكتب قصائد كزلزال رج ّ خوافي النفس، في أعماق سكونه موج هائج يتلاطم يترجمها على صفحات الأوراق البيضاء لعلها تغسل همومه، وتعيد ترتيب حقائب جسده المسافر في ذاكرة الموج التي تتهادى مع التيار..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى