عهدٌ مسرعٌ كشهاب
| قصدتُ عناقَها بَعدَ اغترابِ | وقصدي واضحٌ حدَّ الضبابِ! |
| أجمِّعُ من تبقّى من وجودٍ | وأمضي نحو بغدادِ الشبابِ |
| وأعلمُ أنها ظلتْ حلوباً | يغرِّدُ في جنائنها المُرابي |
| وأعلمُ أنها شاختْ مِراراً | وناحَ بها الربابُ على الربابِ |
| وناختْ فهي تسجدُ لا لتقوى | ولكنْ هكذا ثقلُ المَصابِ |
| وباختْ! مثلما مطَّتْ شفاهٌ | على مهلٍ أوابدَ من خطابِ |
| وداختْ! فهي تنهلُ من وعودٍ | شراباً بل وألعنَ من شرابِ! |
| فمن أحقاد بعثيٍّ غبيٍّ | إلى قَزِمٍ حراميٍّ وهابيْ |
| إلى دنيا سياسيٍّ تساوى | - وقد قُبِرَ (المهيبُ) - مع الذئابِ |
| وكُثْرٌ حذَّرونا من بعوضٍ | وهمْ أبناءُ عمٍّ للذبابِ |
| كذا وطنٌ رثاهُ الكونُ مأوىً | لمَن قاسى وغُيِّبَ من رِهابِ |
| حليقُ الحقلِ لا ثمرٌ لذيذٌ | سوى الغَصّاتِ تَينع في الرحابِ |
| ولا ترجيعُ أطيارٍ صباحاً | على بيتٍ ولا طَرْقاتُ بابِ |
| يغلِّفُهُ السكونُ كما الهدايا | ليسهلَ فتحُها بيد الخرابِ |
| فقلتُ: ستعسرُ الأحوالُ حتماً | عليهمْ والمصائرُ للترابِ |
| عزيزٌ ذلَّ لا معنىً لشكوىً | ولا التهليلِ للدمِ والعذابِ |
| أراني لامحاً أسرارَ طيفٍ | تجمَّعَ فجرُهُ فوق القِبابِ |
| ويا أمي التي رانت بنورٍ | على الصوبين يا تعبَ العتابِ |
| أجيئُكِ والسنون قطارُ حزنٍ | وسكةُ حيرةٍ لأقولَ ما بيْ |
| وإنكِ يا سلمتِ جوابُ حلمٍ | غزاني مُشرقاً والبالُ كابي |
| حلمتُ بثورةٍ وهديرِ رعدٍ | لعهدٍ مقبلٍ مثلَ الشهابِ |
| ثراءٌ في النفوسِ وفي المغاني | وفي الحدَقاتِ حيثُ أرى انتسابي |
| وألمحُ ما يسافرُ من مَراعٍ | ومن مدنٍ وبستانٍ وغابِ |
| وبلدانٌ نراها في بلادٍ | ومكتبةٌ نراها في كتابِ |
| ليهجرَ أمرؤ القيسِ العذارى | فيُسجَنَ في هوى أمِّ الربابِ! |
| وتنتصرُ الحياةُ غداً كلحنٍ | يهدِّىءُ روعَ نازكَ والسيابِ! |
| ويلهمُني لأشكرَ كلَّ حينٍ | (جمالاً) كلَّ شكرٍ و (العِقابي) (*) |
| إذنْ لي أمسيَ الحاني شفيعٌ | لُبابٌ نابَ دفقاً عن لُبابِ |
| وأشعلَ خاطري بلظى قصيدٍ | فأشعلتُ الحدائقَ والروابي! |
| بروقاً وانطلاقاً واستباقاً | لأحصنةٍ تحمحِمُ في السحابِ |
| وضلَّلَ كلَّ دربٍ من دروبي | فلا أدري ذهاباً من إيابِ! |
(*) أردتُ الشاعرَين العراقيَين المقيمَين في الدانمارك جمال مصطفى وحميد العقابي فأنا ألهج بالشكر لهما فقد استفدتُ من خبراتهما الشعرية كثيراً في بداية رحلتي مع الشعر .
