فراشة الحواس
صدر حديثا للشاعرة الفلسطينية آمال غزال من مدينة جنين مجموعتها الشعرية الاولى تحت عنوان فراشة الحواس قطع وسط 96 صفحة.
بلغة شفافة وشاعريه تصوغ آمال اللحظة الحياتبة الهاربه من بين اصابع الشعلرتء لتكتسح فضاءات جديدة.. دامجة ارتجتف المكان مع حزن الواقع المعاش عبر اثيرية السبك الشعري بدفء وحنان
ضمت المجموعة 30 قصيدة تتراوح بين القصيدة القصيرة والطويلة وكان الغلاف لوحة وتصميما للفنان حسني رضوان.
وقد قدم لها الشاعر والناقد الفلسطيني فيصل قرقطي تحت عنوان: فراشة الحواس لآمال غزال:
إثارة أسئلة الدهشة في حيواتنا
فراشة الحواس لآمال غزال:
إثارة أسئلة الدهشة في حيواتنا
وقال ان الكتابة عن عمل شعري، أمر لا يخلو من المغامرة الحادة، لا سيما وأن الأعراف النقدية عموما، باتت اليوم تتحرك في دائرة المسموح... والممنوع وهذا المسموح له ما يبرره، لكن هذا الممنوع له ما يدينه بامتياز.
وآفة النقد والشعر العربيين تتركز في أن النقد لم يتصالح مع نفسه حيال الشعراء الكبار أو الرواد، إن صحت التسمية مثل أدونيس ودرويش وسعدي يوسف، بالضبط مثلما لم يتصالح مع نفسه حيال السماء الشعرية الأخرى، والأجيال الشعرية الأخرى التي حفرت عميقا في الأرض البوار.. أرض الشعر العربي.
فهل نستطيع ان نقرأ ديوانا شعريا جديدا لاسم جديد على نحو مغاير للسائد؟
والمغايرة هنا تعني محاولة إعادة دمج وعي القارئ في النص، ليتشبع به حتى حدود التشاكل والتناقض.
هذا السؤال يدعو بالدرجة الأولى النقد العربي إلى الإجابة عنه، ليس بالنسبة للقامات الشعرية الكبيرة وحسب، وإنما، أيضا بالنسبة للنتاج الشعري العربي بعامته، ولمختلف الشعراء وتحديدا للأسماء الجديدة. لأن وعينا فيهم، وفي نصوصهم يجب أن ينكب على التراكمات الحتمية التي أرست في نصوصهم هذا الزخم الحر في القول والصوغ.
هذا لأن الشعر ، كما يقول ارنيست فيتشر "ضرورة .. وآه لو أعرف لماذا".
ولا يخفى على أحد أن القصيدة لها مرتعها الخاص بها، ذاك النمو الذي تنمو به على نحو يتساوق مع معطياتها وآفاقها ومعانيها. إلا أن هذا لمكان لا يعدو كونه حاملا للنص، ورافعا له من أتون الظلمات النفسية إلى فراغ الوجود المنير، ذاك الذي يتجلى في ضوء القصيدة ذاتها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو أن القصيدة تعكس المكان في متنها على نحو يبرز هويته.
لا تنقصني الجرأة في أن أقول لا، لأن القصيدة ، حتى وإن أخذت حيزا شاسعا من / وفي المكان، إلا أنها لا تعبر عنه فحسب، بل إنها تصوغ الأمكنة كلها، التي في مخيلة الشاعر لتصبها في المكان ذاته.
ومهما حاولت أن تبتدع مكانها الخاص، إلا أنها تظل مرتبطة بمكان ما للدلالة عليها، والإشارة إليها. لكنها تتمرد دائما على المكان، وكأنها تريد أن تبني من، وفي المكان، أمكنة متخيلة لتدمج المعطيات الكلية للأمكنة في مكان واضح ومحدد.
وهي لا تستسلم أبدا للمكان، بعينه، إذ هي تتمرد على المكان لتصل ذروة المكان المحتمل، أو المكان المؤهل والمؤمل الوصول إليه.
وهذا بالضيط ما أردت قولة بالنسبة لشاعرتنا السيدة آمال غزال التي تطل علينا بأول مجموعة شعرية لها.
لأن في نصها يتعانق المكان المتخيل بالمكان في الواقع لتبدأ بعدها بإثارة السؤال الإبدعي على نحو شفاف.. لا يجامل رغم رقته ، ولا يهادن رغم عذوبته.. بل انه صوت صادم يدخلك في كل الأمكنه.. ولا يترك لك برهة التفكر فيها.. وهنا تحس انك تمتلك كل الأمكنة بامتياز.
انها نعومة تتصالح مع خشونة الشنفرى ومعين بسيسو رحمهما الله في مد دروب المعاناة الى فضاءات أرحب وأعمق لما يستجد في واقعنا العربي. هذا الواقع المأزوم التي انشفت تفاصيله لنا من خلال ثورات الربيع العربي .. والى أي مدى هرمنا؟!
ان شاعرتنا وهي تنسج نصها الشعري في نولها الخاص، المستمد من تجربتها الحياتية تحاول محاكاة النصوص الكبرى في الشعر النسائي الفلسطيني والعربي، وأيضا بالإضافة إلى أن نبرتها الخاصة والمميزة لروح قصائدها.. فانها تحاول الوقوف مليا على إثارة أسئلة الدهشة في حيواتنا.. لتعطينا معان ودلالات كانت حولنا.. وكنا نعرفها؛ لكننا لم نكن نقيم لها وزنا وسط هذا الصخب الذي يجتاح حيواتنا بالعادي والمكرور من المشاغل.
أخيرا أستطيع ان اقول: إن السيدة آمال صوت شعري جديد له ما يبرره وما يؤسس له من تشابك الابداع الشعري في معناة الانسان في الزمان والمكان على السواء.