الخميس ١٩ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٩
بقلم محمد غاني

فلنحترس من زيارة اوجاع الماضي

هناك تقنيات للتعامل مع الذكريات مهمة للغاية اذا تمعنا في فاعليتها في حياتنا اليومية، فرب شخص يعيش تعيسا، لا لان حاضره بئيس، بل لمجرد انه عانى التعاسة يوما...، كما ان استحضار الذكريات ذات الحمولة الايجابية التحفيزية هو ما ينبغي التنبه الى اهميته، هاته القطبية المتناقضة بين ذكريات ذات حمولة سلبية تصطحب لنا في حياتنا الحاضرة شعورا بالأسى و الالم، رغم تجاوزنا للحظاته، و ذكريات ذات طابع تحفيزي تقوي أملنا و رغبتنا في الحياة نظرا للعبرة و الحكمة التي قد نستقيها من تلك الذكرى، فتتقوي هممنا للمضي قدما في طريق الحياة.

تقنية حكيمة ينصحنا بها الاديب جبران خليل جبران في صياغة مذهلة:"احترس من ذكرياتك، فالوجع يزورك مرة واحدة، و لكنك لا تتوقف عن زيارته"، هذا تكتيك اقل ما يمكن ان نصفه أنه مهم للهروب من الاحزان يقابله لتحقيق نفس الهدف "تقمص شخصية القدوة" فان طالب النجاح في مجال ما لا بد له من تتبع طريق سابقيه في ذلكم الحقل العلمي المطلوب، حتى يتمكن منه تمكينا بليغا، فالذي يريد ان ينجح في تجارة ما، عليه طبعا مثلا ان يتقمص حال الناجحين تجاريا، لذلك عبر احد الحكماء الصينيين عن هذا المعنى في ايماءة لطيفة قائلا: "إن الرجل الذي لا يعرف كيف يبتسم، لا ينبغي له ان يفتح متجرا"

يسبح العقل في بحر التفكير ولا بد لربان سفينته من التحكم في مجذافيه حتى لا يغرق بنا في متاهات اعماقه دون التسلح بتجهيزات السباحة العميقة من قنينات اوكسجين التفكير الى لباس النظارات الواقية من اضرار مياه التفكير على عيون البصيرة، فالعقول كما يرى تشارل ديكنز مثل الاجسام، غالبا ما تسوء حالتها جراء الراحة الزائدة"، ميكانيكا التفكير تزداد فاعليتها بالممارسة كما هو الحال بالنسبة لموتورات السيارات التي يشهد لها خبراء الميكانيكا بازدياد جودتها بارتفاع نسبة تشغيلها.

ليس المفكرون الاجانب فقط من شبهوا عالم الافكار بعالمنا الحسي، بل نجد من المفكرين العرب من انتبه لهذا الامر فنبه اليه: كالمفكر الرصين مالك بن نبي الذي يرى انه "من الطبيعي ان نتصور الخلل في عالم الاشخاص بكل سهولة، اما الخلل في عالم الافكار فمن الصعب كشفه"، و لذلك ينصح الاطباء الناس الذين يهدفون الى تحسين قدرات التذكر بالتمارين الرياضية لما لتدفق الدم في الدماغ من قدرة كبيرة على تحسين الذاكرة.

كما ان تمارين علوم الرياضيات مفيدة للغاية في تمديد عضلات الدماغ، و من ثم لها الدور الكبير في ارتفاع القدرة على التحليل و تحسين المقدرة على التذكر و الاستذكار، لكن هاته القدرة على التذكر و تحليل الذكريات ينبغي طبعا اجتماعها بعامل اهم في توجيه تركيز الدماغ على ما ينبغي تذكره و كيف ينبغي تحليله، و نقصد بطبيعة الحال عامل "القراءة"، حيث لا يخفى على احد ما لها من فاعلية كبرى في تحسين مستوى الذكاء الذي ما هو في النهاية هو معرفة كيفية استخدام مختلف التقنيات الحياتية في واقعنا اليومي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى