الثلاثاء ٧ آب (أغسطس) ٢٠١٨
قراءة في قصة
بقلم سهيل عيساوى

«في بلدنا انتخابات» للأديب سهيل كيوان

فصه"في بلدنا انتخابات"قصة معدة للأطفال، للكاتب المعروف سهيل كيوان، رسومات ملونة للفنانة منار نعيرات، اصدار مؤسسة الاسوار، مركز ثقافة الطفل، 2017، تقع القصة في 24 صفحة من الحجم المتوسط، غلاف عادي.

تتناول القصة موضوع الانتخابات للسلطة المحلية في قرية عربية، يصف كيف تعج القرية بالحركة في ظل انتخابات وشيكة الكل يدلو بدلوه، يحاور ويناقش، ويحلل، ويتوقع، اللافتات عل قارعة الطريق، وعلى سطوح المناول والشرفات، مجاملات، وزيارات ومهرجانات وحلقات بيتية.
في القرية المرشح الأول"أبو شاهر"شعاره"أبو شاهر على مصلحة البلد ساهر"رصيده تجربة كبيرة ومشاريع كثيرة، ينوي إقامة مدرسة ونافورة وتمكين النساء ودعمهن، وتوسيع مسطح القرية، أما المرشح الثاني"أبو نادر شعاره"أبو نادر نحو التقدم سائر"في نظره القرية بحاجة الى خبير مختص بالحسابات للتوفير، واحترام الصغير والكبير، وانصاف الفقراء أمام الأغنياء. وكلا المرشحان زار العائلة لعرض برنامجه الانتخابي وتم استقبلهما بحفاوة.

الام ترفض أن تفصح لابنها الصغير عن توجهها السياسي، موضحة ان الانتخابات سرية وديمقراطية،و الحي ينقسم بين المرشحين.

أخيرا أقبل يوم الانتخابات، يوم عطلة رسمية، صناديق الاقتراع موجودة في المدارس والمؤسسات الحكومية، السيارات تنقل الناخبين على عجل، وبكثافة متزايدة، وخاصة كبار السن منهم، كان القرية تلبس ثوب العيد من شدة الفرحة، المرشحون قلقون طبعا لكن مع تفاؤل ورغبة بالفوز.

ليلة فرز الأصوات يجمع الناشطون متابعون عبر الهواتف النقالة الذكية النتائج التي تصل تباعا، بعد فرز 5 من لصناديق كانت النتيجة لصالح مرشح الرئاسة"أبو شاهر"هنا علت صيحات الفرح بين مؤيديه، لكن بقي صندوق واحد، هنا انقلبت النتيجة رأسا على عقب، فقد اسفرت النتيجة النهائية عن فوز المرشح"أبو نادر"بالرئاسة بفارق 40 صوتا، هنا علت صحيحات المعسكر المنافس. لكن الطرف الاخر تقبل النتيجة برحابة صدر لأن الأغلبية قررت. وتشكل وفد لتقديم التهاني للفائز والتقطت الصور التذكارية وانتشرت في المواقع الاجتماعية وعلى الشبكة العنكبوتية.

رسالة الكاتب

الانتخابات سرية وشخصية وديمقراطية ويجب ان تظل بهذه الصورة.

على كل مرشح توضيح برنامجه الانتخابي بشفافية للجمهور.

على الناخب أن يقرر وفق ما يمليه عليه ضميره وتصوره دون ضغوط اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية.

يوم الانتخابات يجب ان يكون بمثابة نزهة وعيد لجميع المواطنين على الطرف الخاسر احترام النتيجة وتقديم التهاني للطرف الفائز، وقبول الحسم الديمقراطي من أجل الحفاظ على روح الديمقراطية وعلى النسيج الاجتماعي.

عند فرز النتائج على جميع الأطراف ف التريث الى حين فرز جميع الأصوات.

من المهم ان يهتم الطفل ويفهم موضوع الانتخابات.

ملاحظات حول القصة:

ورد صفحة 16"والمرشحون قلقون بالفوز متفائلون"من الصعب الخلط بين القلق والتفاؤل، بل من الطبيعي ان يقلق المرشح على مستقبله السياسي، الاقتصادي والاجتماعي، وعلى وضع أنصاره وفق النتائج.

الكاتب سهيل كيوان في قصته المعدة للأطفال، صور لنا سير الانتخابات في المجتمع العربي، على انها اشبه بانتخابات في المدينة الفاضلة، بعيدا عن الواقع المرير، الاصطفاف العائلي، التهييج الطائفي، التجييش في الأعراس،المقاطعات الاقتصادية والاجتماعية، النفاق، تضليل الناخب، الوعود المكماهونية العرقوبية، العنف الكلامي وحتى الجسدي الانتقام السياسي، هدر المال الخاص، والتبذير والبذخ، الاستغلال السلبي للمنصات الاجتماعية. من منا لا يطمح بأن تكون الأمور وردية وديمقراطية بحتة وعرس ديمقراطي.

اقتصر الترشيح على اثنين من أبناء البلدة، حبذا لو تنافس 3-5 مرشحين، لتمكن الناخب من التعرف على برامج اكثر، وكانت امامه إمكانيات اكثر للاختيار بعيدا عن القطبية الثنائية.
لم تظهر أي امرأة كمرشحة للرئاسة أو للعضوية، اقتصر دورهن بالقصة على التصويت، وان كان هذا هو الواقع في جل البلدات العربية.

لم يبرز دور المتنافسين على عضوية السلطة المحلية، رغم دورهم الكبير في حسم النتائج وتسيير العمل البلدي.

عدم ابراز التنافس على أساس تيار سياسي او فكري او أيديولوجي انما بين شخصين وفق برامجهما.

صحيح ان القصة وردت من لسان الأطفال، لكننا لم نشعر بان لهم دور مركزي في القصة.

خلاصة:

تطرق الأديب المعروف سهيل كيوان، لموضوع شائك وهام لنا كعرب، وهو انتخابات السلطات المحلية، ومن الضروري اطلاع أطفالنا عليه في جيل مبكر، لأنهم عماد المستقبل، والتربية السليمة في الصغر، توفر الكثير من المشاكل وتمنع الانزلاق اليها.

ليس المسهل التطرق الى هذا الموضوع، لحساسيته، ومن الممكن تأويل القصة والحكم عليها بعيد عن أدب الطفل، الكاتب من خلال طرح الموضوع أراد إيصال رسائل معينة.

القصة لغتها سلسة وملائمة للأطفال رسوماتها جميلة ومعبرة، تحمل رسائل إيجابية للمجتمع، لكننا كنا نتوقع من الكاتب القدير سهيل كيوان، المزيد من التعقيدات في بناء الحبكة، فقد جاءت القصة بوتيرة واحدة بعيدا عن المفاجئات مثل نهر يسير بخطوات ثابتة ومتكررة حتى يصل مصبه، النهاية متوقعة والاحداث يتوقعها القارئ، بينما في قصص أخرى للكاتب مثل"علبة حلاوة"و"أغلى من الذهب"لجأ الكاتب الى النهايات الصادمة والغريبة الى حيل ذكية تخدم بناء القصة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى