الاثنين ٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٩
بقلم جميلة شحادة

لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير

ما زلت أذكر ذلك اليوم جيدا حيث كانت عيون طلاب مدرستي موجهة نحوي، مستهجنة سلوكي وانا أهتف باسم ربيع - حارس مرمى فريق كرة القدم في المدرسة- مشجعة ومهنئة إياه وزملائه على دخول الكرة في الشبكة التي كان يحرسها على يد لاعب من فريق المدرسة المنافسة. نعم ما زلت اذكر هذا اليوم وذاك الحرج الذي انتابني بعد ان اسرع ربيع نحوي واقترب مني والدموع تترقرق في عينه قائلا بصوت منخفض:

 معلمتي "الجول" مش النا. إحنا خسرنا.

نعم؛ ما زلت أذكر هذه الحادثة ومدى جهلي بلعبة كرة القدم وقتئذٍ كلما عاش افراد عائلتي اجواء كأس العالم بكرة القدم ( المونديال)؛ أو كلما التقيت بزميلات وأصدقاء لي، وراحوا يسترجعون النوادر التي عشتها وعاشوها معي في السنة الاولى لي من عملي في مهنة التدريس وذلك بهدف التندر واشاعة جو الفكاهة على مجلسنا.

واليوم أعود واذكر هذه الحادثة؛ لأوضح لكم أنني أفهم في أمور كرة القدم، كما أفهم نصا مكتوبا باللغة الصينية؛ ولهذا لن أتحدث لعبة كرة القدم ولا عن فرق ونوادي عالمية أو محلية لكرة القدم؛ وانما سأتحدث عن رأيي بما يتعلق بتصريح اللاعب المصري، ونجم كرة القدم، محمد صلاح بعد أن انضم ابن بلدي لاعب كرة القدم الشهير، مؤنس دبور، الى فريق كرة القدم الانجليزي، ليفربول. فقد تناقلت وسائل الاعلام على مختلف انواعها تصريحا للاعب المصري محمد صلاح جاء فيه انه يهدد بالرحيل عن فريق ليفربول الإنجليزي لكرة القدم، إذا ضمّت إدارته إلى صفوفه اللاعب مؤنس دبور، وذلك لأن دبور يلعب كمواطن إسرائيلي، في صفوف منتخب إسرائيل الوطني.

ان تصريح محمد صلاح هذا، يذكرني بأحد الأدباء الشباب من أصل فلسطيني ويعيش في الأردن حيث هاجم السنة الفائتة أصدقاء صفحته في الفيس بوك من فلسطينيي الداخل، مستهجنا احيائهم لذكرى نكبة شعبهم الفلسطيني وهم يحملون جوازات سفر اسرائيلية. كذلك يذكرني تصريح اللاعب صلاح، برئيس تحرير إحدى الصحف في دولة عربية؛ حيث أخذ قصيدة لي لينشرها في جريدته، وبعد أن عرف اني من الناصرة في الداخل الفلسطيني، اعتذر عن نشر القصيدة حتى لا يُتهم بالتطبيع. واكتفي بهذا القدر من الأمثلة ولن أطيل عليكم بذكر المزيد من المواقف والأحداث التي نمر بها نحن فلسطينيو الداخل او التي نقرأ عنها وتقصينا من إخوتنا العرب في الدول العربية، لأن القائمة طويلة، وطويلة جدا.

اذن؛ تصريح محمد صلاح إن دل على شيء، فأنه يدل على أنه وملايين غيره من إخوتنا العرب، لا يعرفون الكثير عنا، نحن فلسطينيي الداخل، أو كما يُطلق علينا "فلسطينيي ال48".

هؤلاء لا يعرفون أن كثيرين من فلسطينيي الداخل يقاسون اللجوء وهم في وطنهم، بعد ان هُجِّروا من قراهم وبلداتهم ولجأوا الى البلدات المجاورة ، مثل الصفوريين ( الصفافرة) على سبيل المثال، الذين يموتون قهرا كل يوم وهم ينظرون الى بيوتهم ومزارعهم القريبة منهم ولا يستطيعون الرجوع اليها. هؤلاء لا يعرفون اننا نحن فلسطينيو الداخل نقبض على تراب الوطن كالقابض على الجمر في راحة يده؛ فمنذ سبعين عامًا ونحن نواجه مخططات إسرائيل التي تستهدف اقتلاعنا من الوطن. هؤلاء لا يعرفون اننا نحن فلسطينيي الداخل ورغم القمع باقين على لغتنا العربية وعلى لهجتنا الفلسطينية، ونناضل للحفاظ عليها. هؤلاء لا يعرفون اننا، نحن فلسطينيي الداخل، ورغم القمع نحرس أرضنا ونحافظ على تراثنا الفلسطيني؛ فقصائدنا تتغنى بتراب فلسطين، وابناؤنا وبناتنا نعلمهم/ن الدبكة الفلسطينية وتطريز الزي الفلسطيني ونربيهم/ن على محبة الوطن والتمسك بالكرامة وبعروبتهم/ن.

هؤلاء، ممن يتطاولون علينا بالكلام من اخوتنا العرب، لا يعرفون عن نضالنا اليومي ضد التمييز والعنصرية، ولا يعرفون اننا مواطنون غير مرغوب بنا في دولتنا التي صار اسمها بعد نكبتنا إسرائيل.

نحن يا سادة؛ كما قال المثل الشعبي الفلسطيني: نحن، لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير".

مع هذا، إن لمناكم، نحن إخوتكم فلسطينيو الداخل، فإننا نلوم جهلكم وقلة معرفتكم بنا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى