لُهَاثٌ خَلفَ الجِدار
لُهَاثٌ خَلفَ الجِدار
وأنّاتٌ تَسبَحُ في رَحِمِ الفَراغ
أنينٌ يُوصِدُ أبوابَه في وَجْهِ الأثير
تَخرسُ التّمتماتُ، ويَسكتُ اللُّهَاثُ...
كانَتِ الشّمسُ تَميلُ عُنقَها؛
لِترى مَا يَجري خلفَ الجدار
وداخلَ الأقْبيةِ المَملوءةِ برائحةِ الشّهوة.
تَعْبُرُ الأزقّةُ ذَاكِرتي، ...
وتَتسكّعُ على خَرائطِ الرّغْبةِ
مِثلَ مَجمَرةٍ كَونيّة
يُوقِظُها الحنينُ المُكتَظُّ بالمَرارة..
مُستنِداً مِلْءَ شِدْقَيهِ إلى
مَرافئ ولادةٍ جَديدة.
أَعبُرُ عِطرَ وردةٍ طَالعةٍ من أدغال قاعٍ
غريقٍ بالصَّمت
وأنشدُ قصيدةً خرساءَ
مَصلوبةً على زجاجٍ
مثلَ أبخرةٍ رَطْبةٍ على
لوحِ طِينٍ يابس.
طيفُكِ المَجنونُ يَجُوبُ أوراقيَ
وتَطَأُ أنامِلُكِ شُرُفاتِ القَرميدِ في عيوني
لاشيْءَ يَروي ظمئي الدّاخلَ في
ظُلْمةِ سَماءٍ كَئيبةٍ
أرتجفُ مثلَ قَصيدةٍ تَموجُ
في خَيال شاعرٍ مَجنون
أخبّئُ وَجعي تحتَ غَيمةٍ
تَعُجُّ بإشاراتِ الاستِفهام.
منذُ سِنينَ تُطوّقني شَهوةُ الأجنحة ...
مثلَ ريحِ كانونَ أعوي وحيداً
ونشوةُ السُّكْرِ تَتوهّجُ في رأسي كسَحَابٍ
ارتدى العِنادَ إليكِ...
منذ سنينَ كتبتُ وصيتي لعينيكِ ...
أنفاسُكِ تُبْصِرُ الأضْواءَ
مُسافرةً في مَدًى من جحيم
تَتشقّقُ الجُسورُ الواصلةُ إليكِ،
وتتطايرُ في غياهبِ الوَشوشات
لُهاثُكِ يَحجبُ الشّوقَ المتآكلَ في
شهقة السّرير
تطأُ أقدامُهم أوراقيَ المخبوءةَ، المتوهّجة غربةً،
ويرفعون كؤوسهم في حضرة الغياب ...
فأَتناثرُ كأوراقِ أيلولَ الصَّفراء
على دروبِ الشّرود.
أتزحلقُ على قوسِ قُزَح ...
وألوّنُ القيدَ الذي يُحيطُني
وأضاجعُ اللّحظاتِ
مُغتسِلاً بأريجِها المُعبّأ بالشّتائم.