ما بعد الأربعين!
أعتقد أن أربعة عقودٍ من العمر كفيلة أن تجلببك بفتاتٍ من وريقات المعرفة، متى ما أحسنا الرفاق والوفاق!
ـ الكثير منا ــ مع الأسف ــ لا ينطوي لسانه من الاستشهاد بالأقوال، ولكن ساعة ما ترجه بالفعل والعقل «ما ميش لبن»!
ـ الكثير منا ــ مع الأسف ــ صوته بقرش، وكأنه هاتف عملة متى ما أعطيته تكلم ببراعة!
ـ الكثير منا ــ مع الأسف ــ يفرق بين الصدق والكذب.. لذا تجده يتفنن بالتورية، وتلوين الحروف لكل طارقة وشاردة!
ـ الكثير منا ــ مع الأسف ــ مثل «جدر الضغط» يعرف التذوق ولا يحسن الأكل متى ما تعارضت مصالحه مع الملاعق «والملاليس»!
ـ الكثير منا ــ مع الأسف ــ يظن بأن وجوده في حياة غيره بوابة الجنان.. فيا حبيب الجوار دونك المقبرة وتعداد العبر والصور هناك!
ـ الكثير منا ــ مع الأسف ــ يغزل الهواء بكلامه، وفي تحرك رمشه حداء الليل ورقصة ذيل!
ـ الكثير منا ــ مع الأسف ــ كمسمار جحا على كل باب «يزهم» وفوق كل إناء «يرهم»!
ـ الكثير منا ــ مع الأسف ــ غني المال فقير الوصال حتى بأدنى من كلمة أو رقة ابتسامة!
ـ الكثير منا ــ مع الأسف ــ كثير التبرير وقليل التدبير حتى في شؤونه الخاصة!
ـ الكثير منا ــ مع الأسف ــ يدعي الجنة ويوزع المنّة!
خاتمة القول:
علينا جميعاً الاقتراب من كبار السن العقلاء، ففي ملمس أياديهم معرفة، وفي نواظرهم دراية، وجل كلامهم سخرية الزهد لعبيد الدنيا..
نعم، لأنهم باعتقادي أدركوا قول جداتهم على رغيف حكايات التنور: "هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً"..