الثلاثاء ٢٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
بقلم مها أبو عين

متعلّم برتبة تقليدي !

دائما أواجه مزيدا من الحرج وعدم القدرة على التهرّب من السؤال الذي تلحّه عليّ دوما احدى قريباتي ممّن هي في سن المراهقة . وما تريد الاجابة عليه مسألة تعتبرها في غاية الضرورة لها وكأنها الماء الذي تشربه ويمدّها بشريان الحياة ألا وهي كيفية التعامل مع حبيبها ماذا تقول له وكيف تعبر عن مدى سعادتها منذ الالتقاء به من اللحظة الاولى ماذا تهديه وما هي الطريقة الأفضل للرد على كل ما تسمعه من كلام جميل وعبارات رومانسيّة رنّانة هل تجيبه بذات عمق المحبة أم تترفع وتتدلّل بعفة دون أدنى كلمة حب تنبس بها شفتاها حسب التقليد العربي الشائع ( البنت لا بد لها أن تثقل ) حتى لو طفح بها كيل الغرام والهيام ؟ الى ذلك كيف لها أن تتصرف في حال لم تتلق اتصالا منه في يوم من الأيام هل تحمل اليه باقة ورد في مرضه أو استلامه وظيفته الجديدة وهل تشتري له هدية لسيارته الجديدة وهل أصلا عليها أن تهدي حبيبها بما يحب وبما ترضى من مشاعر هي في
ذاتها أحلى ما تملك في الكون !؟ .

لا أدري على قدر سعادتي بالشعور الذي انتاب قريبتي الصغيرة المحببة على قدر تخوّفي مما ستواجهه من نتائج لهذا الحب العذري الوليد التي تعبّر عنه هي باسطوانات الموسيقى والغناء والشموع والقلوب الحمراء . أتعاطف معها أحيانا كثيرة ويغلبني الاحساس باكتمال الحب ان اكتمل بين طرفين تبادلا كلمة أحبك بالفعل وأعلنا اعترافهما باقتسام فلبيهما . اذن ما المشكلة هذا كل ما أريده أن يقول لها وأن يكون جريئا فيما يرغب أن يخاف عليها ويحميها ويتبادلا الثقة والاحترام وحب الأمل في الحياة على حلوها ومرّها خاصة في اللحظة التي يخطّطان فيها الى أن يتوّج الحب بالزواج . نعم يبدو حقّا أن هذه الكلمة (الزواج ) أرعبتني وجعلتني أشكّ في حبّه لها أهو صادق أهو تقدّم اليها من أجل ثمرة يودّ كسبها أم لغاية في نفس يعقوب ولالحاق مزيد من العذاب الى قلبها الذي يرتجف لسماع كلمة واحدة منه وبذات الوقت لتعزيز غروره الذكوري . أعترف بأن ذكورية الرجل أصبحت لا تهمّني في شيء حين أحكم على الأمور فهي متأصّلة ومحفورة معنا في كل شيئ حتى في نسمات الهواء التي نتنفسها وتحت مسامات جلدنا ولكن ما لا أعترف به الان ثقتي بالرجل المتعلّم الذي قضى سنين حياته بين الثقافة والعلم بين القلم والمعارف أو ربما على الأقل لكونه قادرا على كتابة اسمه لينفي عنه صفة الجاهلية .

انه الرجل الذي أصبح يقلقني فما دام حبيب صديقتي وقريبتي هكذا فبالتالي لا بدّ أن يصيبني وسواس قهريّ يجعلني أعدّ الى الألف قبل أن أوجهها أو أساعدها في طريق الحب والنجاة خاصة وأني عبر خبرتي المتواضعة في الحياة أدرك بأن لا فرق بين أن تظهر أو تقرّ الفتاة بحبها للرجل أو عدمه . ففي الحالة الأولى أعتبرها تسلّى بها عدة سنين في المدرسة والجامعة وفي الحالة الثانية ليست جريئة وليست شجاعة في ما تريد ولم تقف في وجه الرياح التي قد تواجه أي حب وليد أو أي مشروع للارتباط بين اثنين اتفقا أصلا على مواصلة المشوار .

هنا يكمن السؤال ماذا يريد الرجل المتعلّم من المرأة هل يريدها بذات المستوى من الرجولة بالمحافظة على حقّ كلمتها على الأ قل يعني بالعربي الفصيح (كلمة رجال) وهل يريد منها أت تعلّم أولاده القراءة والكتابة أم يفضّل خادمة ؟. أعتقد لا لا يريدها متعلمّة حتى لو أغدق عليها مال قارون في حبه ولو ركع" اليها صباح مساء والدليل زواجه التقليدي وارتفاع نسبة الأميّة في العالم العربي الى أكثر من ستين في المئة . صدق من قال : الأم مدرسة اذا أعددتها أعددت شعبا طيّب الأعراق .

وكلمة حق سعيدة جدا بالدراما السورية التي أنتجت وعكست هذا الواقع للرجل المتعلم عبر مسلسل حور عين خلال جزئيّة هامّة جدا تناولت الموضوع . فما بالك بالرجل الذي تشرّب بعلم وتقاليد الغرب لسنوات طوال ما زال يتفاخر بها والنهاية سياط ذئاب تنهال على جسد زوجته التي ذنبها الزواج التقليدي لتضا ف اليها متاعب جديدة في زمن أصبح لا يتقن محبّوه الحب !


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى