متلازمة الوجد والوجع ..
قراءة في أحمديات الشاعر فواز مصطفى الحمفيش
يبدو أنني لم التقيه بشكل مباشر،حتى الآن، رغم قربي من شعراء وأدباء الديرة. ولكنني مع ذلك، اعرف عن تجربته الشعرية الشيء الكثير، من خلال متابعتي لما ينشره من قصائد، ومن خلال ما يتداوله عنه شعراء وأدباء الديرة من حكايات.. وها هو قد بادر مشكورا،nبإهدائي نسخة من مجموعته الشعرية (الاحمديات)، بطبعتها الأولى للعام ٢٠٢٣، الصادرة عن مطبعة نركال بالموصل، والتي تتكون من (١٣٤) صفحة، وتضم (إحدى وخمسين) قصيدة.. جاءت بتصدير رائع، من قبل الكاتب القدير، الأستاذ علي البوزدون.
وما أن تصفحتها بلهف، حتى وقع نظري على هذا البيت الجميل، الذي يقول فيه:
شعري جراحي وسكين بخاصرتي ..... وحشرجات تبارت كيف تحتضر
حتى كتبت له عبارة امتنان قصيرة بهذا المضمون، (موجع نظمك شاعر الوجع فواز الحمفيش .. فانثيالتك الشعرية الشجية ، ماهي إلا خلاصة معاناة مأساوية مع الذات، ومع الموضوع، استولدت تلك الاحمديات الإبداعية المتوهجة.. شكرا بحجم الكون لهذه الهدية الكريمة.. ودام حسك مرهفا نابضا بالابداع والتوهج)..
وما أن أبحرت في قراءة قصائده العصماء،حتى وجدتني منشدا لها بحماس، وإعجاب لا يوصف، لبلاغة مضامينها، وشاعرية نظمها الجياشة الحس الصادق للشاعر في نظمها، حيث يلاحظ ميل الشاعر الى التركيز على استخدام المفردة التوجدية في نظمه، بكل تجلياتها المفعمة بكل معاني الحب، والشوق، التي يكنها الشاعر للذات النبوية للرسول الكريم، في ثنايا القصيدة بشكل بائن، فتراه يفيض شوقا خالصا في جوانحه، مما يجعل سمة المجموعة منصبة على مدح النبي صلى الله عليه وسلم، فتجده على سبيل المثال، يقول في قصيدته العصماء (وبدت بغيرك ضمرا وعواقرا) :
ما ضل من يرجوك ياخير الورى .... لظلام هذا الدرب نورا نيرا
اشكو إليك وانت أهل نجية ..... يا سيدي المختار أدرك حائرا
ولعل من نافلة القول الاشارة الى ان حب النبي محمدا صلى الله عليه وسلم قد تأصل في قلوب المؤمنين من أمته، وترسخ في ذواتهم، حتى تجلى بوضوح في نظمهم مدحا، وتغنيا بمناقبه الجليلة، التي خصه الله تعالى بها بقوله(وانك لعلى خلق عظيم) في سياق وجدهم اليه، وبما يشبه المعجزة المستمرة لهذا النبي الكريم الى ان يرث الله الأرض ومن عليها.
وبهذا الأسلوبية الرصينة من النظم، والبلاغة المقتدرة في توظيف مفردات المدح، وصياغة ألفاظ الاطراء ابداعيا في قصيده، قد نجح في محاكاة مدّاحي الرسول الكريم، اصحاب قصيدة البردة ونهجها من الرعيل الأول، ومن تلاهم بجدارة،واقتفى اثرهم،ليصطف بجوارهم لجدارة، في واحة الإبداع، وليوظب نظمه لقصائده بجنب برداتهم في ذات الخانة،رغم صعوبة محاكاة نتاجاتهم الإبداعية في مدح الرسول ببرداتهم، حيث كانت يعيشون وهج إشعاع النبوة، وحقبة بلاغة العربية الفصحى،يوم ذاك.
كما يلاحظ أن سمة الوجع تطغى على قصائده، باعتبارها انعكاسا صادقا لمعاناته الذاتية،ولتجليات ظروف النشأة ،والحنان إلى الديار والأهل، وألربع ،طيلة المدة التي قضاها في الأسر ،حيث يقول في قصيدته (هذا نصيبك):
هي النوازل ما شاءت وما رغبت ... نحن الضحايا وكف الدهر جزار
تغفو الجراح على صدري فيوقظها ..... جرح جديد إلى الآلام عبار
لتعكس عمق جذورها الضاربة عنده ،في الأصالة وعمق الإنتماء، لتظل هاجس وجد جياش، في مخيال الشاعر المبدع، وسيد الحرف الرشيق، الأديب الاريب، والشاعر الكبير فواز مصطفى الحمفيش، الذي طالما ألفناه يترنم دوماً، بأصالة الذات، أهلاً، وربعا، وديرة، ومكانا، وانتماء..
وختاما اقول، يظل لشعر فواز ،نكهة خاصة ،بما يحمله في روحه، من نقاء أهل الريف، وصدق طويتهم، وبساطتهم، وفطنتهم، ورقة مشاعرهم.
On Wednesday, 26 July 2023 at 08:15:51 GMT+3, Yahoo Mail
إنتصروا للقرآن الكريم.. فأهل القرآن هم أهل الله وخاصته
تاتي جريمة حرق القرآن الكريم فى دولة السويد مؤخرا بمزاعم حرية التعبير ،لتشكل انتهاكا خطيرا لمقدسات الآخرين وتعديا سافرا على عقيدة ملياري مسلم،مما يستوجب الاستنكار الحازم لهذه الجريمة النكراء، والإنتصار للقرآن الكريم ،والمنافحة عنه بشتى الوسائل المتاحة.
ولعل الهوس بمعطيات الحرية الفردية، والديمقراطية المزعومة من قبل الحكومة السويدية، والتبجح بما أنجزته الحضارة الغربية المعاصرة من إنجازات مادية ملموسة، هو ما شجع ظاهرة المس بالمقدسات الغيبية، وازدراء الدين، وإنكار الخالق، وحرق القرآن الكريم، في مسلك فوضوي بائس، بعيدا عن الروح العلمية الحقة، والموضوعية المنصفة.
ولاشك أن الممارسات الحداثوية الالحادية في بعض البلدان الغربية، وإن اختلفت أساليب ممارستها،في إزدراء الدين والكتب السماوية،إلا انها لا تختلف من حيث الجوهر، عن اساليب المغالطين من مشركي عرب الجاهلية،في التنكر للقرآن الكريم ،عند نزوله،حيث أذعنوا في نهاية الأمر لحقيقة الخالق، والإرادة الإلهية في الخلق والتدبير، والإقرار بقدسية القرآن الكريم، من واقع إدراكهم لاعجازه، وبلاغة لغته، أولا وقبل كل شيء،لاسيما وانهم امتازوا يوم ذاك، بفصاحة اللغة، وبلاغة البيان.
وهكذا فإن ازدراء الدين ،والإساءة إلى الذات الإلهية، والأنبياء،وانتهاك قدسية القرآن الكريم ،بهذا الشكل المقرف، يعكس سلوكا وحشيا متخلفا،وجفافا معنويا، وإفلاسا روحيا، ويجسد ظاهرة غير حضارية إبتداءا، وتفتقر إلى الحد الأدنى من اللياقة في احترام المعتقدات الدينية للمسلمين، حتى إذا ما تم غض النظر عن أي معايير دينية، أو إنسانية، تمنع ازدراء الدين، وتحظر الإساءة إلى القرآن الكريم.
ويتطلب الوفاء للقرآن الكريم من المسلمين، والمنصفين من غير المسلمين، المنافحة الجادة، والرد الحاسم، دفاعا عن القرآن بكل الأساليب المؤثرة، وفي المقدمة منها قطع العلاقات الدبلوماسية، وطرد السفراء، والمقاطعة الاقتصادية، ومطالبة المنظمات الدولية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي،والجامعة العربية، لاستنكار، وردع أي مساس بقدسية القرآن الكريم، والاساءة إلى الدين الإسلامي، ونبذ كل المحاولات السيئة، التي تمس مشاعر المسلمين، وتستخف بمقدساتهم.
على أن المطلوب من المسلمين، في ضوء مثل هذه التحديات المصيرية، التي تمس صميم عقيدتهم الإسلامية، بذل المزيد من العناية بالقرآن الكريم، حفظاً، وتلاوة، وتدبراً ،والاهتمام التام بعلومه، وبتفسيره على مراد الله الذي أنزله، ولفت النظر إلى عجائبه، وما فيه من الحكم والأحكام،ليكون مصدر الهداية لهم في حياتهم اليومية،فيحلوا حلاله، ويحرموا حرامه، ويؤمنوا بمتشابهه، ويعملوا بمحكمه، ليكونوا من خاصة أهل القرآن على قاعدة(ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين الذين يعلمون الصالحات إن لهم أجرأ حسنا).