الاثنين ١٧ نيسان (أبريل) ٢٠١٧
دراسة نصية جمالية في قصيدة
بقلم عصام شرتح

«مديح من أهوى» لمحمد عمران

أولاً – نص القصيدة:

من أينَ يبدأُ عاشقٌ بمديحِ من يهوى؟
من أينَ يدخلُ في تفاصيلِ الغموضِ أو الوضوحِ
في جسمها المكنونِ،
مادامتْ أظلتها تفيضُ على المديحِ
والوقتُ من وجدٍ ترابي،
ومن نجوى

2

الحمدُ للشعرِ.. استعنت بوجهه،فأعانني
في وحشة الصمتِ الجريحِ
وهدى خطى قلبي إليكِ،حبيبتي،
فأظلَّت النعمى يدي
الحمدُ للوقتِ الذي استمهلتُهُ
حتى تجيء يداكِ من غيبٍ إليَّ
فأشدُّ في أُفقيهما،
ما انهدَّ من أجزاء روحي
مُدِّي ظلالَ يدينِ
من ياقوتكِ العالي،عليَّ
الآن تلبسني،وأُلبِسُها الظلالُ،
الآن ماءُ الشعرِ يشربُ ماءَ روحي

3

قلبي على قلبِ القصيدةِ،
إن مسراها طويلْ
حملتْ نبوَّتها،وأسرتْ في بهاءِ يديكِ،
فانكشفَ البهاءْ
فتوغلتْ حتى انهمار النورِ
في عينينِ من زيتِ السماءْ
حتى اتقادِ الكوكبَ الدريِ
في جسدٍ فسيحٍ
قلبي على قلبِ القصيدة،
إنها الأنثى التي جاءت من الغيبِ الجميلْ
سرقتْ وداعتها،
وألقت جمرها فيها،
فأشعلتِ الغناءْ

4

من أين يشرعُ عاشقٌ بغناءِ من يهوى؟!!
.............................................
.............................................
يا باب بستان الطفولةِ؛ لوَّحتكَ الشمسُ،
فلتأنس إلى ظلي
إني فرشتُ هواءهُ نعساً،
لأمتلكَ الرؤى في نومكَ الطفلِ
ضيفٌ على أقواسكَ السمراءِ
أم أيامُ عيدِ القمحِ في الحقلِ؟!!
جئني كما تهوى،
بثوبِ الوردِ،
أو جئ في قميصِ اللوزِ،
أو في ضوعةِ الفُلِّ
وأظلَّ شعركَ بالغمائم،
أو بمنديلٍ بماءِ اللهِ مبتلٍّ
قلبي يدلُّ عليكَ
مهما خبَّأتك العينْ،
بينَ الرمشِ
والكحلِ

5

وأنا أُشيدُ لك القصورَ من الكلامْ
وأنا أُخيطُ لكِ الفساتينَ الجليلةَ،
جئني
بقميصِ نومِ الزهرِ،
في خفينِ من عشبٍ،
أشرتِ إلى بساطٍ في عراءِ الشعرِ،
قلتِ: هنا أنام
اللهُ،كيف استسلمتْ لغتي إليكِ
فمشتْ إلى الينبوعِ
واغتسلتْ،
ونامت كالحمامةِ في يديكِ

6

ياكوكبَ النُعمى،
سألتُ الشعر أن تأتي،
فأعطأني
مُدِّي سريرَ القلبِ،
واستلقي على أشجانهِ الخضراء،
أنتِ اليوم ضيفُ حنينه الحاني
أنا ساهرٌ بالقربِ من عينيكِ،
أحرسُ نومكِ الهاني
وأمدُّ زيتهما بما أبقتْ لي الأيامُ
في مصباحي الفاني

7

وأراكِ آتيةً إليَّ،
أرى جلالَ الأرضِ فيكِ
وأرى معاطفها التي ليست تُرى،
إلا عليكِ
وأرى يواقيتَ السماءِ الخضرَ،
تحرسُ معصميكِ
فأمدُّ أغصاني،
لألتقطَ النجومَ العالقاتِ بذيلِ ثوبكِ
والطيورُ الحائماتُ على يديكِ
ويكادُ قلبي أن يمدَّ يدينِ من فرحِ النهارِ
ليحتويكِ

8

وأنا جالسٌ في حضرةِ الصيفِ الذي
يفتضُّ كوكبكِ المشعَّ على الرمالْ
هذا، إذن وقتُ امتلاككِ
إنَّ لي
هذي السواحلَ كلها
هذي الجرودَ العالقاتِ على الجبالْ
هذي الظهيرةُ لي
بما في شمسها
من غبطةِ الذهبِ المذابِ،
وما عليها من ظلالْ
هذي الظهيرةُ
حين تنأى الأرضُ في قلبي،
فيرطمُ قاعُها قاعَ السماءْ
ويسيلُ جرحهما معاً:
ماءٌ على نورٍ،
ونوراً فوق ماءْ
هو صيفُ مملكةٍ،
كأنما على شفا زبدٍ
يشيدهما هواءْ

9

قلبي على قلبي،
تكاد طيورهُ الزرقاءُ تقفزُ من نوافذه العتيقهْ
هي غبطةِ الأنثى،
تفيضُ على خزائنه قتنسكبُ الغلالْ
إني امتلأتُ بكِ..
امنحي ماء القصيدةِ أن يسيلَ
فإن حنجرتي غريقهْ
يا ربِ ،هذا الحب يشبهني.
وهذا الوقتُ.. هل هي غيبةٌ كانت
وهل هذا حضورْ؟؟
هل كان يغفو النهرُ في جسدي
وكنتُ أظنهُ يجري؟
وهل هذي الطيورُ
كانت تبيتُ على مداخله،
وكنتُ أظنها رحلتْ؟!!

10

يا رب، هذا الحبُّ يوجعني
كأني ما أزالْ
في أول الأنثى،
كأني ما ابتدأتُ الأرضَ بعدُ
كأنني في أول الوطنِ الجميلْ
وكأنَّ بلور الطفولة ما تكسَّر في دمي
وكأنَّ قلبي لم تجرِّحه الشظايا،
أو كأنَّ الماءَ لم يشنق على شفتي،
ولم يمت الهواءُ على يدي،
كأنما المهدُ الموشى لم يصر جدثاً،
كأني لم أكنْ
رجلُ الخسارات الكبيرةِ والصغيرةِ،
فارسَ الوقتِ القتيلْ
من جاءَ من موتٍ،
إلى موتٍ
إلى عينيكِ،
يعلنُ منهما الحلم البديلْ
وقتٌ لعينيك/
وأعدتُ الصلاةَ على ميقاته
فأتى عشبٌ وأزهارُ
وجاء غيمٌ موشاةٌ مطارفه
يتلو،وجاءتْ فراشاتٌ وأشعارُ
وجاء من قبلِ الأسرارِ أسرارُ
وقتٌ لعينيكِ،
عندي ما أقرًّ به
لوجه وقتهما،
عندي شموع دمٍ
أوقدتها،بخورُ الروحِ أحرقهُ
على مجامره
عندي خزائنُ من خبزٍ،وخمرٍ،وأيامٍ معتقةٍ
لوقتِ عينيكِ
عندي النورُ والنارُ

11

اليومَ تكتملُ القصيدةُ.. ها دنوتُ من الختامْ
سبحانَ من أعطى يدي قلباً،
لتنبضَ في يداكْ
سبحانَ من أبقى مدىً لغدي،
ليسكنَ في غدكْ
سبحان من رفع الصلاة إلى فمي،
لأقيمها في معبدكْ
سبحانَ من خلقَ الكلام
فأن اسمك في الكلام
ولأن وجهكِ من رضىً
سبحانَ من بسطَ الرضى
ولأنَّ طبعكِ من غمامْ
سميتك الوقت الجميلَ،
وقلتُ قولي في مديحكِ..
والسلامْ"(1).

ثانياً- دراسة المحفزات الجمالية في قصيدة(مديح من أهوى):

إن الدراسات النصية اليوم تختلف باختلاف الرؤى الجمالية، والطرائق الكشفية، تبعاً للخبرة النقدية والعين الناقدة الحساسة الصائبة التي تلتقط ما خفي من الرؤى،وما هو جديد ومبتكر على مستوى الدلالات؛ولهذا، فإن الناقد المهم هو الذي يكتشف فاعلية الأنساق الشعرية،ومستوى انعكاسها على شعرية قصائد محمد عمران،ولعل أبرز هذه المحفزات هي:
الصورة الشعرية:

إن لكل قصيدة إيقاعها الجمالي الخاص بها،وطقسها الإبداعي المميز، ولا نظن أن دراسة جمالية ما تبعد بنية الصورة عن كشفها النصي الجمالي،ولهذا" تنوعت مناهج دراسة الصورة الشعرية، تبعاً للمصادر المعرفية التي تنهل منها تلك المناهج؛ فمن التناول التقليدي الذي يعمل على تتبع الأوجه البلاغية في النصوص عن طريق تركيمها وتصنيفها، إلى الدراسة الأسلوبية التي تلح على حضور المكونات البلاغية في السياق التركيبي،ومن ثم مراقبة مستوى الكثافة الشعرية الناتجة تبعاً لذلك. وهناك من يرى ضرورة التفاعل مع سلسلة الصور التي تنتظم العمل الشعري"(2).

وبتقديرنا: إن الدراسة الجمالية المحكمة هي التي تكشف القيم والمؤثرات الجمالية التي ترفع أسهم القصيدة جمالياً ،ولعل أبرز ما يحقق الإثارة الجمالية في القصيدة الشعرية عند محمد عمران، أنها تنبني على قيم جمالية، سواء في شكل القصيدة أم بنيتها، وأهم مصادر هذه الجمالية (الصورة)،إذ تعد الصورة رحم الخلق الفني، بل رحم الإبداع الأدبي كله، لاسيما عندما تكون جزءاً لا يتجزأ من شعرية الرؤيا التي تبثها القصيدة، وبهذا المقترب تقول خلود ترمانيني:" تعد الصورة الفنية جزءاً حيوياً في عملية الخلق الشعري، فهي من أهم خصائص التعبير الشعري،وأقوى أركان البناء الشعري. فمن خلال الصورة تتعمق دلالات النص الشعري،وإيحاءاته؛ وتتجلى القوة الإبداعية التي يمتلكها الشاعر. فإذا كان الإيقاع يحتسب عناصر اللغة كلها؛ فإن إيقاع الصورة يتجلى من خلال صلة الصورة بفاعلية اللغة،ونشاط التركيب، وقوة الشاعرية."(3).

ولو دقق القارئ في مغريات الصورة ومدى تأثيرها على شعرية قصيدة (مديح من أهوى) يدرك أن الصورة هي نقطة الإثارة والخصوبة الجمالية في هذه القصيدة،ولدراسة فواعلها الجمالية في هذه القصيدة، سنقف عن النقط التالية:

جمالية الصورة ،بالانتقال من المحسوس إلى المحسوس:

لاشك في أن الصورة عند محمد عمران هي صورة متحركة،أو لنقل إنها صورة مشتقة من جمالية الطبيعة،أو هي إفراز جمالي من الترسيمات المشهدية الجمالية التي تحتفي بها الطبيعية بحقولها وخضرتها وينابيعها وبساتينها، إنها الحياة في ربيعها وإشراقها؛ ومن يطلع بعمق على البنية التشكيلية التصويرية لقصائده عامة؛وهذه القصيدة –على وجه التحديد- يلحظ غنى قصائده بالصور البيئية التي تجسد الأشجار،والبساتين،وقريته الملاجة القابعة على جبال طرطوس الجبلية،إنها باختصار: صور الحياة الخصبة التي تمتاز بها بيئته الجبلية جسدها عبر الأوصاف والصور والمشتقات في مديح حبيبته، أو إبراز محاسنها ومعالم إشراقها وخصوبتها،وقد اعتمد الشاعر الانتقال بالصور من الصور المحسوسة إلى المحسوسة،ومن الصور المجردة إلى المحسوسة،ممالا يعني غلبة الحواس والرؤية في تشكيل الصورة لديه أكثر من اعتماد الرؤيا والتجريد في تشكيلها؛ لدرجة نلحظ أن الولع في تجسيد ما هو معنوي لديه أكثر من ولعه في تجسيد ما هو حسي وتجريده معنوياً؛ مما يدلل على أن مشاهده مشتقة من الطبيعة بكل ما فيها من أبعاد وظلال وألوان، وإشراق، والتحام مع نبض الشاعر ورؤيته العيتية المباشرة؛ و" في هذا المستوى تقدم المدركات المجردة في صورة المدركات المحسوسة عن طريق الاستعارة التي تتخذ مجموعة متنوعة من المواقع النحوية؛ فهي قد تكون اسماً أو فعلاً؛.. ومعلوم أنه إذا وردت في صيغة الفعل، فإنها تمنح الصورة كثافة ودينامية إضافية بما يلقيه الفعل في روع المتلقي من إيهام وحركية"(4).والحركة الفعلية تمنح الصورة دينامية في تمثيل الصورة ،وإبراز إيقاعها المتغير؛ كما في نسق الصور التالية:

مُدِّي ظلالَ يدينِ
من ياقوتكِ العالي،عليَّ
الآن تلبسني،وأُلبِسُها الظلالُ،
الآن ماءُ الشعرِ يشربُ ماءَ روحي
إني فرشتُ هواءهُ نعساً،لأمتلكَ الرؤى في نومكَ الطفلِ
ضيفٌ على أقواسكَ السمراءِ/أم أيامُ عيدِ القمحِ في الحقلِ؟!!

إن المطلع على سيرورة الصور السابقة- بعمق- يدرك شعرية الصورة في جانبها المحسوس، بالانتقال من صورة محسوسة، إلى صورة أكثر حسية،مما يدل على شعرية الانتقال من المحسوس إلى المحسوس( تلبسني= ألبسها الظلال)،وهذا التجسيد الجمالي بالانتقال من صورة حسية إلى صورة أكثر تجسيداً وإشراقاً هو ما يمنح إيقاع القصيدة تكاملها وغناها الفني بالمثيرات البالغة في الاستثارة والتأثير،كما في قوله[ماء الشعر يشرب ماء روحي]؛، إن الشعر وهو كلام جميل يتحول إلى محيط يشرب صبابة الروح ليستحوذ عليها،وبهذا الانتقال بين ما هو محسوس،وما هو مجرد ترتقي فاعلية الصورة وتزداد كثافتها الجمالية؛ واللافت – على الصعيد الجمالي- هذا التنامي والتكامل في الصورة؛ بين ما هو محسوس، وما هو مجرد، لقلقلة النسق الشعري ،وخلق حركة جمالية بين [المسند والمسند إليه]، أو خلق انزياح لغوي بين طرفي التشبيه؛ لتغدو الصورة أكثر انفتاحاً، وزوغاناً بين دوالها ومدلولاتها،على شاكلة الصورة التالية:[ إني فرشتُ هواءهُ نعساً،لأمتلكَ الرؤى في نومكَ الطفلِ]؛إن هذه المزاوجة بين ما هو حسي وما هو مجرد يخلق هذه الإثارة في الانتقال المزاوجة بينهما؛فالشاعر لا يفرش الورد،وهو شيء محسوس،وإنما يفرش النعاس،وهو شيء معنوي غير مرئي، ليلتقط الأحلام في عيني طفلة وديعة،تحلم بأحلام بريئة بعيدة عن الحياة وقسوتها، ونوازعها اللا إنسانية، ولو تأملنا الصورة الأخيرة:[ ضيفٌ على أقواسكَ السمراءِ/أم أيامُ عيدِ القمحِ في الحقلِ؟!!] لأدركنا هذا التكامل والتلاحم في الصورة ؛ بين جانبيها الحسي( ضيفٌ على أقواسك السمراء)،والمعنوي:[عيد القمح في الحقل]؛ولعل الحرص على الجمع بين ما هو محسوس وما هو مجرد يهب الصورة الفاعلية والإيحاء والعمق.

دراسة الصورة الشعرية في بعدها التكاملي:

لاشك في أن الصورة الفنية أو الجمالية المؤثرة هي التي تحقق أقصى درجات الاستثارة والجمالية في تكاملها الفني المركب، حيث يتم استغلال كل الإمكانات التعبيرية؛ لخلق وحدة تصويرية متلاحمة في أنساقها التصويرية، حيث يتم رصد تآلف الصور مع بعضها وارتباطها بما قبلها وبما بعدها من الصور،أي في ضوء تتابعها وتسلسلها المنطقي؛ وهذه الصور المتكاملة" تكشف ليس عن ماهية ذهن الشاعر وطريقة نموه نفسياً فحسب، بل عن أسس العلاقات العضوية في صوره،ونوع خياله،وطبيعة تركيبه أيضاً"(5).

ويرى الناقد اليافي أن الصورة- في سياقها النصي- هي مكتملة في نسقها الشعري،إذ لا وجود لذرات الصورة كما لا وجود لذرات الفكر؛ فالفكرة كالصورة تيار غير متقطع"ولهذا، يرى أن دراسة الصور في تجمعاتها تعد أكثر بكثير من غيرها لأنها تدخل بنا على ذهن المبدع"(6).

ولهذا فإن قوام الشعرية في النسق الشعري التكامل والوحدة والانسجام الجمالي في الأنساق الدالة،ذلك " أن الجمال يكمن في روح البناء الكلية؛ أي الاتحاد بين الجزئيات،بحيث تصبح وحدة متكاملة،فيشعر الناظر إلى المصنوع بالصلة بين جزئياته؛ وعلى ذلك، فإن الروح الكلية هي التي تعطي هذه الجزئيات جمالها؛ ونحن، لا نستطيع أن نبصر الروح إلا إذا تجاوزنا الجزئيات إلى الكليات. والحق إن لكل من الصوت والكلمة والتركيب والصورة دوره في العمل الفني؛ وهي جميعاً تعمل في نسق واحد، بهدف التعبير عن انفعالات الشاعر،ومن ثم إيصال تلك التعابير إلى المتلقي"(7).

والصورة التكاملية – في قصيدة( مديح من أهوى)- تتألف من عدد من الصور الجزئية محققة إثارتها وعنصر تأثيرها، كما في نسق الصور التالية:
قلبي على قلبِ القصيدةِ،
إن مسراها طويلْ
حملتْ نبوَّتها،وأسرتْ في بهاءِ يديكِ،
فانكشفَ البهاءْ
فتوغلتْ حتى انهمار النورِ
في عينينِ من زيتِ السماءْ
إن تركيب الصورة جاء من تضافر الصور الأخرى، وتناغمها في خلق التفاعل، والتضافر والانسجام،وقد جاء تركيب الصور سردياً يميل إلى إبراز أوصاف الحبيبة، خاصة في الصور التالية :[ فتوغلتْ حتى انهمار النورِ/ في عينينِ من زيتِ السماءْ]؛ وهذا الأسلوب نلحظه بتمامه في الحراك الشعوري على مستوى الصور الانتشارية، أو الصور العنقودية؛ مما يدل على أن ثمة رغبة جامحة لدى محمد عمران إلى ترسيم الصورة العنقودية،تلك الصورة التي تتشظى إلى صور جزئية،محققة قيمة جمالية في تشكيلها وتخليقها الفني، كما في نسق الصور التالية:

مُدِّي سريرَ القلبِ،
واستلقي على أشجانهِ الخضراء،
أنتِ اليوم ضيفُ حنينه الحاني
أنا ساهرٌ بالقربِ من عينيكِ،
أحرسُ نومكِ الهاني
وأمدُّ زيتهما بما أبقتْ لي الأيامُ
في مصباحي الفاني

إن فاعلية الصورة العنقودية أنها تتشظى دلالاتها،وتتكثف رؤيتها، محملة بإيحاءات جمة؛ كلها تصب في محرق الرؤيا،وهو وصف المحبوبة وإبراز صفاتها المشتقة من الطبيعة، مما يدل على فاغلية الصورة في تشظيها .ولعل مثيرات الصورة العنقودية في هذه القصيدة ليست دالة فقط على التشظي والتباعد،فقد تقوم على الترسيم الفني الدقيق للحدث والمشهد الشعري، كما في قول الشاعر

وأرى يواقيتَ السماءِ الخضرَ،
تحرسُ معصميكِ
فأمدُّ أغصاني،
لألتقطَ النجومَ العالقاتِ بذيلِ ثوبكِ
والطيورُ الحائماتُ على يديكِ
ويكادُ قلبي أن يمدَّ يدينِ من فرحِ النهارِ
ليحتويكِ

إن القارئ يدرك أن الشاعر يبني الصورة المركبة بفاعلية الحدث الرومانسي التصويري المؤثر،ومستجرات الرؤيا العميقة؛ مما يدل على أن الصورة مهندسة بإيقاعها الرومانسي الغزلي الشفيف،واستعارتها الملتهبة بالاستثارة وعمق الدلالة ومنتوجها المثير، كما في قوله[ يكاد قلبي أن يمد يدين من فرحٍ ليحتويك]؛ وهذا يعني أن الشاعر محمد عمران يمتلك الرؤيا البليغة؛ في ترسيم الصور الغزلية المبتكرة التي تشي بإثارتها ومغزاها الجمالي، وهذا يعني أن الصورة الخلاقة هي التي تثير المشهد،وترفع وتيرة الإثارة الشعرية؛ مما يدل دلالة أكيدة على شعرية الصورة في نسقها الجمالي الخلاق،كما في نسق الصور التالية:

قلبي على قلبي،
تكاد طيورهُ الزرقاءُ تقفزُ من نوافذه العتيقهْ
هي غبطةِ الأنثى،
تفيضُ على خزائنه قتنسكبُ الغلالْ

إن القارئ يلحظ أن الشاعر يرسم الصور رسماً دقيقاً لتسكب القصيدة إيقاعها الجمالي الفاعل،محققا عبر الصورة الغزلية عمق المشهد وبداعة الصورة الملتقطة، كما في النسق التالي:[هي غبطة الأنثى، تفيضُ على خزائنه قتنسكبُ الغلال]؛إن القارئ يدلنا على أن شعرية الصورة تتبدى في حراك الرؤى ونواتج الدلالة، مما يحقق للقصيدة تناغمها وحراكها الجمالي.

ولو دقق القارئ- في حيثياتها وصورها الجزئية لأدرك تناغمها وانسجامها وتداخل معطياتها، أي تداخل الحسي بالمعنوي، والمجرد بالواقعي، والمؤنسن بالجماد، لخلق حالة من التفاعل والتداخل العميق بين جزئيات الصورة، على شاكلة قوله في النسق التالي:

جئني كما تهوى،
بثوبِ الوردِ،
أو جئ في قميصِ اللوزِ،
أو في ضوعةِ الفُلِّ
وأظلَّ شعركَ بالغمائم،
أو بمنديلٍ بماءِ اللهِ مبتلٍّ
قلبي يدلُّ عليكَ
مهما خبَّأتك العينْ،
بينَ الرمشِ
والكحلِ"

إن الدهشة الجمالية في ترسيم الصورة بفواعلها الرومانسية المتداخلة بين ما هو حسي/ وما هو مجرد يثير الحركة الجمالية في القصيدة،وتثبت القصيدة سحرها وإيقاعها الجمالي، فالصورة الأولى) جئني كما تهوى بثوب الورد) تتبع في نسقها الصورة الأخرى،وتثير الحساسية الجمالية بمنظورها العميق؛ وتتضافر الصورة في دلالتها الصورة مع الصورة التي تليها:[ أو جئ في قميصِ اللوزِ/ أو في ضوعةِ الفُلِّ/وأظلَّ شعركَ بالغمائم، أو بمنديلٍ بماءِ اللهِ مبتلٍّ]؛ وهذا يدلنا على أن شعرية الصورة في قصيدة(مديح من أهوى) تكمن في انسجامها وتلاحمها في إبراز المشهد الغزلي بكل متعلقاته من ارتباط الصورة بما قبلها وما بعدها، محققة الإثارة الجمالية في الحركة التصويرية؛ ودليلنا أن الصورة الشعرية تحقق متغيرها الجمالي،ومؤثرها البالغ من خلال انسجام الصور وتفاعلها مع ما يسبقها ،وما يتلوها فيس السياق النصي.

التكرار:

يعد التكرار قيمة جمالية مؤثرة في شعرية قصيدة(من أهوى) التي تتأسس على تكرار الصيغ والجمل،محققة نغماً مموسقاً على صعيد الأنساق اللغوية ومتغيراتها النصية، والتكرار من وظيفته الجمالية انه" محملٌ بدلالات بلاغية تتجاوز التكرار الصوتي النغمي، أو التوكيد المعنوي ليصبح التكرار عنصراً بلاغياً مرتبطاً بالبنية الفنية للنص الشعري ، بحيث لا يمكن لأي أسلوب بلاغي أن يؤدي الدور التعبيري الذي يضطلع به التكرار"(8).

وقد استطاع الشاعر محمد عمران الإفادة من التكرار في تعميق البنية الدلالية والإيقاعية معاً،ولهذا اغتنت هذه التقنية بالكثير من القيم الجمالية التي ارتكزت عليها القصيدة،ليكون منطلق الحركة الجمالية، والتكرار- كما هو معروف- ليس لفظياً مبتذلاً على الدوام، فقد يكون من التقنيات الجمالية التي تسهم في إثراء القصيدة،وإبراز ملمحها الجمالي،تقول الباحثة خلود ترمانيني:"إن التكرار لا تقتصر وظيفته على تلخيص الغرض، أو توكيده، بهدف التأثير في المتلقي،وتنبيهه،ولا على اعتباره لازمة تفصل المقطع عما يليه؛وإنما يؤدي التكرار دوراً بنائياً داخل بنية النص الشعري؛ باعتباره يحمل وظيفة إيقاعية وتعبيرية، الغرض منها الإعلان عن حركة جديدة تكسر مسار القراءة التعاقبية؛ لأنها توقف جريانه داخل النص الشعري؛ وتقطع التسلسل المنطقي لمعانيه؛ وهذا كله يتطلب البحث في عمق الدلالة النفسية لأثر التكرار في تحقيق جمالية النص،وقوته البلاغية"(9).

والتكرار وسيلة بلاغية وتأثيرية مهمة تحرك الأنساق الشعرية، وتحفزها جمالياً للتلقي الجمالي الآسر؛ لأن الصورة أو العبارة إذا تكررت بدلالات جديدة وفق المتغير الأسلوبي المتعلق بالتكرار ترفع وتيرة الاستثارة الجمالية في القصيدة؛ لدرجة كبيرة، ولم تبالغ خلود ترمانيني بقولها:" وتكاد لا تخلو قصيدة شعرية مهمة من عنصر التكرار،مما يشي برغبة قصوى لدى الشاعر العربي الحديث، في استخدام التكرار ظاهرة فنية تدعم الحركة الدلالية والإيقاعية في النص الشعري"(10).

ويعد التكرار – في قصائد محمد عمران- ولاسيما هذه القصيدة من مكوناتها الجمالية، فالشاعر يبرز شعرية التكرار، ابتداءً من تكرار الحرف؛ وانتهاء بالتكرار اللزومي في التركيب،ولعل ما يثير الحراك الجمالي في القصيدة تناغم التكرار مع الحدث والموقف الشعري،ولهذا،يأتي التكرار بوصفه المتغير الجمالي للرؤية والمشهد الرومانسي المجسد، فليس التكرار وسيلة سلبية في القصيدة، وإنما يقوم بدور الرابط للجمل الشعرية والأنساق التشكيلية المحكمة، فكم من الأنساق الشعرية لايحركها إلا التكرار،ولايثير فنيتها إلا المتكرر الذي يشكل رؤية وينتج صورة أو رؤية جديدة مع كل حالة يتكرر فيها الحرف، أو الكلمة ، أو الجملة أو المقطع، فغنى التكرار ليس فقط بالمتغير التكراري الذي يظهره في النسق، وإنما بمقدار تفاعل المتكرر مع نسق القصيدة في دلالالتها، ورؤيتها ،وبوحها الذاتي وقلقها الوجودي. وهنا لدراسة المحفز الجمالي للتكرار سندرسه وفق معطيات القصيدة وقيمة المتحول التكراري تعميق دلالالتها، وإنتاج فواعلها المؤثرة.

تكرار الحرف:

لاشك في أن للتكرار الحروف دورها الموحي في لغة الشعر لاسيما، عندما يرتبط تكرار الحروف بنواتج الدلالة،ولا غرابة أن "الحرف في هذا التكرار يأتي إما من بنية الكلمة ذاتها،وهي تظفر تجلياتها في السياق الشعري، بحيث يلتحم البعد الصوتي والدلالي مكونين بنية وظيفية لايمكن فهم عنصر منها خارج نظامها المتكامل،عبر تكرار تراكمي للحرف، أو تكرار حرف مستقل في أدائه، وهذا التكرار ينبثق من الفعل الشعري ذاته؛ كحالة لاشعورية تستنطق قابلية الحرف على تفعيل إيقاعه الخاص في نسيج الإيقاع العام؛ من خلال تعالقه في البنية الصوتية للكلمة حاملة معناها الدلالي؛ وفي تركيب الجمل الشعرية حاملة معناها السياقي،لأن الألفاظ في حقيقتها فضاء صوتي تشكله مخارج الحروف،لذا يولد تكرارها نسقاً إيقاعياً يهب السياق الشعري انتماءه إلى مرجعية المعنى،إذ إننا لانفكر في القيم الصوتية منفصلة عن المعنى،بل نفكر في المعنى؛ وهذا النوع من التكرار قد يتجلى في سطر شعري، أو في مقطع، أو يمتد في بناء القصيدة فارضاً بعداً دلالياً في تشكيل المعنى،يتحول بفعل القراءة إلى بعد جمالي"(11)

فعند قراءة قصيدة (مديح من أهوى) لمحمد عمران يطالعنا الشاعر بتكرار الحروف ببعدها الجمالي والدلالي أكثر من بعدها الإيقاعي،مما يدل خصوبة الرؤيا،وعمق المدلول المرتبط بالصوت لفظاً ودلالة، وللتدليل على ذلك، نأخذ قوله:

"يا ربِ ،هذا الحب يشبهني.
وهذا الوقتُ.. هل هي غيبةٌ كانت
وهل هذا حضورْ؟؟
هل كان يغفو النهرُ في جسدي
وكنتُ أظنهُ يجري؟
وهل هذي الطيورُ
كانت تبيتُ على مداخله،
وكنتُ أظنها رحلتْ؟!!"

هنا،يؤدي تكرار الحرف (هل) في موجة الأسئلة الغزلية المترامية بالمشاعر الغزلية المفتوحة التي تبث حالة الشكوى والبث الشعوري عما يعتري الذات من قلق وحنين إلى المحبوبة، وكأن تكرار حرف الاستفهام (هل) جاء بمنزلة المولد أو التيار الوعي المتدفق لما يهجس في داخله من رغبات، وأمانٍ جسدها الشاعر عبر تكرار الاستفهام الذي خلق حالة من الهيجان في النسق الشعري ظهر على المستوى الباطني أكثر مما ظهر على السطح الخارجي، عبر تكرار الحرف،مما يدل على قدرة الشاعر العالية على بث مواجده، بكل متضمناتها الشعوري،وتتابع الأسئلة المتوترة.

وقد يؤدي تكرار الحرف إلى تأسيس جذر المركب التصويري الذي ترتكز عليه القصيدة؛ بمعنى قد يقوم تكرار الحرف بإثارة الحراك الشعوري، في القصيدة ببث تيارها النغمي المتدفق، وإيقاعها العذب الشفيف، كما في قول الشاعر:

وكأنَّ بلور الطفولة ما تكسَّر في دمي
وكأنَّ قلبي لم تجرِّحه الشظايا،
أو كأنَّ الماءَ لم يشنق على شفتي"

هنا، يأتي تكرار الحرف(كأن) بمثابة الدينامو المحرك للأنساق الشعرية،وللصور المتتابعة التي تفيض بها الأنساق الصوتية،فلم يأتِ الحرف إيقاعاً صوتياً وحسب،وإنما جاء باعثاً محرضاً للصور الشعرية بوصفه أساً جمالياً لها؛ يمتد صداه عبر إيقاع الصور ومستحدثاتها الدالة على الوجاعة ،والحنين، والشوق إلى السنوات الماضية، وإلى بريق الطفولة، وريعانها الجميل.وهكذا، يؤسس الشاعر تكرار الحرف على بلورة الصورة المعبرة والدلالة المراوغة التي تفعِّل الحدث،وتنقل المشهد من إيقاعه الصوتي إلى بعده الحركي.

ولانبالغ في قولنا: إن للحروف الشعرية المكررة في هذه القصيدة وقعها المؤثر إن صوتاً أو دلالة في النسق الذي تتضمنه،وهذا ما يحسب لها إبداعياً على امتداد مفاصل القصيد
تكرار الكلمة:

يشكل تكرار الكلمة قيمة جمالية في قصيدة(مديح من أهوى) التي ترتكز على هذا المتكرر في تعميق دلالاتها،وتكثيف فاعليتها وبلاغتها، مما يدل على أن للكمة دورها المؤثر الموحي الذي تظهره جمالية الأنساق الشعرية وقوة متغيرها الجمالي،" وبما أن الكلمة تمثل مجموع أصوات حروفها،مشكلة بمفردها بعدها المعجمي؛ لكنها في السياق الشعري تتحول إلى لبنة إيقاعية في بنية النص؛مفارقة ذلك البعد إلى أبعاد أخرى، لذا يولد تكرارها بعداً آخر، يحتقب في عمقه التدفق الشعوري للأبعاد الأخرى، بوصفها تناظرات صوتية قائمة على التوالد والتوازي، الذي من شأنه أن يستفز وعي المتلقي في تدفقه الدلالي،"(12).

وهذا ما تظهره قصيدة(مديح من أهوى) في تكرار الكلمة الموحية التي تستفز النسق الشعري،وتحرك شاعريته العميقة، كما في قوله:

"هذي السواحلَ كلها
هذي الجرودَ العالقاتِ على الجبالْ
هذي الظهيرةُ لي
بما في شمسها
من غبطةِ الذهبِ المذابِ،
وما عليها من ظلالْ
هذي الظهيرةُ
حين تنأى الأرضُ في قلبي،
فيرطمُ قاعُها قاعَ السماءْ
ويسيلُ جرحهما معاً:
ماءٌ على نورٍ،
ونوراً فوق ماءْ"

هنا، يأتي تكرار الكلمة بوصفه فاتحة سطرية توجه عناية المتلقي إلى مابعد الاسم الموصول من دلالات ومؤثرات جمالية يرتد صداها على الأنساق والجمل الأخرى ليكون تكرار اسم الإشارة هنا بمثابة المقوم البنائي الخلاق الذي يستثير الرؤية الشعرية الدالة على امتلاك روح الشاعر وتعطشها لكل الموجودات من سهول ووديان،وماء ونور،وما عطش الذات الشاعرة إلا عطشها للوجود وحب الحياة بعد أن خيم شبح الموت على عينيه بسدوله السوداء وبراثنه المرعبة، ولهذا جاء تكرار الاسم مرتبطاً مباشرة بالدلالة،وهي رغبته بالانفراد بكل مقوم جمالي على هذا الكون يتشبث به أملاً في الحياة وطلباً لها؛ وهكذا يتعدى تكرار(الكلمة – الاسم) دور الرابط والباعث الموحي ليكون رمز الحياة، في تمليها وحسها الجمالي الذي شكلته القصيدة.

وقد يأتي تكرار (الكلمة- الفعل) في القصيدة أقوى من دلالة (الكلمة- الاسم)،إذ" يتجاوز استخدام الشاعر للفعل مهمة نقل الحدث المرتبط بزمن معين،حين يتحول الفعل إلى لبنة أساسية في بنية النص الشعري، بحيث يولد الفعل طاقات تعبيرية هائلة وانبثاقات دلالية مدهشة؛وعلى هذا الأساس، يؤدي الفعل دوراً مهماً في عملية الإبداع الشعري،حين يتحول إلى قوة مولدة للطاقة التي تمد عناصر النص الشعري بدفعات متوالية تشحنها بالقوة الحركية اللازمة"(13).

ومن ذلك ما نلحظه في التكرار التالي:
"وأراكِ آتيةً إليَّ،
أرى جلالَ الأرضِ فيكِ
وأرى معاطفها التي ليست تُرى،
إلا عليكِ
وأرى يواقيتَ السماءِ الخضرَ،
تحرسُ معصميكِ
فأمدُّ أغصاني،
لألتقطَ النجومَ العالقاتِ بذيلِ ثوبكِ
والطيورُ الحائماتُ على يديكِ"

هنا،يأتي تكرار (الكلمة = الفعل) بمثابة الموجه الدلائلي المحرض للشعرية،والباعث للموجات الشعورية المحمومة بالحراك العاطفي، والصور المتأججة حنيناً ورغبة بالحياة، وكأن الشاعر يرسم بتكرار الفعل(أرى)صور الحبيبة بريشة قلبه ومشاعره العاشقة لتبدو الصور في أبهى حلة ورومانسية آسرة،كما في قوله:[أرى يواقيت السماء الخضر/ تحرس معصميك]،وهكذا يتحرك فعل الرؤية العينية إلى الرؤيا القلبية أو الحلمية لتفتح أبواب الرؤيا المشرعة على آفاق جمالية لاحدود لها في تشكيل الصور المشرقة للحبيية، (لالتقط النجوم العالقات بذيل ثوبك/ والطيور الحائمات على يديك)؛ وهكذا تشتغل (الكلمة- الفعل) المكررة على آفاق دلالية لاحصر لها، بوصفها المحرك العلائقي الفاعل للأنساق الشعرية، لما تحمله (الكلمة –الفعل) من طاقة حيوية ذات إشعاع جمالي وحراك إيحائي فاعل الاستثارة والتأثير.

تكرار عبارة أو جزء من جملة:

لاشك في أن تكرار عبارة أو جزء من جملة قد يكون أبلغ أثراً من تكرار الكلمة ذاتها، لاسيما إذا أدركنا أن " الكلمات تلتحم بنسيج التركيب،فتستولد جملاً معبأةً بإيقاعها الدلالي، قابلة للامتداد عبر تقنية التكرار الذي يتبلور في ثنائية التماثل؛ فتتداعى ملامحه الإيقاعية كلازمة تمد القصيدة بالنفس الملحمي،فهي تفصل بين الأجزاء،وتصل بينهما في الوقت نفسه؛ أي أن لها وظيفة مزدوجة في تبئير العبارة المكررة؛ ولايشترط في اللازمة أن تكون دائماً عبارة مكررة بنفسها،فقد تعتريها تغييرات طفيفة في كل دور حتى لاتثير الملل، أو حتى يجد القارئ لذة في تكرار متوقع يفاجئ فيه بتغيير غير متوقع"(14).
وأبرز ما يأتي تكرار العبارة في صيغ الاستفهام محققاً قيمة جمالية محفزة للنسق عبر صيغة الاستفهام المكررة ،وقيمها الجمالية المفتوحة، على شاكلة قوله:"

"من أينَ يبدأُ عاشقٌ بمديحِ من يهوى؟
من أينَ يدخلُ في تفاصيلِ الغموضِ أو الوضوحِ
في جسمها المكنونِ"

هنا،يفتتح الشاعر قصيدته بتكرار صيغة السؤال؛ هذه الصيغة التي تحول النسق بفاعليتين مستفزتين،هما (التكرار والسؤال) الأولى تفتتح بوابة الإيقاع ،والنغم المتتابع، والثانية تضاعف بوابة الاكتشاف،وتسهم في تعميق الدلالة،وعلى هذا النحو ترتقي الرؤيا الشعرية،وتبرز متغيرها النغمي؛ناهيك عن تكثيف الإيقاعات المتتابعة وتناميها جمالياً.
ولعل ما يشد أواصر المفاجأة في القيم التكرارية لتكرار العبارة أن يأتي متقطعاً وبليغاً موزعاً على السياق ،ويكون فاتحة الدفقة الشعرية في موضع كل فاصلة، كما في هذا النسق الشعري:

"وقتٌ لعينيك/
وأعدتُ الصلاةَ على ميقاته
فأتى عشبٌ وأزهارُ
وجاء غيمٌ موشاةٌ مطارفه
يتلو،وجاءتْ فراشاتٌ وأشعارُ
وجاء من قبلِ الأسرارِ أسرارُ
وقتٌ لعينيكِ،
عندي ما أقرًّ به
........................
لوقتِ عينيكِ
عندي النورُ والنارُ"

إن تكرار (وقت لعينيك)وتحويرها وتغييرها في الختام(لوقت عينيك) قد منح القصيدة نغمها المنبعث من أصداء الكلمات وتناغم الحروف؛ ناهيك على أن التكرار جاء في مواضع متفرقة ،وهذا ما منحه إيقاعه الجمالي في ترسيم الصورة، وإثارة أبعادها الجمالية؛وخاصة في التحوير التكراري في عبارته:[لوقتِ عينيك/ عندي النورُ والنار]؛ وكأن المحبوبة تمثل له الإشراق والأمل والحيوية والشباب والقوة،وهذا يدلنا على أن القيمة الجمالية للتكرار لاتنبعث من المتكرر نفسه بقدر انبعاثها من السياق النصي ككل،وما التكرار إلا وسيلة من الوسائل الجمالية التي ترتقي بالصورة والمشهد الشعري، وما دام التكرار عنصراً مؤثراً في شعرية قصيدة(مديح من أهوى) فإن من مستجرات الرؤيا تعميق المشاهد وتكثيف الرؤى والدلالات.وهكذا" استطاع الشاعر تفعيل دور التكرار ليتعدى الناحية النغمية أو التوكيدية إلى الناحية البنائية من خلال استكناه فاعلية التكرار في تحقيق مسارات النص الدلالية والإيقاعية معاً."0(15).
تكرار الجملة:

لاشك في أن تكرار الجملة أكثر قيمة وبلاغة وإثارة من تكرار الحرف،وتكرار المفردة وتكرار العبارة، لاسيما عندما يجري الشاعر تغييراً طفيفاً على تركيب الجملة،تبعاً لمتغيرات الموقف الشعري الجديد،وعلاقة المتغير بما يسبقه وما يتلوه في السياق النصي،ولهذا، فإن تكرار الجملة المفيد هو الذي يثير النسق الشعري،ويرتقي به جمالياً،عبر انتظامه أو تغييره الهادف إلى تكثيف الرؤية وتعميق التجربة، لأن الشعر- بالأساس-" يعتمد على نظام إشاري يختلف عن النظام الذي يستخدمه المتكلم العادي، أو حتى الشاعر نفسه في حياته اليومية؛ ويقوم هذا النظام على مصاحبات وتقابلات غير متوقعة تجمعها وحدة متجانسة تختلف عن الوحدة التي تجمع لغة الكتابة النثرية"(16).

وطبيعي حيال ذلك أن يتأنق الشاعر المبدع في تشكيل جمله لاسيما في توظيف التكرار البلاغي الهادف الذي يرمي إلى تمتين أواصر الجمل دلالياً وبلاغياً؛ لإثارة المتلقي من خلال التركيز على جذر لغوي تركيبي يجعله الشاعر منطلقاً لكل رؤية أو صورة أو حدث أو موقف جديد؛ وهذا ما فعله الشاعر محمد عمران في قصيدته(مديح من أهوى) التي جاءت شعلة في الاستثارة والتأثير بمقومها التكراري البليغ الذي يشد الدلالات،ويفتح شعرية الرؤية، كما في قوله:

"قلبي على قلبِ القصيدةِ،
إن مسراها طويلْ
حملتْ نبوَّتها،وأسرتْ في بهاءِ يديكِ،
فانكشفَ البهاءْ
فتوغلتْ حتى انهمار النورِ
في عينينِ من زيتِ السماءْ
................................
قلبي على قلبِ القصيدة،
إنها الأنثى التي جاءت من الغيبِ الجميلْ
سرقتْ وداعتها،
وألقت جمرها فيها،
فأشعلتِ الغناءْ".

هنا، يأتي تكرار الجملة (قلبي على قلبِ القصيدة) بليغاً في تحريك موجة الصور المتقاطرة في نسقها الشعري؛ وكانت بمثابة (الدينامو) المحرك للموجات التصويرية البليغة ،وللصور المرهفة التي فعَّلَت دور التكرار،وأكسبته قيمته العظمى من خلال الدهشة والتناغم بين المتكرر والصور المتوهجة بدلالاتها ورؤاها في القصيدة،ومن هذه الصور نأخذ ما يلي:[ إن مسراها طويلْ /حملتْ نبوَّتها،وأسرتْ في بهاءِ يديكِ،فانكشفَ البهاءْ/فتوغلتْ حتى انهمار النورِ/ في عينينِ من زيتِ السماءْ]؛ وهذه الصور فيها من الحساسية والكشف الصوفي العميق ما يرفع وتيرة المتكرر،ويحرك فاعلية الجمل، ويرتقي بها مشهدياً،وهنا،"تكمن عبقرية الشعراء الأفذاذ في استيلاد الكلمات معانٍ جديدة لم تكن لها من قبل أن توضع في هذه التراكيب التي يختارونها"(17).

واللافت أن تكرار الجملة بلاغياً هو الذي يحرك الأنساق الشعرية بالانتقال من المتكرر إلى المتكرر الآخر، لاسيما عندما تتوالد الدلالات، وتثير الموقف الشعري المحموم، على شاكلة قوله:

"الحمدُ للشعرِ.. استعنت بوجهه،فأعانني
في وحشة الصمتِ الجريحِ
وهدى خطى قلبي إليكِ،حبيبتي،
فأظلَّت النعمى يدي
الحمدُ للوقتِ الذي استمهلتُهُ
حتى تجيء يداكِ من غيبٍ إليَّ
فأشدُّ في أُفقيهما،
ما انهدَّ من أجزاء روحي"

هنا، يباغتنا الشاعر بقيمة المتكرر الجمالي، الذي يُحرِّك الأنساق الشعرية؛وهذه الأنساق جاءت غاية في الإثارة عبر المتغير التكراري من(الحمدُ للشعر..) إلى (الحمدُ للوقت)؛ وكلا المتغيرين ساهما في إبراز دلالة النسق الشعري الآخر؛ محققاً بلاغة في الدلالة، وقيمة في الرؤيا، و هذا يدلنا على أن تكرار الجملة إذا استتبعه تغيير في بعض الألفاظ فإنه يحفز الإثارة الشعرية؛ويحقق قيمة بلاغية في فاعلية هذا المتغير لتبرز الرؤية بعمقها وتناميها الجمالي.
التكرار اللزومي:

وهو شكل من أشكال التكرار الذي يظهر بشكل لازمة شعرية ،وقد عرفته الناقدة خلود ترمانيني بقولها:" يتبدى هذا النوع من التكرار على شكل لازمة تظهر بين مفاصل النص الشعري فتشدها،وهي تتكرر عند كل لحظة تحول. وتمتلئ دواوين الشعر العربي الحديث بمثل هذا النوع من التكرار الذي يربط بين الجمل عضوياً؛ ويتجاوز- في الوقت نفسه- مهمة الربط ليصبح هذا التكرار جزءاً لايتجزأ من بنيان النص الشعري،"(18).
وتعد تقنية التكرار اللزومي من البنى الفاعلة في تحريك الشعرية في قصيدة (مديح من أهوى) كما في المقتطف الشعري التالي:

"سبحانَ من أعطى يدي قلباً،
لتنبضَ في يداكْ
سبحانَ من أبقى مدىً لغدي،
ليسكنَ في غدكْ
سبحان من رفع الصلاة إلى فمي،
لأقيمها في معبدكْ
سبحانَ من خلقَ الكلام
فأن اسمك في الكلام
ولأن وجهكِ من رضىً
سبحانَ من بسطَ الرضى
ولأنَّ طبعكِ من غمامْ
سميتك الوقت الجميلَ،
وقلتُ قولي في مديحكِ..
والسلامْ"

إن التكرار اللزومي المتتابع الذي يبدأ ب(سبحان) يدلل على شعرية في تكثيف الحدث والموقف الشعري؛ فهذا التكرار تعدى فاعليته في تحقيق الإيقاع النغمي ليدخل في عمق الرؤيا والحدث الشعري؛ بل في عمق الصورة،وإبراز ملمحها الجمالي المؤثر؛ ولهذا أبدع الشاعر في إبراز المظهر الجمالي للمحبوبة،فهي السماحة كلها،وهي الرضى، والغمام والسلام، وتأسيساً على هذا ،جاء التكرار اللزومي كاشفاً عن تلاحم في الدلالة وتغيير في المعنى، من صورة إلى أخرى؛ وهذا ما جعل من التكرار محفزاً جمالياً في إثارة القصيدة وتحقيق متغيرها الجمالي.

3-السرد الوصفي:

تعد تقنية السرد الوصفي من التقنيات البارزة التي تحرك النسق الشعري، لاسيما عند ما يتغلغل السرد إلى أعماق الصورة ،عن طريق الحوار،فيكتسب السرد الوصفي قيمة جديدة تعزز دلالة الوصف والحوار، ولهذا" تتميز قصيدة السرد بوحدتها العضوية التي تجعلها متماسكة؛ لأنها تصدر عن نفس شعري واحد يلف أجزاء النص الشعري بأكمله؛ وبذلك يسهم السرد إسهاماً فعالاً في إضفاء وحدة فكرية وبنائية تنعكس مباشرة على البنية الإيقاعية التي تتحرك وفقاً لتشكيلات السرد الزمانية والمكانية"(19).

ووفق هذا التصور، فإن غنى السرد في القصيدة من المؤشرات الجمالية لفاعليتها القصوى في الاستثارة والتحفيز النصي؛على شاكلة قوله:

جئني
بقميصِ نومِ الزهرِ،
في خفينِ من عشبٍ،
أشرتِ إلى بساطٍ في عراءِ الشعرِ،
قلتِ: هنا أنام
اللهُ،كيف استسلمتْ لغتي إليكِ
فمشتْ إلى الينبوعِ
واغتسلتْ،
ونامت كالحمامةِ في يديكِ

إن سلاسة إيقاع السرد ورشاقته، يوحي بجمالية خاصة، لا يكاد القارئ يدرك أنه في سياق سردي ممطوط، وهذا الأسلوب السردي يكثف الرؤى والدلالات المفتوحة؛ فتتحرك الصور برشاقة بليغة وقوة فائقة على تخليق الصورة المعبرة،ناهيك عن الحركة الجمالية من خلال سلاسة الحوار مع السرد، واقتناص الصور المعبرة بكثافة عن الحالة الشعورية، كما في قوله:[اللهُ،كيف استسلمتْ لغتي إليكِ فمشتْ إلى الينبوعِ واغتسلتْ،ونامت كالحمامةِ في يديكِ]؛ وهكذا، يؤسس الشاعر إيقاع الصور المعبرة عن الحالة بتوق جمالي إلى تشعير السرد برشاقة تصويرية بليغة تصيب مرماها النصي؛
وقد يأتي السرد الوصفي يحمل قيمة جمالية في ذاته، من خلال مدلول السرد،وإيقاعه الذي يباغت القارئ بمغيرات القصيدة، وهذا أكثر ما اعتمدته قصيدة(مديح من أهوى) التي جاءت قمة في التعبير والحراك الجمالي على شاكلة قوله:

وأنا جالسٌ في حضرةِ الصيفِ الذي
يفتضُّ كوكبكِ المشعَّ على الرمالْ
هذا، إذن وقتُ امتلاككِ
إنَّ لي
هذي السواحلَ كلها
هذي الجرودَ العالقاتِ على الجبالْ
هذي الظهيرةُ لي
بما في شمسها
من غبطةِ الذهبِ المذابِ،
وما عليها من ظلالْ"

إن قارئ هذا المقتطف الشعري السردي يشعر بجمالية خاصة لاسيما في رشاقة الانتقال من صورة إلى أخرى،وهذا الانتقال يشي بقوة الحركة التعبيرية،والقيمة الوصفية في تحريك الحدث الشعري؛ مما يدل على حالة من الإحساس الجمالي في وصف شوق الشاعر إلى محبوبته،وتمليها بحس شاعري مرهف،وتمني امتلاكها.

ولعل ما يثير الحركة الجمالية- في القصيدة- تتابع التكرار وتواشجه مع الوصف السردي في تحريك الحدث الشعري،وإكسابه الرؤية الخلاقة؛مما يدل على شعرية بالغة في التكثيف والحراك الجمالي؛ وهذا ما يستشفه القارئ من خلال النسق الشعري التالي:(هذي السواحلَ كلها /هذي الجرودَ العالقاتِ على الجبالْ /هذي الظهيرةُ لي /بما في شمسها/من غبطةِ الذهبِ المذابِ)؛ وهذا يدلنا على أن شعرية السرد الوصفي عندما تستعين بالتكرار تكسب الصور قيمتها ورشاقتها وحراكها الجمالي الممتع.

وترى الناقدة خلود ترمانيني " أن الصيغة السردية يغلب عليها ضمير المتكلم الذي يدير خيوط القصيدة دلالياً وإيقاعياً،ولعل عدم وجود أصوات أخرى يحقق للنص وحدة التجربة،وينظم الصوت في طبقة واحدة، فالسرد يعتمد على الزمن التاريخي لا التركيبي،وهو – بذلك- لايقدم قصة،بل موقفاً ورؤية وحالة"(20).وهنا في هذه القصيدة جاءت الصيغة السردية متمثلة ضميرين (الشاعر/ وأنثاه) بضميرين الحاضر والغائب، كما في قوله:

"ياكوكبَ النُعمى،
سألتُ الشعر أن تأتي،
فأعطأني
مُدِّي سريرَ القلبِ،
واستلقي على أشجانهِ الخضراء،
أنتِ اليوم ضيفُ حنينه الحاني
أنا ساهرٌ بالقربِ من عينيكِ،
أحرسُ نومكِ الهاني
وأمدُّ زيتهما بما أبقتْ لي الأيامُ
في مصباحي الفاني"

هنا، يسيطر ضميري (المتكلم / المخاطب) على المقتطف الشعري، في إبراز حالة الشوق و الهيام على ذات الشاعر، وهنا تتحرك البنى السردية، بفاعلية قصوى في إبراز توق الشاعر وهيامه، على المشهد الشعري،وكأن درجة الحساسية الشعرية التي يمتلكها الشاعر جعلت من المنتج الشعري قيمة جمالية عالية في تحريك الأنساق والارتقاء بها جمالياً؛ وهذا ما رفع من درجة فاعلية الصورة وقيمتها، في النسق الذي تتضمنه،كما في الصورة:[ أحرسُ نومكِ الهاني /وأمدُّ زيتهما بما أبقتْ لي الأيامُ في مصباحي الفاني"؛ومن أجل ذلك تتحدد شعرية السرد بفاعليته في التحفيز النصي،والمهارة والخبرة الجمالية التي يمتلكها، وهذا ما يحسب للقصيدة في مسارها السردي المؤثر.

وهكذا تعد تقنيات السرد من المحركات النصية التي ترتقي بالحدث والمشهد الشعري، وسرعة تمفصل الرؤى والأحداث الشعرية، مما يجعلها ذات قيمة جمالية عالية في نبضها إحساسها الجمالي.

التوازي

تعد تقنية التوازي من التقنيات الجمالية المهمة التي أثارتها بنية القصائد الحداثية في عالمنا العربي المعاصر، ذلك أن " التوازي" يعد من أعمق أسس الفاعلية الفكرية في الشعر؛ فهو شكل من أشكال التنظيم النحوي، ويتمثل في تقسيم البنية اللغوية للجمل الشعرية إلى عناصر متشابهة في الطول والنغمة؛ فالنص بكليته يتوزع إلى عناصر وأجزاء ترتبط فيما بينها من خلال التناسب بين المقاطع الشعرية التي تتضمن جملاً متوازية. وههنا، تحقق التماثلات النحوية أنساق التوازي في الشعر؛ ومن ثم توجيه حركة الإيقاع في النص الشعري"(21).

والتوازي فاعلية لغوية تهدف إلى إبراز التماثلات النحوية التي يقصد من خلالها الشاعر إكساب التجربة عمقاً وجمالاً في التنظيم اللغوي داخل النص؛ ومن هنا، تعد تقنية التوازي المحرق الجمالي في الاستثارة والتأثير؛ وغالباً تتجلى" خصيصة التوازي من خلال نظام التماثلات النحوية التي تكسب النص الشعري انسجامه تنوعه معاً"(22).

وهذا يعني أن درجة شعرية تقنية التوازي تتحدد بعمق الرؤيا،وفاعلية الأنساق المتوازية في تخليق الشعرية؛وإبراز متحققها الجمالي، كما في سلسلة المتوازيات التي تحققها قصيدة( مديح من أهوى) التي سندرسها وفق ما يلي:1) التوازي الصوتي.2) التوازي التركيبي. 3) التوازي النسقي.4) التوازي البصري.

التوازي الصوتي:

ونقصد ب(التوازي الصوتي) توازي الأنساق الصوتية في حركة القوافي، لإبراز التآلفات النغمية وتحقيق متغيرها الجمالي؛ فكم من الأنساق الشعرية المتوازية صوتياً لاقيمة لها إلا حين تدخل في النسق،وتبرز متغيرها الأسمى، وهذا يعني أن القيمة الجمالية للأنساق الصوتية الشعرية المتجانسة تحقق إثارتها من هذا التناغم والائتلاف الصوتي كما في قوله:

حين تنأى الأرضُ في قلبي،
فيرطمُ قاعُها قاعَ السماءْ
ويسيلُ جرحهما معاً:
ماءٌ على نورٍ،
ونوراً فوق ماءْ
هو صيفُ مملكةٍ،
كأنما على شفا زبدٍ
يشيدهما هواءْ

بادئ ذي بدء نشير إلى أن التوازي الصوتي قيمة جمالية مهمة إن أحسن الشاعر في توظيفها بالشكل الفني اللائق الذي يربطها بالدلالة، وإلا فلا قيمة لها في خلق الاستثارة والشعرية إذا كانت مجرد ترددات لفظية لا ترتبط بالدلالة ونواتجها المؤثرة.

ولو دققنا – في المرتكزات النغمية السابقة- لأدركنا أنها ترتكز على المتوازيات الصوتية،كما في الأنساق التالية:

ماءٌ على نورٍ،
ونوراً فوقَ ماءْ
هو صيفُ مملكةٍ،
كأنما على شفا زبدٍ
يشيدهما الماءْ

إن التوازي الصوتي النسقي الماثل في القوافي يحرك النغم الجمالي المرتبط بالقصيدة(نوراً فوق ماء)=(ماءُ على نور)=(يشيدهما الماءْ)، وهذه التمائلات الصوتية المحكمة تعزز الشعرية،وترتقي بجمالية النسق الشعري إلى أوج التنامي الشعوري؛ لاسيما في إلهاب الجو الغزلي الشفيف الذي تتضمنه في القصيدة، في سعيها للإرتقاء بالنسق،وتحميله من الدلالات،ما يزيد من إثارة الشعرية.

التوازي التركيبي:

ونقصد ب(التوازي التركيبي) توازي الأنساق اللغوية المتماثلة التي تعتمد تكرار الأنساق المتوازنة بما تحققه من انسجام،وتفاعل،وتضافر،محققة أقصى درجات الاستثارة، والفاعلية الجمالية، لاسيما عند ترتبط المتوازيات بالدلالة،وتسهم في إثرائها على المستويات الشعرية كلها؛ مما يؤدي إلى تفعيل الأنساق الشعري بالقيمة الجمالية الدلالية المعززة لهذه القيمة، كما في قوله:

يا رب، هذا الحبُّ يوجعني
كأني ما أزالْ
في أول الأنثى،
كأني ما ابتدأتُ الأرضَ بعدُ
كأنني في أول الوطنِ الجميلْ
وكأنَّ بلور الطفولة ما تكسَّر في دمي"

إن هذا التوازي التركيبي الذي يعتمده الشاعر محمد عمران، يثير الدهشة من حيث تفاعله مع الموقف والحدث الشعري الشعري، بل ويسهم في تعضيد إيقاع الصور المتناسبة، على مستوى الرؤى والدلالات المفتوحة،كما في الأنساق التالية:

كأني ما أزالْ
في أول الأنثى،
كأني ما ابتدأتُ الأرضَ بعدُ
كأنني في أول الوطنِ الجميلْ
وكأنَّ بلور الطفولة ما تكسَّر في دمي"

إن هذا التوازي النسقي يسهم في تعزيز الرؤيا،وتحريكها بالبنى الفاعلة المحفزة للقارئ، وهذا ما يضمن توازنها وتضافرها الجمالي الخلاق.ودليلنا أن الشاعر يخفي الكثير من الرؤى والدلالات الفاعلة التي تحرك النسق الجمالي،وهنا بدت الأنساق متفاعلة بحراك جمالي يظهر على هذا الشكل من التناغم بين الأنساق المتماثلة على شاكلة قوله:
كأني ما ابتدأتُ
كأنني في أول الوطن الجميل
وكأن بلور الطفولة ما تكسر في دمي
إن هذه الاستثارة في خلق التوازن الجمالي بين الأنساق هو ما يحفز الرؤيا الشعرية ،ويحقق متغيرها الجمالي الفاعل،وهكذا يؤدي التوازي النسقي قيمته الجمالية في الحراك الشعوري الفاعل الذي تحركه الأنساق؛ لتبرز متغيرها الجمالي الآسر.
3-التوازي النسقي:
لاشك في أن التوازي النسقي، من فواعل الرؤيا الجمالية التي تبرز في قصائدنا المعاصرة، ونقصد ب( التوازي النسقي) توازي الأنساق المتماثلة في التركيب،على شكل منظم ومتناسق،لإبراز عمق الرؤيا،وفاعلية الموقف الشعري، على شاكلة قول محمد عمران في هذا المقتطف:

"كأني ما أزالْ
في أول الأنثى،
كأني ما ابتدأتُ الأرضَ بعدُ
كأنني في أول الوطنِ الجميلْ
وكأنَّ بلور الطفولة ما تكسَّر في دمي
وكأنَّ قلبي لم تجرِّحه الشظايا،
أو كأنَّ الماءَ لم يشنق على شفتي،
ولم يمت الهواءُ على يدي،
كأنما المهدُ الموشى لم يصر جدثاً،
كأني لم أكنْ
رجلُ الخسارات الكبيرةِ والصغيرةِ،
فارسَ الوقتِ القتيلْ".

إن القارئ- هنا- يلحظ توازي الأنساق ،وهذا التوازي عزز فاعلية الصور الرومانسية وقيمتها في التفعيل الجمالي،فالشاعر برهن على شعرية الحدث، والموقف الجمالي،من خلال التوازن بين الجمل لتجري على سلاسة تعبيرية رشيقة تضاعف من قيمتها وشاعريتها في آن، كما في الأنساق المتوازنة التالية:

كأنني في أول الوطنِ الجميلْ
وكأنَّ بلور الطفولة ما تكسَّر في دمي
وكأنَّ قلبي لم تجرِّحه الشظايا،
أو كأنَّ الماءَ لم يشنق على شفتي،
ولم يمت الهواءُ على يدي،

إن من يطلع على التوازي النسقي في هذه الصور يلحظ القيمة العليا التي ترتكز عليها، وهذا يدعونا إلى القول: إن شعرية القصيدة تحقق مبتغاها الجمالي عندما تسهم في تشكيل الرؤيا ،وتخلق متغيرها الجمالي البارز،وهنا، استطاعت أن تحقق هذه الصور المتوازية قيمة عليا من الاستثارة والتأثير؛لاسيما بالقفلات الدهشة التي تترك إيقاعها في نفس القارئ أكبر فترة ممكنة من الزمن.

وبعد، فإن تقنية التوازي ليست تقنية سلبية،وإنما تقنية خلاقة تباغت القارئ بمردودها الجمالي وسحرها الإيقاعي؛ ومن أجل ذلك ،تبرز تلك القيم بوصفها بنى دالة تحقق أقصى درجات تخليقها وإمتاعها الجمالي، وهذا ما يحسب لهذه القصيدة على مستوى أنساقها وصورها ودلالاتها،ومؤشراتها الجمالية من أول كلمة فيها إلى آخر كلمة في نسقها الجمالي.

نظرة تحليلية فاحصة لقصيدة( مديح من أهوى) لمحمد عمران

تطرح القصيدة موضوعا شائعاً في لغة الشعر المعاصر، وهو الوصف، والغزل،والحب،وما شابه ذلك بلغة تميل إلى عذوبة الصورة ،وسلاسة الإيقاع،وتنوع الرؤى،وتعدد الأنساق السردية، وتنوع المشاهد الشعرية،وغناها بالمؤثرات الكاشفة، من حيث القيمة الجمالية للكلمة، والجملة في النسق الكلي المتضمنة فيه؛ ولو دقق القارئ بالحيثيات الجمالية التي ترتكز عليها القصيدة لأدرك أن القصيدة تتمفصل على الصورة ،بوصفها لب الحراك الجمالي، والصورة في هذه القصيدة يغلب عليها إيقاع التركيب على إيقاع الإفراد، والتجسيد والتشخيص على إيقاع التجريد، مما يدل على شعرية الصورة المجسمة بشكل أو هيئة على حساب الصور المجردة التي جاءت قليلة مقارنة مع النزوع الجامح إلى المشاهد الحية المرئية في الطبيعة بعين المشاهدة لاعين الخيال المطلق. وهذا ما جعله يركِّب بالصورة تركيبه للحياة ومشاهدها من حوله،أما ما تحاول القصيدة أن تطرحه فهو وصف الحالة الشعورية بكل اتقادها وفورانها الداخلي؛بترسيم تصويري رفيع المستوى،من وصف الحبيبة،ووصف توق المشاعر الملتهبة التي ترصد مشاعره بابتهالات صوفية مفتوحة في مدها وشعورها وطيفها المفتوح، ناهيك هذا الحس الجمالي في نقل الصورة من نسق إلى آخر؛ وهذا ما للشاعر وللقصيدة، فالقصيدة تفور بمغرياتها وتبرز بوصفها قيمة جمالية مميزة،سواء في شكلها الجمالي أم إيقاعها اللغوي، أم البصري،وهذا يعني تضافر القيم الجمالية كلها في تحقيق الغاية الإبداعية.
ولعل أبرز درجات إثارة قصيدة(مديح من أهوى) تتمثل فيما يلي:

تلوين الأساليب الشعرية، واختلاف درجة حساسية الصورة،وعمق الرؤية،من حيث إصابة المعنى المراوغ، والقيمة البلاغية المؤثرة.

حساسية المشهد وقيمته البليغة.إن المشهد الشعري البليغ هو المشهد المعبر بحساسية عالية عن الموقف الشعري والحدث المؤثر،كما في قوله:

"من أينَ يبدأُ عاشقٌ بمديحِ من يهوى؟
من أينَ يدخلُ في تفاصيلِ الغموضِ أو الوضوحِ
في جسمها المكنونِ،
مادامتْ أظلتها تفيضُ على المديحِ
والوقتُ من وجدٍ ترابي،
ومن نجوى"

إن شعرية المشهد تتبدى في التساؤلات الشاعرية التي تفتح بوابة الرؤيا على أشدها من خلال عمق الحدث وفاعلية الرؤيا المجسدة،فالشاعر – على ما يبدو- يكرس المشهد الغزلي، ويبني حيثيات الرؤيا الغزلية بالتفصيل،وهذا يقودنا إلى القول: إن فاعلية الصورة الشعرية تتبدى في هذا الحراك الجمالي على مستوى الصورة:[ والوقتُ من وجدٍ ترابي،ومن نجوى]؛ وهذا يقودنا إلى القول: إن فاعلية الحدث الشعري تتحقق بمتغيرات الرؤيا ومستتبعاتها النصية؛ وهذا يعني أن شعرية المشهد تتعلق بحساسية الصورة ومنطقها الجمالي.
وبتقديرنا: إن شعرية المشهد الشعري تتحدد بمثيرات الرؤيا وحساسية المشهد الرومانسي الكثيف؛ مما يدل على شعرية الحدث، وقيمته المتغيرة.

الحس الجمالي:

إن أبرز ما تثيره قصيدة( مديح من أهوى) لمحمد عمران، الحس الجمالي الذي يؤسسه على وعي جمالي في تكثيف الرؤيا، فالشاعر محمد عمران يملك الحساسية الجمالية في تشكيل الرؤيا،وإبراز متغيرها الجمالي كما في قوله:

وأنا أُشيدُ لك القصورَ من الكلامْ
وأنا أُخيطُ لكِ الفساتينَ الجليلةَ،
جئني
بقميصِ نومِ الزهرِ،
في خفينِ من عشبٍ،
أشرتِ إلى بساطٍ في عراءِ الشعرِ،
قلتِ: هنا أنام
اللهُ،كيف استسلمتْ لغتي إليكِ
فمشتْ إلى الينبوعِ
واغتسلتْ،
ونامت كالحمامةِ في يديكِ"

إن الحس الجمالي الذي يعتمده الشاعر يثير الحساسية الرؤيوية في إبراز الصورة الرومانسية الخصبة التي تبين أوج التكامل الفني بين الرؤية الشعرية والمشهد الشعري؛ مما ينم على مرجعية فنية تسهم في إبراز النسق المؤثر،والصورة البليغة، كما في قوله:[ فمشتْ إلى الينبوعِ واغتسلتْ،ونامت كالحمامةِ في يديكِ"؛ وهكذا، تتحرك الرؤى الجمالية في قصيدة (مديح من أهوى) بحساسية رؤيوية شاعرية تمد الرؤية الشعرية بالقوة المحركة شكلاً ومضموناً، ولا نبالغ في قولنا: إن الحساسية الجمالية هي مصدر جوهري في إبراز الحدث،وتحريك النسق الرومانسي، في جميع مقاطع قصيدة(مديح من أهوى)؛ وهكذا، تبرز الأنساق الشعرية بوصفها قيماً جمالية محركة للأنساق الشعرية بوصفها طاقة خلاقة في إبراز الملمح الجمالي الذي تعتمده هذه القصيدة على مشاهدها المتعددة،وصورها المتحركة.

4-الحساسية الرؤيوية:

لاشك في أن القصيدة الخلاقة هي القصيدة الرؤيوية التي تفتح بوابة الرؤيا على مصراعيها من حيث القيمة والكثافة والرؤيا،والدلالة، وهي تستدعي الأنساق المحركة في شكلها الجمالي،لاسيما عندما تتلون الدلالات،وتبرز بفاعليتها القصوى، وهذا ما اعتمدته القصيدة في جل مقاطعها محركاتها الجمالية، على شاكلة قوله:

"ياكوكبَ النُعمى،
سألتُ الشعر أن تأتي،
فأعطأني
مُدِّي سريرَ القلبِ،
واستلقي على أشجانهِ الخضراء،"

إن المدقق- في نسق الصور السابقة- يدرك الحساسية الرؤيوية في تحريك الأنساق الشعرية، وإبراز نسقها الجمالي عبر حراك الصورة، وتحولها جمالياً؛ وهذا ما اعتمده الشاعر في الوقوف على هذه الصور المؤثرة كالتالي:[ مُدِّي سريرَ القلبِ،واستلقي على أشجانهِ الخضراء]؛ وهذا يدلنا على أن شعرية الموقف والحدث الشعري من أقوى بواعث الحساسية الجمالية ومتحولاتها ضمن القصيدة.

والجديد بالذكر تكمن مؤشرات الحساسية الجمالية في المشهد المتحرك والرؤيا العميقة التي تستجرها على اختلاف مؤشراتها الفاعلة، كما في قوله:

"عندي شموع دمٍ
أوقدتها،بخورُ الروحِ أحرقهُ
على مجامره
عندي خزائنُ من خبزٍ،وخمرٍ،وأيامٍ معتقةٍ
لوقتِ عينيكِ
عندي النورُ والنارُ".

إن القارئ يدرك اللعبة الجمالية في التشكيل النصي،من حيث عمق الصورة،وقوة متحركها الجمالي، فالشاعر يستولد الدلالات العميقة؛ من خلال ما تشي به من دلالات ورؤى غزلية رومانسية تشي بعمقها وحسها الجمالي، كما في قوله:["عندي شموع دمٍ/ أوقدتها،بخورُ الروحِ أحرقهُ/على مجامره/عندي خزائنُ من خبزٍ،وخمرٍ،وأيامٍ معتقةٍ/لوقتِ عينيكِ عندي النورُ والنارُ]؛ وهذا الأسلوب الشعري يحقق للقصيدة تكاملها وإيحائها الفاعل، وتأسيساً على هذا يمكن القول: إن مغريات الصورة من محركات النسق،ودوافعه الخلاقة.وهي تظهر بشكل أو بآخر عمق المتحول الجمالي في قلقة النسق وتثبيت مردوده الفاعل؛ وعلى هذا النحو تحقق قصيدة من أهوى قيمتها الجمالية ومنظورها المراوغ.

وبعد، يمكن القول: إن شعرية قصيدة(مديح من أهوى) لمحمد عمران تنبني على إيقاع الصورة الحسية ،والمركبة، وهذا يعني ولع الشاعر في إبراز المشاهد المحسوسة عن المجردة، وهي قصيدة تخلق متنفسها الإبداعي من خلال المهارة في استشفاف الصور البليغة، والمعاني الرومانسية الساحرة، والمؤثرات البؤرية العميقة؛ناهيك عن إيقاع المعاني المتوالدة من حراك الدلالات وانفتاحها،مما يدل على شعرية بالغة الاستثارة والتأثير.

الحواشي:

(1) عمران،محمد،2000- الأعمال الشعرية الكاملة،ج4/ ص209-225.
(2)المساوي،عبد السلام،1994-البنيات الدالة في شعر أمل دنقل،اتحاد الكتاب العرب،دمشق،ص91.
(3)اليافي،نعيم- تطور الصورة الفنية في الشعر العربي الحديث، اتحاد الكتاب العرب، ص345.
(4) المرجع نفسه،ص345
(5) ترمانيني،خلود،2004- الإيقاع اللغوي في الشعر العربي الحديث،ص35-36.
(6)ترمانيني،خلود،2004- الإيقاع اللغوي في الشعر العربي الحديث،ص258.
(7)المرجع نفسه،ص306.
(8) المساوي،عبد السلام،1994- البنيات الدالة في شعر أمل دنقل،ص92.
(9)ترمانيني،خلود،2004- الإيقاع اللغوي في الشعر العربي الحديث،ص306.
(10) المرجع نفسه،ص307.
(11) الشيباني،محمد حمزة،2011- البنيات الدالة في شعر شوقي بغدادي،دار رند،دمشق،ص129
(12) المرجع نفسه،ص131.
(13) ترمانيني،خلود،2004- الإيقاع اللغوي في الشعر العربي الحديث،ص73.
(14) الشيباني،محمد حمزة،2011- البنيات الدالة في شعر شوقي بغدادي،ص134-135.
(15) ترمانيني،خلود،2004- الإيقاع اللغوي في الشعر العربي الحديث،ص308.
(16)عثمان،اعتدال،1988- إضاءة النص، دار الحداثة، بيروت،ط1، ص8.
(17)عبد اللطيف، محمد حماسة،1983- النحو والدلالة( مدخل لدراسة المعنى النحوي الدلالي)، كلية العلوم،جامعة القاهرة،ط1،ص171.
(18) ترمانيني،خلود،2004- الإيقاع اللغوي في الشعر العربي الحديث،ص308.
(19)المصدر نفسه،ص372.
(20) المصدر نفسه،ص376.
(21) المصدر نفسه،ص97.
(22) المصدر نفسه،ص97.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى