الأربعاء ١١ شباط (فبراير) ٢٠٠٩
كتاب جديد – ملخص

مسرحية (حصان طروادة)

بقلم: خالد السيد وهدان
خالد السيد وهدان

* روائع الأدب العالمى أربع: الإلياذة (لهوميروس)، والكوميديا الإلهية (لدانته)، ودون كيخوته (لثربانتس)، وفاوست (لجيته). وألف باء الثقافة العالمية، هى أدب الإغريق، وألف باء أدب الإغريق، هى إلياذة هوميروس. وتعد الإلياذة أشهر ملاحم الشعوب القديمة قاطبة. يقول قيصر ألمانيا: دعوا الأساتذة يكثروا من تلقين شعرهوميروس، فإن الأمة التى ترسخ فى ذهنها ملحمته الشعرية لا يسارع إليها العجز والهرم. الإلياذة تعنى قصة اليوم.

صدر نهاية 2008 مسرحية (حصان طروادة) للكاتب المسرحى خالد السيد وهدان وقدم لها الملاحظات الدرامية الناقد الراحل سامى خشبة. بتقديم د.عبد المعطى شعراوى، المسرحية مشروع مسرحى قام به المؤلف خلال الفترة 2001-2008 ليسجل تاريخيا مسرحة الإلياذة بالكامل لأول مرة، فى مسعى لتبسيط الأدب العالمى. وصدر الكتاب عن سلسلة أدباء ماسبيرو، على نفقة المؤلف الخاصة، بعيدا عن طوابير المؤسسات الحكومية واستغلال النشر الخاص.

نصح الأستاذ/ سامى خشبة المؤلف بالعديد من الملاحظات الدرامية المهمة جدا، التى جعلته يقوم بإعادة كتابة المسرحية وفقا لروية درامية مغايرة، تعتمد على خطين دراميين:الشرف، والخيانة، ووضع شخصية باتروكلوس وساربيدون، وإبراز شخصية كاساندرا، واختصار السلوتات، وتغير النهاية لتصبح شخصية الزوجة هيلينى آثمة.

والأستاذ سامى خشبة أتقن حفظ وفهم نص الإلياذة من والده الناقد الراحل العملاق درينى خشبة وكان كتابه" الإلياذة" الصادر عن أخبار اليوم عام 1990 أحد الركائز المهمة فى مسرحة المؤلف. وذلك ضمن المصادر والمؤلفات :الإلياذة- أمين سلامة – مطبوعات كتابى - الستينيات، والإلياذة – ممدوح عدوان- المجمــع الثقافى أبوظبى– 2002، والأساطير الإغريقية- د. إبراهيـــم سكر- الهيئة العامة للكتاب- 1996.

ويقول د.عبد المعطى شعراوى المتخصص فى الأدب اليونانى والإلياذة، هكذا وقع اختيار كاتبنا على أسطورة طروادة لتكون موضوعا لأحدث أعماله الأدبية، لكنه قد يبدو طموحا أكثر من اللازم، إذ إنه قد حاول معالجة كل أحداث الأسطورة الكاملة، وما أكثرها، فهو يتعرض لمولد باريس ونشأته، ومولد هيلينى ونشأتها، وزواج هيلينى ومنيلاووس وهروب هيلينى مع باريس وقيام الحرب الطروادية وتطورها، ثم كيفية سقوط طروادة واسترداد هيلينى. أحداث متعددة متتالية متلاحقة، يكر الحدث خلف الحدث، وتتلاحق المعركة تلو المعركة، وأصبـح على القارئ أن يتابـع تلك الأحـداث فى انتبـاه شديد، ولقد نجـح كاتبنا نجاحـا لافتا للنظر فى الجمـع بين كل الأحداث فى نسيج فنى رائع.

* المؤلف:حاصل على جائـزة تيمور المسرحية مرتيــــن عامــــى 1997 /2003 ، عن نصين. الأول: (الحياة على إيــقاعات الموت) الهيئة العامة للكتاب 1998، الثاني: أخبار الربيع - الهيئة العامة للكتاب 2005 .... وحاصل على جائـزة اتحاد اللكتاب عن مسرحية أخبار الربيع 2005 .

 مسرحية (الدرويش والملوك) الهيئة العامة للكتاب 2004وكذلك العديد من المؤلفات السياسية

حصان طروادة

* الإنسان هو الإنسان، فى كل عصر، يحيا بمشاعره، يهفو إلى تحقيق العدالة على الأرض، يسعى إلى الخلود، لكنه فان لا محالة، ظالم لا جدال. يهفو إلى تحقيق العدالة بينما هو يظلم نفسه والآخرين. يشن الحروب الطاحنة ليحقق السلام على الأرض. يحاول أن يصنع لنفسه مكانا ، يكافح كى يقهر عوامل الطبيعة، وعندما لا يستطيع فإنه يحاول أن يتصالح معها. هكذا عاش الإنسان منذ الأزل، هكذا يعيش الآن، وهكذا سيظل أبدا يعيش يقاوم عوامل الطبيعة، يقهرها وتقهره، يصارع الموت ويهفو إلى الحياة، لكن الموت يدركه. لقد ولد الإنسان كى يموت، لكنه دائما ينشد الخلود. ففى الوقت الذى يموت فيه إنسان يولد إنسان آخر. فمن خلال الموت تأتى الحياة، ومن خلال الحياة يسود الموت. وهكذا تتجدد الحياة على الأرض، وهكذا تتواصل الأجيال، وتتباين الأفكار. فتصنع تراثا خالدا يصبح فى جملته تراث الإنسان، وأهم عناصر ذلك التراث الإنسانى هو الأسطورة.

* اختلفت الآراء حول الأسطورة، بالرغم من الاختلافات الواضحة والتناقضات الصارخة التى ظهرت بين تلك النظريات فإن لدى كاتب هذه السطور رأيا شخصيا. الأسطورة فى رأيى هى قصة حقيقية خيالية فى الوقت نفسه، قد يبدو التعريف غير متناسق أو غير منطقى، فكيف يكون الشىء حقيقيا وخياليا فى وقت واحد؟ الأسطورة قصة حقيقية إذ إنها تحتوى على عنصر الحقيقة، فلا بد أن يكون هناك عنصر حقيقى فى كل أسطورة. فمثلا أسطورة طروادة تتحدث عن حقيقة تاريخية، فلقد ثبت بالأدلة أن حروبا طاحنة قامت بين مدينة طروادة الواقعة فى آسيا الصغرى والممالك الإغريقية فى جنوب أوربا، كما أكدت الحفريات الأثرية وجود آثار تدمير مدينة طروادة بأسلحة الإغريق أكثر من مرة. أسطورة طروادة– إذن– تحتوى على عنصر الحقيقة التاريخية.

* ثم تأتى بعد ذلك أجيال متعاقبة متعددة، يحاول كل جيل أن يضيف بعض التفاصيل إلى القصة التاريخية. قد يتخيل البعض أن سبب الحرب هو اختطاف الأميرة هيلينى الأغريقية وهروبها مع باريس الأمير الطروادى. قد يتخيل البعض الآخر أن السبب هو غضب بعض الآلهة من أهل طروادة. قد تتخيل مجموعة ثالثة أن السبب هو رغبة الآلهة فى تمجيد ذكرى بعض الأبطال الإغريق. إلى آخر تلك التفسيرات المختلفة لأسباب قيام الحرب وتفاصيل مراحل تطورها. الأسطورة فى رأيى إذن هى قصة حقيقية نشأت أساسا على عنصر حقيقى، هذا العنصر الحقيقى هو مركز الأسطورة. ثم تأتى الأجيال المتعاقبة لتتناول تلك القصة الحقيقية وتغلف ذلك المركز الحقيقى بقشور هى فى الحقيقة من بنات أفكار تلك الأجيال أو معتقداتها.

* الأسطورة- إذن- ليست كتابا مقدسا، بل هى سجل للأفكار الشعبية، سجل، فقراته قابلة للتغيير والتبديل، سجل صادق، يعكس الرأى والرأى الآخر، يعرض المشاعر الإنسانية والأحاسيس البشرية بدون رتوش، وما أكثر ما ترك الإغريق من أساطير، أساطير أثارت انتباه العلماء والأدباء والفنانين، وجد هؤلاء المثقفون فى الأساطير كل ما ينشدون، وجدوا فيها الخيال والمشاعر الإنسانية، وجدوا فيها رموزا لمشاعر تفيض بها صدورهم، رأوا فيها صورا لسلوكيات يمارسونها فى حياتهم، شاهدوا فيها ظلالا لأشخاص تحيط بهم من كل جانب، لذا استلهم الأدباء والفنانون موضوعاتهم من الأساطير، وكان مؤلف هذه المسرحية - خالد السيد وهدان- واحدا من هؤلاء الكتاب، استهواه موضوع الحرب الطروادية التى قامت بين شعوب شرقية غنية بمواردها الطبيعية وشعوب غربية طامعة فى ثروات الشعوب الأخرى المسالمة. استهواه باريس الراعى الأسمر ذو الأصل الملكى. استهوته هيلينى المرأة الغربية اللعوب، استهواه أخيليوس الذى نشأ مدللا فى حجر أمه ثم تحول إلى محارب جسور، استهواه أجاممنون الغاضب الطامع الساخط المغلوب على أمره فى أغلب الأحيان، استهوته شخصيات إلهية مقدسة مثل هيرا وأفروديتى وأثينة وآرتميس، استهواه التشابك فى الأنساب بين أعضاء المجلس الأولمبى الخالدين وعالم البشر الفانين، استهوته تفاصيل غريبة عجيبة وأحداث خارقة مارقة، فأمسك بقلمه المسنون ونسج رقعــة فنية قدمها إلى القارئ فى صورة درامية جذابة، تلك هى المسرحية التى نحن الآن بصدد تقديمها إلى القارئ.

* كاتبنا ليس أول من تناولوا الأسـاطير كموضوعات لأعمــالهم الأدبية، فمثلا كتب جان بول سارتر مسرحيته الرائعة " الذباب " أثناء الحرب العالمية الثانية، حينئذ كان النظام النازى يحتل فرنسا، وكانت المقاومة الفرنسية تحاول أن تتخلص من سطوة الحكم النازى، فهل أراد الفيلســوف الفرنسى أن يخـبر الشـــعب الفرنسى أن أوريستيس قتل والدتــه كلوتمنسترا التى سبق أن قتلت والده أجاممنون؟ بالتأكيد لم يكن ذلك هدف سارتر، لكنه سيرى فى أجاممنون فرنسا الكسيرة، وسيرى فى كلوتمنسترا الاستعمار النازى، وسيرى فى أورستيس المقاومة الفرنســية، فالأديب يســتخدم الأســطورة كرمز لفكــرة أو رأى محدد أو وجهة نظر شخصية، وليس مجرد إحياء أسطورة بعينها.

* هكذا وقع اختيار كاتبنا على أسطورة طروادة لتكون موضوعا لأحدث أعماله الأدبية، لكنه قد يبدو طموحا أكثر من اللازم، إذ إنه قد حاول معالجة كل أحداث الأسطورة الكاملة، وما أكثرها، فهو يتعرض لمولد باريس ونشأته، ومولد هيلينى ونشأتها، وزواج هيلينى ومنيلاووس وهروب هيلينى مع باريس وقيام الحرب الطروادية وتطورها، ثم كيفية سقوط طروادة واسترداد هيلينى. أحداث متعددة متتالية متلاحقة، يكر الحدث خلف الحدث، وتتلاحق المعركة تلو المعركة، وأصبـح على القارئ أن يتابـع تلك الأحـداث فى انتبـاه شديد، ولقد نجـح كاتبنا نجاحـا لافتا للنظر فى الجمـع بين كل الأحداث فى نسيج فنى رائع.

* إن مسرحية حصان طروادة، نص مسرحى جيد، أضعه بين يدى القارئ ، يستخرج منه ما يستطيع أن يستخرجه، ويرى فيه ما يمكنه أن يراه، ويفسره كما يشاء، وأنا واثق أنه سيثير بين القراء تساؤلات وتساؤلات، فإن حدث ذلك صدق ظنى، وتأكدت جودة النص، فالنص الأدبى الجيد دائما يثير التساؤلات، ويختلف حوله القراء والنقاد.

** ** **

مقدمة المؤلف

حصان طروادة

* روائع الأدب العالمى أربع: الإلياذة (لهوميروس)، والكوميديا الإلهية (لدانته)، ودون كيخوته (لثربانتس)، وفاوست (لجيته).

* ألف باء الثقافة العالمية، هى أدب الإغريق، وألف باء أدب الإغريق، هى إلياذة هوميروس. وتعد الإلياذة أشهر ملاحم الشعوب القديمة قاطبة. يقول قيصر ألمانيا: دعوا الأساتذة يكثروا من تلقين شعر هوميروس؛ فإن الأمة التى ترسخ فى ذهنها ملحمته الشعرية لا يسارع إليها العجز والهرم. الإلياذة تعنى قصة اليوم.

* المسرحية تتناول بداية الخلق عند اليونان، فى استشراف درامــى لأحداث الأسطورة الشهيرة الإلياذة. حيث أوفد ملك طروادة ابنه الأمير باريس بن برياموس إلى إسبارطة فى مهمة، وحل ضيفا على منيلاووس ملكها، وتعرف باريس على زوجته هيلينى، فوقع فى حبها، وقد أحبته هى الأخرى، وهربا معا إلى طروادة. وهنا ثارت ثائرة الإغريق، فسارت جيوشهم بقيادة الملك منيلاووس وشقيقه أجاممنون والبطل أخيليوس لاسترداد هيلينى، وتمر سنوات والإغريق عاجـزون عن اقتحام أسوار طروادة المنيعة، الأمر الذى جعلهم يشنون هجمات على المدن، فأسروا ابنة كاهن معبد " أبوللون" الفتاة خرسيس وأعطوها غنيمة لأجاممنون، كما منح أخيليوس الحسناء بريسيس.

* بدأت الهزائم تنهال على الجيش الإغريقى، فحاول باتروكلوس أن يدفع أخيليوس للقتال، ويقتل باتروكلوس القائد ساربيدون، فينتقم منه هيكتور فيقتله، ويقوم أخيليوس بقتل هيكتور، ويعود باريس شقيق هيكتور بتدبير من أفروديتى لقتل أخيليوس، ويقوم القائد الإغريقى "أودوسيوس" بخدعة الحصان الخشبى الكبير الذى أدخل إلى جوفه عددا من المقاتلين، ثم تظاهروا بالانسحاب، فأدخل الطرواد الحصان ، وراحوا يحتفلون بنصرهم بشرب الخمر حتى الثمالة، ففتح المقاتلون الحصان، وفتحوا بوابات السور لجيشهم، فدخل منيلاووس بجيشه وذبحهم ذبحا، وتقدم لاستعادة هيلينى من حضن باريس الفاجر.

* يقول هيرودت: إن هوميروس عاش فى منتصف القرن التاسع قبل الميلاد، وإنه كان يملك ذاكرة يقظة وحسا شـاعريا مرهفا، مكنه من نظم ملحمتيه الرائعتين (الإلياذة) التى تتحدث عن حرب طروادة و(الأوديسة) التى تتحدث عن ترحال بطل يونانى.

* لقد لاقى صدور ترجمة (الإلياذة) لهوميروس للبنانى سليمان البستانى الإلياذة عام 1904 م، احتفاء كبار المفكرين وقتها، مثل محمد عبده وأحمد شوقى وسعد زغلول وخليل مطران وغيرهم، وقد خاطب جمال الدين الأفغانى البستانى وهو يترجم الإلياذة قائلا: إنه ليسرنا اليوم أن تفعل ما كان على العرب أن يفعلوه قبل ألف عام ونيف، ويا حبذا لو أن الأدباء الذين جمعهم المأمون بادروا إلى نقل الإلياذة ولو ألجأهم ذلك إلى إهمال نقل الفلسفة اليونانية برمتها. وكذلك صدورها عن المجلس الأعلى للثقافة المصرى فى صيغة عربية جديدة، انطلاقا من اللغة اليونانية مباشرة، على يد خمسة مترجمين مصريين، هم الأساتذة الدكاترة الأجلاء: أحمد عتمان، ولطفى عبد الوهاب، ومنيرة كروان، والسيد عبد السلام البراوى، وعادل النحاس. عام 2004 م.

* شكر خاص للمخرج الموهوب شريف صبحى، الذى اقترح على عام 2001 فكرة مسرحة الإلياذة، وقدم لى سيناريو حركيا لرؤيته الدرامية، وشغلت الحياة شريف فمضى فى طريق التمثيل. وعكفت أنا خلال الأعوام التالية على كتابة المسرحية وعرضها على مجموعة من النقاد.

* شكر خاص للأستاذ/ سامى خشبة، الذى نصحنى بالعديد من الملاحظات الدرامية، التى جعلتنى أقوم بإعادة كتابة المسرحية وفقا لروية درامية مغايرة، تعتمد على خطين دراميين:الشرف، والخيانة، ووضع شخصية باتروكلوس وساربيدون، وإبراز شخصية كاساندرا، واختصار السلوتات، وتغير النهاية لتصبح هيلينى آثمة.

* المصادر:الإلياذة- أمين سلامة – مطبوعات كتابى - الستينيات، الإلياذة: درينى خشبة - أخبار اليوم 1990، الإلياذة – ممدوح عدوان- المجمــع الثقافى أبوظبى– 2002، الأساطير الإغريقية- د. إبراهيـــم سكر- الهيئة العامة للكتاب- 1996.

بقلم: خالد السيد وهدان

مقدمة الكتاب: للسيد عبد المعطى شعراوى


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى