(1)
أيها الليلُ
في هدأتِكَ تسبحُ أشواقُنا
كأنها موجٌ هادرٌ
تتطايرُ أوراقُنا مُبعثرةً
ونكبتُ انفعالَنا بلحظةٍ نذوبُ فيها
كأنَّ كلَّ العمر تقلصَ
وصارَ طينتنا الحجريةَ
ما سألتني عنها أيها الليلُ
كنتَ ترانا معا بين همسٍ
وتوحُّدٍ
الآن أتفردُ بعشق ساعاتِكَ
وأحلمُ بصوتِ تنهدها
وتماوج لواعجِها
فنفتقدُ انشقاقَ القمرِ
وانثيال عسجدِ الضوءِ
وتقطر العسلِ في روحنا
قطرةً قطرةً
أيها الليلُ
تشهدُ أني أحُبُّها
وتُقاسمُ كونكَ أننا عاشقان
كان حفلُنا يُبهجكَ
وصوتُ أرواحنا ترتجُّ له
كائناتُكَ السابحةُ في موجكَ
الساحرِ
الوجوهُ التي نعرفها كنا نرشقها
نجوماً في سمائكَ
وجهُ العشقِ ، الولهِ ، والغياب
فانظر في اتساعِ المدى
وسقوطه حروفاً من ضبابٍ
وصريرُ القلم المجنونِ
يصنعُ دوائرَ من حفرياتِ العمرِ
كنا معا نبكي
ثم نختبيءُ في عباءتكَ
المطرزةِ بالقصبِ
فنذوبُ أكثر إن لامستنا الطيورُ
وبجعاتُ البحرِ الخائفةُ
وارتعاشاتُ الماءِ اللزجِ
هي ذات اللحظاتِ
لكنَّ حبيبتي أين؟
أيها الليلُ الحزينُ
قد يُفرقُ الدهرُ عينيكَ التوأمينِ
لكنه أبدا لا يفرقُ بين عاشقين
(2)
فوق أسنة الريح موجتي
والماء يراوغ سفينتي
فأجلس محاطا بالتوتر
وأطوح رأسي في فراغ
المعنى
والقصيدة التي تصارع ذرات دمائي
وقد حملت من روحي رؤى
وأسئلة
ولحظات مرت كطيف جميل
تتأرجح روحي فلا أغفو
ولا أستطيع الانتباه
فقط أستسلم لموجتي العارمة
وسفينتي العائمة
وبحري الثائر كالطود الهائج
يتحرك فيمحو الرؤية
ويتركني أصارع دوامات
فأبقى بين الغرق
وبين الأمل
هكذا تغترب أيها الشاعر
وهكذا يطويك غيابها
لكنك لازلت تنظر إلى عينيها
كتميمة للنجاة
ويكشف صوتها داخلك علامات
لمرساك المنتظر
تناجيها بصوت مذبوح أن تأتيك
وترسم بين الموج شفتيها
فتقبلها
ترتعش كل الدنيا في لحظة
وترحل في لحظة أخرى
ندوب الخوف من دمائك
إلى قلبك
وتراها في غيمة فوقك
أو خيمة منصوبة على شاطيء من دخان
يتسرب داخلك المزيج
الموج
الغربة
بحرك الثائر
عيناها الباكيتان
شفتاها الممزوجتان بالعسل
قمرها وغيمتها وخيمتها
تتلاشى كل الأوهام
ويتبدد دخان الشاطيء البعيد
فإذا يداها في يديك
وقدماها قدماك
تناولك عكازك القديم
وتنطلقا معا
حينها يلف رأسك الدوار
وتغيب
ولا تعرف هل حلم هو؟
أم لحظة عبور للروح