الثلاثاء ١٠ نيسان (أبريل) ٢٠١٢
بقلم
نجوى طائر
عصفورةٌ قالت لجاراتـــــــها | ذات ربيعٍ مُخمليٍّ قَشــــيبْ |
والأرضُ قد جادت بمكنونها | ونافسَ الوهدةَ منها الكثيـــبْ |
ومالت الأغصانُ في دلِّــــها | من فَنَنٍ غضٍ وعودٍ رطيــب |
وكلما هزّت صبــــــــا بلبلاً | جاَوَبهُ في شَدوهِ عندليــــــــب |
تُنغِّمُ الطيـــرُ بترنيـــــــــمةٍ | فينتشي السربُ سميعاً مُجيب |
واستيقظت من نومها نشوةٌ | أخمدها بردُ الشتاءِ القريــــب |
والتمّت الأطيارُ في جَوقــةٍ | لم يبقَ في غُربته من غـريب |
تعانقت نشوى مناقيــــرها | في قُبَلٍ صميمها من لهيــــب |
يا روعةَ الطيـــرِ ويا دفأه | إذ يحضنُ المحبوبَ منهُ الحبيب |
ومرَّ آذارُ بديـــــعَ الرُؤى | ينفحُ أنفَ الكونِ من كل طيــب |
وشمسُهُ تُبطئ في سيرها | كأنما قد نَسيت أن تغيــــــــــب |
والطير فوق البيض في تَوقهِ | كلٌ على ليلاهُ حانٍ حسيــــــب |
عصفورةٌ قد رفعت رأسها | واحتضنت فرخاً صغيراً زغيب |
باهت به جاراتِها تزدهـــي | إذ إنه أولُ فرخٍ تُصـيــــــــــــب |
لكنها أفضتْ على رغمـها | في لحظةِ الوجدِ بأمرٍ مُريــــب |
يا جارتي: بين قُطوف المُنى | يومضُ في الخاطر برقٌ كئيـــب |
هذا البديعُ الناضرُ المُجتبَى | أغذوهُ من لحمي ودمعي الصبيب |
وأبتني من خافقي مَسكنـــاً | ترنيمةُ النومِ تَوالي الوَجـــــــيب |
أُطعمهُ عينيّ أو مهجتــــي | إن مرّ في الأيام يومٌ جَديـــــــب |
لكنني يا أختُ أخشى الذي | لا بدّ آتٍ في نهارٍ قريـــــــــــب |
يوم يفرُّ الحِبُ من سربـــهِ | ذات صباحٍ نحو حقلٍ خصـــيب |
تتبعهُ عينيَّ في لهفــــــــةٍ | لكنهُ يُوغـــــــلُ حتى يغيــــــــب |
إني أرى الناسَ ودُنياهُــمُ | كل ُ غريبٍ ذات يــــــومٍ يؤوب |
فما الذي جئناهُ من أمـرنا | فمسّنا يا أختُ هذا اللغــــــــوب |
وانتُزعت أكبادنا عُنـــوةً | فانصدعت تحت الحنايا قلـــوب |
يا حسرةً ما ذقتُ أهوالها | لكنَّ قلبي إن تبدَّتْ يَـلـــــــــــوب |
قالت لها: يا أختُ لا تحزني | وتبصري قبل الجروحِ النُــدوب |
يكفيكِ من دنياكِ يا حُلوتي | أنك ِ أمٌ رغم كل الخطـــــــــوب |
حنانُكِ الغامرُ طوبى لــهُ | بُوركتِ من أمٍ حنونٍ وهــــوب |
ولينطلقْ فرخكِ في أفقِهِ | ما من محبٍ يأسرُالمحبــــــــوب |
هذا هو الكــون وأسرارُه | كل شـــــــــــروقٍ سائرٌ للمغيب |
وكلما هبت شماليـــــــةٌ | أو نفحت ريّا رياح الجـنــــــوب |
تراقص الطيرُ وغنّى لها | ما ابتسمت شمسٌ و وافى غُــروبْ |