الجمعة ١٤ أيار (مايو) ٢٠٢١

نكبة مدينة صغيرة

محمد محضار

كان الجو ماطراً، و السماء تبكي مدراراً، و المدينة الصغيرة تحت رحمة المياه المتدفقة بين شوارعها وأزقتها دون توقف. بالوعات المجاري، لم تعد قادرة على استيعابها، والميازيب ضاق صدرها فانفجر أغلبها من قوة الضغط.

قالت عجوز لصاحبتها ذات الثمانين خريفا: الله يعاقبنا على أفعال أولاد الحرام منا.

ردت العجوز الثانية: كثر الفساد في البر والبحر وحتى الجبل.

تردد عبر صوامع المدينة نداء بعد أداء صلاة الفجر، يطلب من السكان الابتعاد عن مجرى الواد لأن الحملة قادمة وقد تجرف معها الساكن والمتحرك.

قال الإمام لمجموعة من المصليين: اجتمعوا حوله يقرؤون اللطيف: ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

وقال أحد المؤمنين: يقول تعالى "إذا أردنا أن نهلك قرية آمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا

وأيده كهل يجلس بالقرب منه:

"ما قلْتَه هو عين الصواب، لكن أغلب مترفي مدينتنا يوجدون بالعاصمة والمدن المجاورة لها"

 هو ذاك أخي لكنهم محسوبون علينا وهم أبناء جلدتنا

حرك الإمام رأسه مؤيدا رأيه وقال:

 لو كانوا يحسون بنا لما وقعت الكارثة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) صدق رسول الله..

في المساء كانت نكبة المدينة الصغيرة قد صارت خبرا قدمته قنوات التلفزيون المحلية، وتم إعلان الحداد بتقديم سهرة فنية شعبية راقصة ترحما على أرواح الشهداء الذين لقوا مصرعهم خلال الفيضانات.

محمد محضار

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى