
يكتب الشعر ليطعم به البحر
بداخله ولا ينفضه إلا شعره الجميل اذكر أني سمعت له قصيده عن الحزن ومدي الارتباط بين ذلك المخلوق والعشب الأخضر وأصبت بدهشة الموقف التي حددت لدي انطباع عن هذا الشخص إنه وحسب يعيش شاعر كتابة وسلوكا كان يلقي الشعر وأنا أنظر إليه وكأنه طائر لا يطلب منك إلا أن تسمعه كي تعينه علي نفض ذاك القفص المتناهي في احتوائنا وعندما تسمعه لن يراك وأنت تصفق له لأنه موكل بملاك لا يعلم إلا كتابة الشعر وإلقائه بمنتهي العذوبة بإخراج الكلمات من مناطقها الأصلية بارتباط وثيق مع لغته الجسدية الواعية بكل ما يقول لا يوجد انفصال بين شعره وجسده فبشعره الجميل يستطيع أن يحرك جسدك أيضا كما يقوم بتحريك أعضاءه الكامنة في جسده لا بد وأن تسمعه وهو يلقي (يا أيها المزمل) وعندما تسمعها لن تقول رأيك فيها لأنك وبمنتهي البساطة ستذهب في عالم جميل يقودك فيه ذاك الأمير صاحب الحروف الموكلة بتطبيب القلوب .
هل رأيته وهو يصارع ذاك الطاعون الذي اضمر عقولنا حتى انه ركب حصانه وامسك بقلمه ونظارته المصغرة والتي بها فقط يستطيع أن يقوم بافتراس الطاعون الذي يضع ساقا فوق الاخري وينظر للسماء وتركناه وحيدا علي جزيرته يصارعه حتى خرج إلينا بكتاب جميل يحمل رأس الطاعون وهو ينبض بالحياة ويقدمه إلينا بسلسلة تتكون من أربع جولات ليصل إلينا بالقاتل التسلسلي ويوهمنا انه اتخذ مقعده السلبي بفضيلة النوم يقول _ في النوم، أهرب من الطاعون، يحبوعلي الأرض، طاعون في طرقات المستشفي، طاعون في العناية المركزة، في السوق، في الحافلة، في استراحة المسافرين، في حقائب الديناصورات الصغيرة. سألته عن ماهية المراجع التي ذيل بها هذا الطاعون المقتول رد مقتضباً: بها تكونت ثقافتي، إذًا نحن أمام شاعر تكونت ثقافته بالقرآن الكريم، صحيح البخاري، النسبية لأينشتاين، الأعمال الكاملة لمارسيل خليفة وعمر خيرت، ماذا تنتظر إذًا من تلك التركيبية التي تؤلف ملاكا ليسحرك بكلماته التي غلف بها كتابه _ نحن أحباب الله، ودعنا كراريسنا في غفوة الظهر، وركبنا النهر دون أن يدري، دون أن يهتم آباؤنا بمقاعدنا الفارغة، أمام شباك بنت الجيران....... عندما صدر له (ثقب في الهواء بطول قامتي)، (قوم جلوس وحولهم ماء) وكتابه (مديح الغابة) كان لا بد أن يطل علينا بالديوان الجميل (طاعون يضع ساقا فوق الأخري وينظر للسماء) ليحملنا إلي عالمه الذي قام بتكوينه لنا ليقوض تلك الحياة التي نعاني من نموها علي تلك الحال ويرسم طريقا لقارئه يقوده من خلاله الي جزيرة الطاعون المقتول. شاعرنا الذي يحاول أن يتبرأ من كونه أميرا يقود حقبة المدعوين علي طاولته اللامتناهية يذكرنا بدور الساحر الطيب الذي يمسك عصا بيضاء يحركها نحواليمين فينبت عشبا اخضر ويحركها ناحية الشمال ليبعدنا عن مبارزة الطاعون ويمسك بعصاه ليطعم بها البحر المالح ليسقي بعذوبة شعره وتشرب كل الكائنات نعم إنه يكتب الشعر ليطعم به البحر وطينا فرصة الارتواء بعد معاناة مع النفس.
صديقي القارئ عندما تبدأ في قراءة هذا الشاعر فلا بد من فتح جميع نوافذك كي تتمكن من استقبال مفاجئات الكتابة وحينها فقط ستدرك أنك أمام حالم بدنيا لا تستمر بقوانيننا الوضعية يقول ..
ابتسموا في وجوه الأقزام
حتى يحلقوا في السماء
في اطراف طائراتهم الورقية
لوحوا لهم تضامنا معي
لونوا الفضاء حولهم بالتنهدات والأدعية
قولوا لهم أن الأرض لا تستحق
سنوات قربهم منها
ولا القرابين التي قدمت للمسلات الطويلة
عندما قرأت هذا النص الجميل علي مدونته (مزيكا حزايني شوية) وجدت نفسي أكتب له في تعليق علي تأثري بحلمه الجميل.
الشاعر الجميل محمد أبوزيد:- من اليوم سنرفع القبعات للأقزام وسنروي يوما ما قصة الديناصورات التي تشارك العصافير حبوب القمح - من أجلك فقط.