السبت ٢٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٣
بقلم سليمة مليزي

أدب الرحلات

سويسرا سان جوني دو ببوي مدينة السلام والبحيرات

هناك مدن تصنع تاريخها بعبق الماضي ورونق الحاضر، وقوة الحضور عبر الأمم والأزمنة، تاريخ تكتبه الأماكن والثقافات والفنون، ومن أشياء صغيرة تجعل تاريخها وحاضرها قوةٌ توازي بقيت شعوب العالم، القوة هنا ليست في مساحات شاسعة من الأراضي، أو القوة العظمى في الحروب، فقط هناك ذكاء قوي، وحيل والبحوث المستمرة من أجل التطور، وبناء حضارة علمية ثقافية، قادرة على مواجهة تطور العالم، هي التي تصنع هذه الشعوب رغم أقليتها في العالم، وتجعل منها دولة قوية لها وزن كبير بين الأمم... نعم أنها سويسرا، هذا البلد الصغير في حجمه والكبير في شانه، الذي انقسم من ثقافتين مختلفتين وحضارتين مختلفتين آلا وهي الثقافة الفرنسية والالمانية رغم ذالك أصبح من بين الدول التي تحتضن العالم بمؤسساته العالمية السياسية والثقافية والعلمية...

رحلتي اليوم إلى سويسرا، البلد الذي ارتبط اسمه في مخيلتنا بالشكولاطة والاجبان والمنازل الريفية الجميلة التي تقع بين المروج الخضراء طيلة السنة، وتتزينها شلالاتٌ وبحيرات، فتتشكل مناظر خلابة ساحرة الجمال، مما جعلها من أجمل البلدان في أوروبا...

اليوم أردت الحديث عن سويسرا، هذا البلد الذي يقع في قلب اوروبا، الصغير في مساحته والكبير، في سمعته، الذي يحتضن اكبر البنوك في العالم، ويقصد، هنا في جنيف العاصمة الاقتصادية الأكثر شهرة في سويسرا، مررنا في شارع رو دو رون جنيف

في ساحات كبيرة ومطاعم وحدائق، وأنا امشي انتبهت إلى مربعات في الأرض، مصنوعة من الزجاج، فيها عبرات جميلة بكل اللغات الحية في العلم، وكان شعار باللغة العربية (ملتقانا غداً) ربما من كبتها تنبأ بهذا الغد الذي هو اليوم التي اصبحت فيه جنيف، مركز للبنوك العربية واقصد اثرياء الخليج، حيث لا يخلو شارعاً الا وهناك بنك عربي، واينما ذهبت تجد العرب اقصد اهل الخليج العربي،…

ظهرت جنيف لأول مرة في التاريخ كمدينة حدودية على حدود ألوبروجيان، محصنةً ضد قبيلة سلتيك هيلفيتي، التي استولى عليها الرومان في عام 121 قبل الميلاد.

دمر قيصر، الحاكم الروماني في بلاد الغال، جسر الرون في جنيف في عام 58 قبل الميلاد، وشيّد 19 ميلًا من الأعمال الترابية من بحيرة جنيف إلى جبال جورا من أجل منع هجرة الهيلفيتيين، الذين «حاولوا، أحيانًا في النهار، وغالبًا في الليل، اختراق المدينة، إما عن طريق ضم القوارب معًا وصنع عدد من الطوافات (راتيس)، أو عن طريق عبور نهر الرون حيث كان عمق المياه أقل» (دي بيلو غاليكو، آي،. ثم ساعد في تأسيس جنيف كمدينة رومانية (فيكوس ثم سيفيتاس) من خلال إقامة معسكر هناك وزيادة حجمها بشكل كبير … ترجع نشأة سويسرا إلى 1 أغسطس من عام 1291، عندما اجتمعت ثلاثة كانتونات وهي شفيتس وأونترفالدن ويوري، ووقّعت ميثاق تحالف دفاعي فيما بينها، يعرف باسم"الميثاق الدائم"، فكان هذا الميثاق بمثابة حجر الأساس لولادة الكنفدرالية السويسرية، الذي أطلق عليه فيما بعد اسم سويسرا، نسبة إلى كانتون شفيتس.

مدينة سويسرا تلقب بعاصمة السلام، وتشتهر بصناعة الساعات والجواهر الثمينة، وفيها كثير من مقار المنظمات والهيئات العالمية، وكتب بها العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية.

تقع جنيف جنوبي غربي سويسرا، وتمتد بشكل هلالي حول بحيرة تحمل اسمها، حيث ينبع نهر الرون الذي يصب في جنوب شرق فرنسا، وهي عاصمة إقليم جنيف، وتبلغ مساحتها نحو 16 كيلومترا مربعا، ويقسمها نهر الرون إلى قسمين، قديم وجديد، يقع القديم جنوب النهر، وبه شوارع ضيقة متعرجة والكثير من المعالم البارزة مثل جامعة جنيف وقاعة المدينة. ويقع الجديد شمال نهر الرون وبه فنادق كبيرة وقصر الأمم الذي كان المركز الرئيسي لعصبة الأمم (1920-1946). ولمعظم المنظمات العالمية مراكز رئيسية في جنيف.

العودة من عطلة كانت من أجمل اللحظات التي قضيتها مع عائلتي، عندنا في الليل نظراً لارتفاع درجة الحرارة التي عرفتها جنوب فرنسا، عدنا من مدينة مونبيليي الساحلية، التي تقع على البحر الأبيض المتوسط، كانت أيام وكانها حلم، في حظن ابنائي الاعزاء وزوجاتهم وحفيدتي الغالية ليلى، ذهبنا الى الحدود الفرنسية السويسرية، مدينة صغيرة مترامية الاطراف، تحت جبال شاهقة تسما جيرا وكانها تشبه جبال جرجرة في الجزائر، فقلت لابني. ربما اسمها اتى من جر جرة هي جبال متتالية متناسقة تجر بعضها البعض، ويحتضنها بعيدا، الجبل الشهير في فرنسا الجبل الابيض mont-Blanc، الذي تكسوه الثلوج طيلة السنة، وهو الوجهة السياحية في فصل الشتاء، وحتى في الصيف، القرية هادئةٌ جميلة مريحة تتربع على الطبيعة الخلابة من حقول وغابات واشجار متناسقة، وقرى جميلة وفيلا ت صغيرة ذات الطراز العمراني الفرنسي القديم، يفصلها بين مدينة سويسرا جينف الا بحيرة كبيرة، وهي بحيرة ليمان Lacus Lemannus)، من أكبر البحيرات التي تقع في سويسرا. بحيرة ليمان، Lac L’émane)‏ أو بحيرة جنيف (Lac de Genève)‏ هي إحدى أكبر البُحيرات الأوروبية. وتقعُ 60٪ من مساحة البحيرة في الحدود السويسرية ضمنَ كانتون فود وكانتون فاليز وكانتون جنيف. و 40٪ في الحدود الفرنسية ضمنَ إقليم سافوا العليا. وتعودُ تسمية البحيرة إلى العهد الرومانيّ وكانت تُسمى (باللاتينية: Lacus Lemannus). ومع اشتهار مدينة جنيف بدأت تُسمى ببحيرة جنيف ولكنَّ الاسم المتفق عليهِ في فرنسا منذُ القرن الثامن عشر هو بحيرة ليمان،

عطر المطر

نفاحات عطر المطر الصباحية باردة منعشة توحي بقدوم الخريف، على بعد مسافات من الشارع الطويل، الهدوء يعم المكان، الا من حفيف اوراق الاشجار الصفراء المتناثرة على حافة الطريق، هدوء تام، لا فوضى للانسان هنا، وكان المكان خالي من المارة. الا بعض السيارات التي تمر، وبعض شاحنات البلدية التي تتأهب للعمل في الحقول المجاورة، كان جبل جيرا يلتحف ثوب ابيضٌ من الغيوم، صنعته الطبيعة باتقان، الجو ماطر منعش، مطر رذاذه يلفح وجوهنا بلطف، ويغسل تعب حر الصيف، هكذا بدلتي هذه القرية المترامية الإطراف، قرية جميلة بهندسة معمارية فرنسية، تعود الى خمسينيات القرن الماضي، او هو طراز معماري، خاص بالريف، حتى يبقى الريف له جماله الذي يميزه عن المدن الكبيرة، والمكتظة بالسكان، الجمال في هذه القرية، يمنحنا الهدوء. والراحة، انها لا تزال تحافظ على تلك العيون التي تتوسطها، والتي كانت تشبه زمان التي كانت في قريتي بني عزيز التي كانت تسمى سويسرا الصغيرة،، تستعمل للماشية للاغنام التي تعود مساءاً من المراعي، لكي تشرب منها ثم تذهب إلى الاسطبلات، هذه العيون باحواضها الجميلة، اصبحت مكان للراحة المارين، تزيت بأصيص للزهور، مما يطفي على الشارع منظراً جميلا،وهناك مرابط للخيول التي تشبه اليوم محطات الحافلات، لا تزال كما هي، حولت الى مكان لاستراحات المارة، لا تزال الى حد اليوم في هذه القرية التي تقع تحت سلسلة جبال جيرا القريبة جدا من الحدود السويسرية، ومدينة جنيف، والتي تفصلها بين جينيف. البحرية الكبيرة
ليمان Lacus Lemannus) التي تعتبر من اجمل واكبر البحيرات المتواجدة في سويسرا …..

يوم 24 أوت،

كانت زيارتنا الى جنيف، كان الجو حاراً جداً على خير العادة، حيث كانت موجة حر ‏تضرب اوروبا، اتجهنا الى منزل أو محل مارتيل للشوكولاطة، بعد نزاهتنا على حافة بحيرة ليمان او جنيف، ولاستمتاع بمناظر النايات المتراصة الجميلة، ومنظر النافورة الشهيرة التي تميز جنيف، وكان النهر الذي يخترق قبل جنيف،مياهه تجري وصافية لونها ازق، مما يطفي على الجو، نوعٌ من الانتعاش، رغم درجة الحرارة، التي تجاوزت 37، والمنظر الجميل لطيور البط والاوز التي تملأ البحيرة، والجميل ان هناك أماكن للراحة، من حر الصيف، مزينة بالورود. والظلال، وحتى توجد مراجيح من اجل راحت السواح، وتريحهم قليلاً من حرارة الجو، محل الشكولاطة والايس كريم وحوليات العريق، وجوده منذ 1818، الذي يصنع أجود واللذ الشكولاطة السويسرية …

منزل مارتيل له 200 سنة من التاريخ، في عام 1818، افتتح طاهي المعجنات لويس نيفينيجر مؤسستنا الأولى في مدينة كاروج الساحرة. ثم استولى صديق طاهي المعجنات، جول مارتل، على من التاريخ …صناعة الحلويات، وأعاد تسميتها باسمه، وبالتالي أنشأ ميزون مارتل في عام 1860. ومنذ ذلك الحين، أصبحت متاجر مارتل مكانًا للشراهة التي لا مفر منها للبرجوازية المحلية. في عام 1968، تولى مارسيل ماير الإدارة، ومع إدامة التقاليد والتميز، أعطى العلامة التجارية صعودًا مبهرًا. في الواقع، أصبح من الممكن الآن تذوق واكتشاف الشوكولاتة والمعجنات والمعجنات من مارتل في أكثر من 10 متاجر في الكانتون. لقد كان منزل مارتل جزءًا من قلوب سكان جنيف لأجيال عديدة ولا يوجد نقص في الحكايات من تجربتهم!

يوم الجمعة 25اوت

كانت وجهتنا برن عاصمة سويسرا السياسية، مررنا على مدينة نوشاتيل. مدينة جميلة جداً، تعتبر من بين المدن الأكثر أصالة ومليئة بالقصور والكنائس القديمة والمعالم التاريخية والأثرية وتعد وجهة سياحية بامتياز، توجد فيها اكبر جامعات أوروبا، تقع المدينة في شمال غرب سويسرا وتتميز بموقع استراتيجي هام ما يؤهلها لتكون ممرا نحو أوروبا الغربية، تناولنا الغداء في الحديقة ضفاف البحيرة، وتقاسمتها معنا طيور الدوري أو"الزاوش"المعروف في الجزائر، هذا العصفور هنا لا يخاف الإنسان، وكم استمتعنا أنا وحفيدتي ليلى ونحن نطعمها، كان منظرا مريح، وفيه متعة، لو لا الرعود التي أفزعتني …
صادفتنا أمطار غزيرةٌ ورعود تركتنا نهرب،ونتجه إلى مدينة بارن عاصمة سويسرا الشرقية، التي تعتبر أقدم مدن سويسرا، ونحن في الطريق تحسن الجو، وشرقت شمسٌ دافئة،عند وصولنا الى مدينة برن هي عاصمة سويسرا الإدارية ورابع أكبر مدنها من حيث عدد السكان بعد زيورخ وجنيف وبازل. يعيش في برن حوالي 127 ألف شخص معظمهم يتحدثون الألمانية أو الألمانية البرنية. برن هي عاصمة كانتون برن ثاني أكبر كانتون من حيث عدد السكان في سويسرا،. بنيت المدينة في شبه الجزيرة المشكلة من نهر الآر ولكنها سرعان ما نمت خارج الحدود الطبيعية للنهر ولهذا السبب بنيت العديد من الجسور على الآر كجسر كرشنفلد وجسر نايدج. وكانها مدينة معلقة للجسور، وتحتها سريع الجريان، ومياهه الصافية، التي تتدفق من الجبال المحيطة بها، التي تكسوها الثلوج طيلة السنة، مما جعلها مدينة رائعة الجمال، خرافية. مذهلة، بهندستها المعمارية، القريبة جدا للطراز العمراني الألماني، دخلنا في شارع المشاة، قابلتنا بيوت عتيقة تتخللها أقواس وبنايات قديمة جداً، وشوارع مرصعة بالحجارة،وكأنها كانت مخصصة لتلك العربات القديمة التي تجرها الأحصنة، ولا تزال تحافظ حتى على الحجارة الصلبة التي كانوا يربطون فيها الأحصنة، وفي كل خطوات نجد العيون وتلك الأحواض القديمة التي كانت تشرب منها الأحصنة والأغنام والأبقار، عند عودتها من المراعي، او الحروب، وكأنها تحاكي و تنطق بتلك القصص الجميلة من الزمن الخرافي، وكأنك تسمح صهيل الفرس، وأزيز العربات، رغم أنهم استبدلوها بحافلات كهربائية حمراء، مما طفت على المكان جمالا ممزوج بالماضي، والحاضر، تصادفك بنايات قديمة مزركشة بنقوش توحي بمدى تطور الإنسان الأوربي، الذي أجتهد وطور هذه المدن بشكل منبهر، ولم يتخلى عن حضارته القديمة،انبهرنا بهذه المدينة التي تقع على سفح جبلا جيرتن وبانتيجر ويخترقها نهر الآر، خريره يصدح المارة ومياهه الصافية، التي تتدفق بسرعة، عبرنا النهر على جسر كرشنفلد وجسر نايدج، يقسم المدينة إلى شقين، كلاهما ينضح بجمال عمراني متميز، بنايات وكنائس وفيلات، ومتاحف متناسقة ذات الوان داكنة، مرتبة كلها تتزين شرفاتها بازهار جيرانيوم الحمراء، وكأنها لوحات فنية لفنان أبدعت في خلقها،

القديم من العصور الوسطى وقد اختيرت من قبل اليونسكو كموقع تراث ثقافي عالمي. أشهر معالمها برج زيتجلوج ذو الساعة المتقنة الصنع من القرون الوسطى وكاتدرائية منستار القوطية التي يرجع تاريخها للقرن الخامس عشر.
في المدينة العديد من المسارح والمتاحف المميزة كمتحف الألب وبيت أينشتاين، الذي، يعتبر هذا المتحف أحد أهم متاحف التاريخ الثقافي في برن عاصمة سويسرا. إذ يضم مجموعات ضخمة في مجالات علم الآثار والتاريخ والاثنوغرافيا يصل عددها إلى 50.000 قطعة، تعود إلى فترات وعصور تاريخية مختلفة فتجد قطعا من العصر الحجري وحتى الوقت الحاضر تم جمعها من دول العالم المختلفة. ومن القطع التي ستجدها في المتحف هناك التماثيل، والسيارات، والأثاث، والأقمشة المنقشة، والسيوف، والعديد من الموميائات، ويوجد غي المتحف أيضا قسم خاص بأينشتاين يعطي لمحة عن حياة وعمل الفيزيائي. وهو متحف مناسب للعائلات. (عند وصولنا اليه للأسف وجدناه مغلق، كان الوقت متأخراً...) ومتحف الفنون الجميلة ومتحف الاتصالات ومتحف علم النفس، تقام في برن العديد من المهرجانات سنويا، تتزين برن بالكثير من الملامح الطبيعية أيضاً فهي موطن للحدائق والمساحات الخضراء، كما أنها مركز رائع تقام فيه العديد من المهرجانات الموسيقية والفنية المتنوعة. ومن أبرز المعالم التاريخية التي تحويها المدينة هي البلدة القديمة والتي يوجد بها برج الساعة الذي كلما تنتهي ساعة تعزف الأغاني الموسيقية وتقرع الطبول، والذي يعتبر من أهم الوجهات السياحية في الدولة. كما تضم المدينة عدد كبير من المتاحف التاريخية الضخمة ذات الهياكل المعمارية الفخمة فضلاً عن العديد من الحدائق النباتية وحدائق الحيوان مثل حديقة برن النباتية التي تحوي بداخلها حوالى 6000 نوع من النباتات تم تجميعها خصيصاً من مختلف أنحاء العالم لوضعها داخل الحديقة. ومن أشهر معالم هذه المدينة أيضاً البحيرات النظيفة النقية التي تمتاز بمظهرها الجميل والتي تقدم لكم نزهة ترفيهية جميله على ضفافها بالإضافة إلى أنه يمكنكم الاستمتاع بالسباحة داخلها، وازهار جيرانيوم التي تزين، شرفات المباني، وهناك سوق ينظم كل سنة لعرض أجمل ازهار جيرانيوم، والذي تعدى عامه 65 سنة.

الاحد 28 اوت 2023

عدنا الى جنيف كان الجو ماطراً ومنعشاً انفعنا من حر الصيف الذي لفح وجوهنا يوم 23 أوت، اتجهنا نحو محطة الحافلات، كان الطريق خالياً من المار، ونحن نمشي بين اشجار البلاتن التي بدات اوراقها تصفر، المترامية على الارض، مشكلة لوحة فسيفساء فنية رائعة، وبعض الرياح الباردة التي كانت تعبث بالاوراق، توحي بقدوم الخريف كانت السحب البيضاء تغطي جبل جيرا، كانت رحلتنا الى جنيف، الاتجاه الى متحف CERN ….. سارن احد المتاحف التي تعُرفُ باختراعات القنابل النووية خلال الحروب، التي شهدتها أوروبا،. انتظرنا أكثر من ساعة في الطابور الطويل، الذي وجدنا فيه السواح من كل أجناس العلم، هنا تسمع كل لغات الأرض، نظرًا لأهمية هذا المتحف انتهى بنا الطابور على الساعة. الثانية عشر، اين سيتوقف دخول الزوار الى المتحف، فقال لنا العامل عودو على الساعة الواحدة والنصف، وقت موعدنا للسفر في القطار الى باريس …….

الخميس 31 أوت
عدنا الى باريس مدينة الجن والملائكة. هذه المرة أحسستُ أن الجن أصبح بكثرة، وهربت الملائكة،

كلما ازور باريس وأتنزه في حدائقها الجميلة، إلا واجد طائر الغراب بكثرة، هذا الطائر الأسود الذكي، ومنظم، حياة الغراب وسر ذكائه الشديد وذاكرته القوية، يتميز طائر الغراب عن بقية الطيور الأخرى بذكائه الشديد الذي يمكنه من معرفة وجوه البشر، وتأقلم معهم، ولم يعد يخافهم، وقد ذكر الغراب في القرآن الكريم حينما علم قابيل كيف يدفن أخاه هابيل عندما حفر في الأرض ليدفن غرابا آخر ميتا، فمنذ ذلك اليوم تعلم الإنسان عملية دفن الموتى،

تمتلك الغربان قوانين تسري على جميع أفرادها مثل المحاكم التي يخضع لها أي غراب يخالف قوانينها العادلة، كما أن لكل جريمة عقوبة خاصة بها مثل إلزام الغراب الذي قام بهدم عش غراب آخر ببنائه مرة أخرى، وضرب الغراب الذي يعتدي علي أنثي غراب آخر بالمناقير حتي الموت.

في المجتمعات العربية وخاصة في الجزائر، ‏يتشاءمون من وجود الغراب قريبا من القرى، ولا نجده أمام الأماكن العامرة بالسكان، وهو بطبعه يحب الغابات المظلمة الكثيفة الأشجار، لكن في عواصم أوروبا، نجده بكثرة يعيش في الحدائق والكنائس والقصور، ويتأقلم مع الإنسان الأوربي بكل حرية، عندما زرت باريس أول مرة استغربتُ ‏من وجودهِ بكثرة في الشوارع والحدائق، ولا يهاب الإنسان، فعندما كتبت مقالي في أدب الرحلات عن باريس، بحثنا أنا وابني علاء الدين، عن هذا السر، وعن سبب وجود الغربان في المدن الأوربية بهذه الكثرة، فمن خلال تاريخ الحروب الدموية للحروب التي عاشتها أوروبا في القرن 15 و16 عشر، أين كانت تترك الجثث في في الشوارع ولا تجد من يدفنها، فتتعفن فتاتي الغربان والنسور ‏اللي لتأكلها، فكان الاستنتاج. ان الغربان استوطنت عواصم أوروبا، وتأقلمت في العيش مع الإنسان،

من أدب الرحلات أوت 2023م


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى