الأربعاء ٢٧ حزيران (يونيو) ٢٠١٢
بقلم وفاء شهاب الدين

سرقات مشروعة

صدر منذ أسابيع قليلة كتاب (سرقات مشروعة) للمستشار اشرف العشماوي والذى يعمل قاضيا بمحكمة استئناف القاهرة وهو كتاب يعرض أحد الموضوعات التي تهم الجميع في الوقت الحالي، الا وهو كل ما يتعلق بخروج الآثار المصرية من مصر سواءً بالطرق التي تبدو في ظاهرها سليمة كالقسمة و الاهداء و غيرها أو من خلال السرقة و التهريب...

و الكتاب يختلف تماماً في بناءه وموضوعه عن الكتب التي تعالج الموضوعات المشابهة، والتى صدرت بعد الثورة تتهم مسئولين بالنظام السابق فى تجارة أثار وغيرها فهو أقرب الى ان يكون وثائقيا وتاريخيا ولكن بأسلوب أدبى قصصى مشوق حيث يعرض قوانين الآثار منذ نشأتها بكل ما تحتوي عليه موادها من مفردات وتعابير ومصطلحات بأسلوب سهل قريب من فكر القارىء العادي و يمزجه بالأحداث التاريخية التي مرت على مصر ربما منذ عصور قدماء المصريين و حتى الأحداث التي نعاصرها اليوم. ويعكس تحول المجتمع المصرى على مدار 200 عام منذ بداية حكم محمد على باشا لمصر وحتى ثورة يناير من خلال تحليل تلك القوانين ومناسبة صدورها ومدى تاثيرها ولا يقف الكتاب عند هذا الحد فهو يسرد تجارب كاتبه الشخصية في مجال استرداد الآثار وهي تجارب سمح له عمله في المجلس الأعلى للآثار ليس فقط أن يكون شاهداً عليها بل أن يكون كذلك عضواً فعالاً و ايجابياً فيها.

الكتاب يضم نحو مائة صورة ووثيقة لم تنشر أيا منها قبل ذلك ويتناول بالشرح والتحليل اسباب ووسائل خروج الاثار من مصر خلال القرنين الماضيين حتى استقرت فى متاحف اوروبا و لا يستطيع الكاتب أشرف العشماوي أن يتجرد من مهنته كمستشار وهو يعبر عن حيرته الشديدة و ألمه الواضح وهو يعرفنا على بعض القوانين التي سمحت بخروج آثارنا الغالية بشكل قانونى و سليم و ربما تكون هذه الصفحات تعبر بشكل سليم عن عنوان الكتاب (سرقات مشروعة) الذي يعتبر ما اتبعه المكتشفون و المهربون من وسائل للاحتفاظ بكنوز بلادنا ما هي الا طرق تحايل الهدف منها جعل خروج هذه الآثار من مصر يتم بشكل قانونى ظاهرياً و ان كانت هذه الوسائل من وجهه نظر كاتبنا ما هي الا عمليات سرقة..ولكن مشروعة للاسف.

ثم ينوه المؤلف عن الدور الذي قام به المجلس الأعلى للآثار في استرداد الآثار المصرية و هو المجال الذي كان له فيه دور أساسي باعتباره كان منتدبا لاكثر من سبع سنوات بوزارة الاثار كمسئول عن ملف استرداد الاثار من الخارج والاتفاقات الدولية لاستعادتها

أما بيع الآثار و الاتجار فيها فقد كان من المآسي التي ذُكرت في الفصل الثاني حين شرح المستشار أشرف العشماوي كيف سمحت القوانين بها فأصبحت من أهم منافذ خروج الآثار بشكل آمن للأسف ويعرض بالوثائق والصور النادرة عمليات البيع والاتجار التى كانت تتم رسميا بالمتحف المصرى فى الخمسينيات والستنيات من القرن الماضى

و يتعرض الكاتب كذلك لسرقة مجوهرات الأسرة المالكة و يشرحها بالتفصيل ليجيب بذلك على اسئلة كثيرة لم نكن لنعرف اجابتها ويختم كتابه بفصل كامل عن اشهر حوادث سرقة الاثار فى مصر خاصة القصة الحقيقية لسرقة المتحف المصرى مساء يوم 28 يناير 2011 حتى حريق المجمع العلمى

الكتاب يقع فى 311 صفحة من القطع المتوسط ..ومن المنتظر ان تصدر نسخته باللغة الالمانية فى خريف هذا العام عن احدى دور النشر ببرلين.اما النسخة الانجليزية فتصدر فى اوائل العام القادم بالتزامن مع معرض الكتاب الدولى.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى