الخميس ٢٨ آذار (مارس) ٢٠٢٤
بقلم أحمد الجهمي

في مقامِ الأزهر الشَّريف

إلى نيلِهــا الرَّيــانِ أسـرى بـيَ الشِّعـرُ
بـلادًا لهــا في كل قلــبٍ هــوىً بِــكرُ
بــلادًا إذا ضــاقَ الفتــى فـي ديـــارهِ
أتاهــا فــزالَ العســرُ، وابتسـمَ اليُسـرُ
إذا قيـلَ "في الأسفــارِ خمـسُ فوائـدٍ"
حدا مركـبَ السَّاري إلى شطِّهــا الفجرُ
وإنْ سُئِــلَ الإنسانُ: ما وِجهةُ النَّدى؟!
أشـــارَ إلـى أنحائِهــــا: إنَّهـــا مصــرُ
لهـــا مطلـعُ التاريــخ، مـا قـامَ جندُهـا
إلى الغــزوِ إلاَّ شــعَّ في أفقِهــا النَّصـرُ
عجائـبُ مجـدٍ أدهـشَ الكـونَ ضـوؤُها
وأيَّــامُ عـزٍّ غــارَ من سحرِهـا الدَّهـرُ
ثَــراها مــــلاذُ الظامئيـنَ، وقبـلةُ الــ
علـومِ، ونخـلُ الفكرِ إنْ أجدبَ الفِكرُ
يحـجُّ إليهــا الوافـــدونَ، وفـي رُبَـــي
جوانِـحِهمْ مـن فيـضِ أشـواقِهـمْ نَهــرُ
وقــد نزلـــوا بالأكرميـــنَ، نفـوسُهمْ
تضــوعُ، وفي أجفانِهـمْ يــورقُ البِشـرُ
أقامـوا بهـا يُسقَــونَ من ساطعِ الرؤى
كؤوسَ نـدىً مـا مـسَّ أطرافَهـا الفقـرُ
معالــمُ ديــــنِ الله فـــوقَ رمالِهـــا
لها في ذرى الإحسانِ والحكمةِ الصَّدرُ
أيـا مصــرُ يـا أمَّ الحضـــارتِ إنَّمــا
لمثلِكَ تحــدو رَحْلَهَـــا الأنجـمُ الزُّهـرُ
سـلوا "أزهــرَ" الدُّنيا وقدْ فاضَ نهرُهُ
على كلِّ أرضٍ هل طريقُ العُلى وَعْـرُ؟!
يقـومُ مقـــامَ النَّجـمِ مـن نـالَ هِمـــةً
أجــلَّ، ولم يخفـتْ بأضلاعــهِ الصَّبـــرُ
تضــوعُ بعطــرِ الهـديِ منــهُ قلوبُنَــــا
فمـا مثلـهُ هــديٌ، ولا مثلــهُ عطــــرُ
وقُــرَّاؤهُ الأبهـــى يمـــدُّونَ نورَهـــمْ
إلى كل قلــبٍ فـي الـورى مسَّـهُ الضُرُّ
مُــرَبُّــــونَ ينسابُـــــــونَ حبــًا ورقــةً
كــأنَّ دروبَ النَّــاسِ نـارٌ وهمْ جِسـرُ
همُ القلعةُ الكبــرى إذا الرِّيـحُ أقبلتْ
عليهم تهــاوتْ فهي في أمرِهـمْ صِـفرُ
وهم شهـبُ الحـقِ المبينِ على الألـى
يظنُّـــونَ أنَّ النُّـــورَ يحجبــهُ سِتـــرُ
لَكَـمْ حــارَ في أمــرِ العقائــدِ باحـثٌ
وفي أزهــرِ التوحيــدِ بـانَ لـهُ الأمـــرُ
وَكَــمْ رامَ يــاقـوتَ البلاغــةِ نـاثــرٌ
ومثـــلُ لآلي الأزهريـيــــــنَ لا نثـــرُ
منــــارةُ هــديِ التائهيـــنَ بأمـــــةٍ
تكاثَــفَ فيهـا الليـلُ واستَحْكَمَ الذُّعـرُ
لهُ رتبــةٌ في النَّفـــسِ مـا نــالَ مثلَهــا
سـواهُ، وعندَ القحطِ يُستَعْـذَبُ القَطرُ
إذا عاصـــفٌ أودى بألبــابِ قومِنــا
أتينــاهُ والأشــواقُ من حولِنَـــا خُضـرُ
تـــزولُ ضـــلالاتُ العقــولِ بشمسـهِ
وليـسَ لمـنْ طالـتْ ضــلالاتُهُ عــــذرُ
منــاهجُ علــمٍ لا تجـــفُّ ضفافُهــــا
وهل جـفَّ يومـًا عن شواطئـهِ البحرُ !
لها لغـــةٌ كالمــاءِ يــأســرُ عذبُهـــا
وما في سواها لحظةً يُعْشَقُ الأسرُ
حريريَّـــةٌ خضــراءُ شَـــفَّ معينُهـــا
جمـــالاً عجيـبَ الوقعِ عشاقُــهُ كُثـرُ
وطلابُـهُ لا يحملـونَ ســـوى التُّـقَـى
وبسمـةِ وجـهٍ فَيضُ إشراقِهـا الطُّهـرُ
ومَـنْ نـهلـتْ يمنَــاهُ مـن مصـرَ نهلـةً
فلنْ يتسـاقى كــرمَ أضلاعــهِ الهجــرُ
أيــا مصــرُ قـد أجـريتُ حبـي قوافـيًا
وفي الحـبِّ "لا نهـيٌ علينا ولا أمـرُ"
فـإنْ أخفقتْ أمهـارُ شعري فما عسـى
أمامَ جفونِ الشَّمسِ قد يصنعُ المُهْـرُ !
عليـــكِ ســـلامُ الله مــا فـاحَ عاطــرٌ
وما لاحَ في الآفــاقِ معشوقُنَــا البَـدرُ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى