الأحد ٣١ آذار (مارس) ٢٠٢٤
بقلم إبراهيم أوحسين

ولقد وجدتُكِ...

فقد أب ابنته الصغيرة الوحيدة، المدعوّة قيد حياتها "سعادا " في زلزال الحوز بالمغرب، فكانت هذه الأبيات من مشهد الفجيعة...

ولقد وجدتُكِ...

ولقد وجدتُكِ تكتبين مُناكِ
مرصوفةً بين الثرى وسَمَاكِ
لكِ من طفولةِ صِبْيَةٍ هَذِي المُنى
أضحتْ منَايا عجَّلَتْ بِهَلاَكِ
فَلَكَمْ عهِدْتُكِ تلعبين وحيدةً
حيناً وحيناً تُوقِظينَ دُمَاكِ
وتُغَرّدين كما يغرِّدُ طائرٌ
لكنْ أتاكِ الموتُ قالَ: كَفَاكِ!
الموتُ أعمى، لوْ تجرّدَ مِن عَمًى
لَجَعَلْتِهِ خجْلاَنَ حينَ يَرَاكِ
يا طفلةً سرَقَ الزّمانُ حياتَها
كيفَ افترقْنَا دونَ نَيْلِ رِضَاكِ؟
أزْرَى بها الصّمتُ الرّهيبُ فيا تُرى
هلْ تَسْعَدِين إذا ضَمَمْتُ ثَرَاكِ؟
اِخْتارَ مِنْ بيْنِ الأنامِ بريئةً
أَوَلَيْسَ في هذا الزِّحامِ سِوَاكِ؟
هَذِي خُطاكِ تردّدَتْ في مَسْمَعِي
فهَلِ اسْتَراحتْ في التُّرابِ خُطاكِ؟
إنَّ الأنامَ ولوْ بَكَوْكِ جميعَهُمْ
بعضُ الودائعِ لا تُردُّ بِبَاكِ
كم كانتِ الأيامُ قبلَكِ جنَّةً
الآنَ مَنْ يكفيكَ لوعَةَ شَاكِ؟
وقد انتظرتُ حُنُوَّها لكنّها
عادتْ إليّ بمَلْمَسِ الأَشْوَاكِ
فإذا سألْتُ النّفسَ: لِمْ يا تُرَى
لمْ يُخلقِ الإنسانُ كالأسْمَاكِ؟
فلَعَلَّهُ ينجُو من الغَرَقِ الأكيـــــــــــــ
ـــــــــدِ فلا يُرى يوماً مِنَ الهُلاّكِ
وإذا سألتُ العقلَ غابَ جوابُهُ
فالرُّزْءُ فاقَ مبالِغَ الإدْراكِ
سأظلُّ أبحثُ عن ظِلالِكِ في الحشَا
أو باحثاً في سُبْحةِ النُّسّاكِ
حتى تضيقَ الأرضُ بِي مُسْتَسْلِماً
للعَادِيَاتِ وقدْ سَرَقْنَ صِبَاكِ
أَصْبَحْتِ مِن أهْلِ التُّرابِ مُضيفَةً
والرّاحلونَ سَيَطْعَمُونَ قِراكِ
لوْ يسْعِفُ الحظُّ السّعيدُ _ وعَبْرَةٌ
تَجْرِي_ لعلَّكِ تَلْتَقينَ أَبَاكِ!
كمْ كنتِ لي كالنُّورِ يمْحو عَتْمَةً
كالسِّنِّ إذْ تُجْلَى بِعُودِ أَرَاكِ
قد متُّ بعدَكِ يا سعادُ فَلَيْتَها
بَعْدِي المآتمُ خلَّدَتْ ذِكْراكِ!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى