الخميس ٢٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٣
بقلم زهير كمال

يوآف جالانت

في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالنت مع نظيره الأمريكي لويد اوستن بتاريخ 18 ديسمبر 2023 قال جالانت رداً على أحد الصحفيين

If we are going to survive in this region...

كرر هذه العبارة مرتين خلال هذا المؤتمر، الأمر الذي لفت انتباهي.

لم أجد عبر التاريخ وزير دفاع أو أي مسؤول في أي بلد في العالم يربط البقاء على قيد الحياة بـ (هذه المنطقة)، قد يقول سندافع حتى أخر رمق عن وطننا، النصر أو الشهادة أو كما قال عمر المختار (نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت) وغير ذلك من العبارات الحماسية التي يقولها مواطن أصيل.

إذاً وزير دفاع إسرائيل وفي قرارة نفسه يعتبر نفسه يقوم بمهمة كأي محترف دخيل مثلما يصرح وزير دفاع أمريكي أثناء غزو بلاده لفييتنام أو العراق أو أفغانستان.

يوآف غالانت الذي لا يعرف كيفية الابتسام ناهيك عن الضحك، ولد في فلسطين وفي مدينة يافا قبل 65 عاماً، عندما ماتت أمه فروما هذا العام عن عمر يناهز 88 عاماً رثاها حاييم هرتزوج وبنيامين نتنياهو أنها إحدى الناجيات من الهولوكوست، لا أعرف إذا كان هذا التعريف ينطبق عليها أم لا فقد ولدت عام 1935 في بولندا أي كان عمرها خمس سنوات عندما غزا هتلر بولندا، من المؤكد أنها لم تدخل أحد معسكرات الاعتقال التي أقامها النازيون في ذلك البلد، ولكن تعريف النجاة من الهولوكوست فضفاض عند الصهاينة.

في العام 1947، أي وعمرها 12 عاماً هاجرت الى فلسطين على متن الباخرة اكسودس التي منعتها قوات الانتداب البريطاني من الرسو في حيفا، تحولت هذه الواقعة الى قصة كبيرة في التاريخ اليهودي لتدلل على اضطهاد أوروبا لليهود المساكين الذين يبحثون عن ملاذ آمن من ظلم الأوروبيين لهم، مجرد وجود فروما جالانت على الباخرة أصبح بمثابة علامة بارزة أشار لها حاييم هرتزوج أيضاً عند استعراض مآثر الفقيدة.

بينما نجت فروما من بطش النازية نجد جنود ابنها لا يتورعون عن قتل الخدج في حضاناتهم ولم نجد جالانت أو رئيسه نتنياهو أو حتى رئيس الدولة ينبس ببنت شفة حول هذا الموضوع، لسبب بسيط أن جالانت يعتبر الفلسطينيين حيوانات بشرية لا يستحقون الحياة ولهذا فعدد الضحايا الكبير من الأطفال والنساء والشيوخ والطواقم الطبية والصحفيين لا يحرك ضمير هؤلاء، ولأول مرة في التاريخ نجد استهدافاً مباشراً للمستشفيات والمساجد والكنائس، لأنها أماكن خاصة بالحيوانات البشرية لا قيمة لها.

مثل هذا القيم والمثل التي يحملها زعماء إسرائيل تهبط بالقيم الإنسانية الى درك أسفل غير معهود، كان الاعتقاد أن هتلر وجنكيز خان وهولاكو قد وصلوا في انحطاطهم واستخفافهم بالحياة البشرية الى أدنى درجات السلم ولكن نجد الآن أن هناك درجة أدنى. تعب الجنس البشري وعانى كثيراً حتى وصل الى مثل عليا سجلها في شرعة حقوق الإنسان ولكن هذه المجموعة من البشر ضربت عرض الحائط بكل ما توصلنا اليه.

مقارنة بين رجلين في نفس المنصب يوآف جالانت ومحمد الضيف نجد ما يلي:

حصل جالانت على درجة من هارفارد في الأعمال، صرح بتاريخ 7 نوفمبر 2023: الجيش سيتمتع بحرية العمل الكاملة دون قيود على استخدام القوة في قطاع غزة، بعد الحرب.

تمتع الجيش بحرية العمل ضد من يعتبرهم جالانت حيوانات بشرية فدمر غزة وقتل أكثر من 20000 وجرح أكثر من 50000 أثناء الحرب. تم تسجيل المجازر في غزة صوتاً وصورة.

تلقى محمد الضيف تعليمه العالي في الجامعة الإسلامية في غزة وفي تصريحه المسجل بصوته عند بداية الحرب في 7 أكتوبر قال: لا تقتلوا الشيوخ والأطفال.

روّج قادة إسرائيل اتهام كتائب القسام بقتل الشيوخ والأطفال واغتصاب النساء وصدقهم قادة الغرب بمن فيهم بايدن. لم نر صورة أو اعترافاً يؤكد ذلك، بل بالعكس صرحت النساء والأطفال الذين أطلق سراحهم في صفقة التبادل الوحيدة أنهم تلقوا حسن المعاملة أثناء وجودهم في الأسر.

لم تجعل شهادة جالانت العليا منه إنساناً أفضل فقلبه يمتلئ حقداً على سكان فلسطين، وأهله قد قدموا إليها مهاجرين من أوروبا.

الأمر المؤكد أن المحكمة الخاصة بجرائم الحرب والتطهير العرقي ستجد الكثير من الأدلة الدامغة على عدم انتماء جالانت وقادة إسرائيل الى الجنس البشري.

وحتى نخطو الى الأمام كنوع (Species ) لا بد لنا من التخلص من هذه الحثالة.

الفجر دائماً قادم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى