الخميس ١٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠٢١

أَلكِ إيجابيات يا ٢٠٢٠؟

في الآوِنَةِ الأَخيرَة، ما أَن نَفتَح مَواقِعَ التّواصُل أَو الصّحُف، إِلا وَنَجد هَذهِ العِبارات أَو ما يُقابِلها:

 ما أصعَبَها مِن سَنة.

 سَنةُ المَآسي.

 سَنَة سُودة، ولا مَرة عِشْنا مِثِل هَالعيشَة.

 في هاي السَّنة غَضَب رَبْنا نازِل علينا.

 ما في وَجَع إِلا وذُقنَاه.

 تِنذِكِر وْما تِنعاد.

 سَنَة الوَجَع والفُرقَة والعَذاب والبُعْد عَن الأَحباب.

وَالكَثيرُ الكَثير، وَفي كُلِ مَرَةٍ نَثبَتُ عَلى وِجهَةِ النّظَر أَو نَتَعاطَف مَعَها، لكِنْ لَمْ نَنظُر مِنْ جِهَةٍ أُخرَى، أَو كَما يَقولونَ لِنِصفِ الكَأسِ الآخَر.

بِفِطرَتِنا النّظرَة السَّلبِية وَالتَشاؤُم، لَكِن سَنَرى الوَجهَ الآخَر وَلِنَقولَ الجَميل لِلعامِ الماضِي، الذّي لَم يَنظُر إِليهِ أَحَد وَتَجاهَلَهُ الكَثيرون.

أَوَلاً: ثُقبُ الأُوزون – ذاكَ الثّقبُ الذي يُعَدُ أَخطَرَ وَأكبَرَ ثُقبٍ يُهَدِدُ البَشَرِية، فَبِنِهايَةِ عَامِ 2019 أَثبَتَ العُلَماءُ أَنَّ الثُقبَ سَيَتَضاعَفُ بِحُلولِ 2020 وَذَلِكَ سَيُؤَدي إِلى زِيادَةِ المُلَوِثاتِ التي تَضُرِ بِالإِنسانِ وَالحَيَوانِ وَالنَّباتِ أَيضَاً.

لَكِن جَميعُنا نَعلَم أَنَّ بِبِدايَةِ 2020 مُعظَمُ الدُّوَل أَعلَنَتْ الإِغلاقَ وَالطَّوارِئ، فَضَعُفَت حَرَكَة السَّيْرِ وَ تَمَ إِغلاقُ العَديدِ مِن المُنشَآتِ وَالمَصَانِعِ النَّوَوِيَّةِ وَبِذَلِكَ انخَفَضَتْ نِسبَةُ المُلَوِثاتِ بِشَكلٍ كَبيرٍ جِدَاً وَالتي هِيَ السَّبَب في وُجودِ الثُّقب، وَالنَتِيجَةُ النِهائِيَةُ كانَت تَقَلُصاً في ذَلِك الثَّقب.

ثَانِياً: قِيمَةُ الهَواء – كُلُنا نَستَنشِقُ الهَوَاءَ الطَّبيعِي دونَ بَذلِ أَيِ مَجهود وَ دونَ تَعَبٍ أَو مَشَقَة، فَعَلِمنا في هَذِهِ المِحنَةِ أَهمِيَةُ هَذا الهَواء عِندَما رَأَينا المَرضَى عَلى أَجهِزَةِ التَّنَفُسِ وَالمُعانَاةَ التي يَذُوقُونَها.

ثَالِثاً: الأَصدِقَاءُ الحَقيقِيونْ – هَذِهِ المِحنَة أَثبَتَت لَنا مَن هُم رِفاقُ القَلبِ وَمَن نَعِزُ عَلَيهِم وَمَن لَنا بِقُلوبِهِم قيمَة وَيُكِنونَ لَنَا الوَفاءَ وَالإِخلاصْ، فَهَذِهِ السَّنةُ كَانَت وَكَأَنَها تَجرُبَةٌ لِتُبَيِنَ لَنا مَن يَجِبُ مُلازَمَتهُم وَاتِخاذَهُم السَّنَد وَالوُثوقُ بِهَم.

رَابِعاً: العَائِلة – كَان بِإِمكَانِنا قَول قيمَةِ العَائِلَة، لَكِنَّ هَذِهِ التَّجرُبَةَ لَم تُثبَت لَنَا قيمَتَها فَقَط، بَل قَوَت وَثَبَّتَت المَحَبَة وَالتَّآلُف، وَعَرَّفَتنا بِبَعضِنا البَعض، وَكَيفَ أَنَّنَا سَنَد وَمَلجَأٌ لِبَعضِنا، فَبِالإِغلاقِ وَالطَوارِئِ عِشنا أياماً جَمِيلَة...ضَحِكنا وَسَهِرنا وَمَزَحنا وَعَرَفنا مَا نُحِبُ وَما نَكرَه، وَالأَهَم تَعَلَّمنا مَعنَى العَائِلة... مَعنَاها المَعنَوَيْ لا اللَّفظِيْ.

خَامِساً: الذّات – مَكَثنا فَترَةً طَويلَةً في البَيت، لَم نَذهَب لِأَيِّ مَكَان، في هَذِهِ الفَترَة تَعَرَفنا إِلى مَا نُحِبُ وَما نَكرَه، إِلى مَا يَسُرُنا وَما يُحزِنُنا، إِلى أَهدَافِنا وَطُموحَاتِنا، تَعَرَفنا إَلى ذَاتِنا وَكَيفَ نُفَكِرْ، وَكَيفَ نُعَبَّرُ عَنْ مَشاعِرِنا، قَيَّمنَا سُلوكِياتَنا وَطَوَرناها لِلأَفضَل، تَحَكَمنَا بَرُدودِ فِعلِنا وَضَبَطنا ذَاتنا.

سَادِساً: الصِّحَة – تَعَلَّمنا أَن المَالَ لا قِيمَةَ لَهُ إَن لَم تَكُن قُوَانا الجَسَدِيَةُ سَليمة ، فَكُنُوزُ الدُّنيا لا تُغني عَن الصِّحة، مَا فائِدَةُ المَالِ وَالنَّفسُ مُهْلَكَة !

سَابِعاً: أَصحابُ الخَير – فَسَارَعَ الكَريمونَ وَأَصحابُ الخَيرِ لِلتَبَرُعِ وَإِنقَاذِ الكَثير، وَكَثُرَت الجَمعِيات الدَّاعِمَة، وَبانَت مَعادِنُ النَّاس.

ثَامِناً: التَّباعُد – كُلنا حَرَصنَا عَلَى الالتِزامِ بِالتَّبَاعُدِ الاجتِماعِيْ ( التَّباعُد بِمَسَافَةَ 1مِتر بَينَ الشَّخصِ المُقَابِل )، تَعَلَمنا مِن هَذا التَّباعُد أَنَّهُ مِثلَما عَلَينا التَّباعُد عَن الآخَرينَ مَسافَة حِفاظَاً عَلَى سَلامَتِنا، عَلَيْنَا أَيْضَاً تَركُ مَسَافَةِ أَمانٍ بَينَ بَعضِنَا وَنُحافِظَ عَلَى خُصوصِيَتِنا وَنُحافِظ عَلَى الحُدُودِ في عَلاقَاتِنا.

تَاسِعاً: الإِصابةُ وَالمَوت – الوِقَايَةُ وَالحِرصُ الشَّديد أَو لِنَقول الوَسوَاسُ لَا يَحفَظُنَا مِنَ الإِصابَة بَل يُقَلِلُ وَيُضعِفُ جِهازَ المَنَاعَة وَبِالتَالي يَكونُ الجِسم أَكثَرَ عُرضَة لِلإِصابَةِ بِالمَرَض، وَبِذاتِ الوَقت هَذا لا يَعني الاِستَهانَة فَخَيرُ الأُمورِ أَوسَطُها.
وَتَعَلَّمنا أَنَّ لِكُلِ شَخْصٍ عُمرٌ مُحَدَد وَفي لَحظَةٍ مَا سَيَنتَهي أجَلُه، هَكَذَا الدُّنيَا فَانِيَة، وَكُلُّنا لدارالآخِرَةِ ذَاهِبون.

عاشِراً: الطّبيعَة – الجَميعُ سَيَسأَل وَما عَلاقَةُ الطَّبيعَةِ بِهَذا الأَمر ؟
نَعَم، لَها عَلاقَةٌ كَبيرة، فَعِندَما أُغلِقَتْ المَطارَاتُ وَ الحُدود وَأَعلَنَتِ الدُّوَلُ عَن امتِناعِها عَن استِقبالِ السُّياح، لَجَأْنا إِلى الطَّبيعَةِ لِنَقضِيَ الوَقتَ وَنُرَفِهُ عَن أَنفسنا، فأدركنا جمالها وفوائدها، تعلمنا كيف نحافظ عليها، وكيف نطورها لتكون سبباً في سعادتنا، أدركنا أنها الهدوء والراحة والطمأنينة والسلام.

هَذِهِ بَعضُ الآثارِ الإِيجابِيةِ التي خَلَّفَتها سَنَةُ 2020 وَالتي قَد رَأَى الجَميعُ السَّلبِيَةَ مِنها ......

فَرَغمَ أَنَها سَلَبَت الكَثيرَ مِمَن نُحِب وَقَد تَكونُ أَتعَبَتنا نَفسِياً وَجَسَدِياً، إِلا وَأَنَنا إِذا استَمَرَينا بِقَولِ أَنَها سَنَةُ غَضَب وَما إِلى ذَلِك مَاذَا سَنَستَفيد ؟ لا شَيءَ طَبعاً سِوَى التَّعَبِ النَّفسِيِّ وِالجَسَدِيِّ أَيضَاً......

الأيام كَالأشياءِ التي نَمْتَلكُها عَليْنا مَعرِفة كَيفَ نُحافِظُ عَليها، وَكَيف نُقَدر قيمَتُها، وَكَيفَ نَنظرُ إِليها......

فَلنُحافِظ على نَظرَتنا الإيجابِية لِكلِ ما نَملُك، لِكُلِ ما نَعيش , فاَلحياة لا تَتَكرر وَالمشاعر تَتَغير

وَلا يَسَعُني إِلا في نِهايَةِ هَذَا المَقَالِ إِلا وَأَن أَتَمَنى لِي وَلَكُم الصِّحَةَ وَالعَافِيَةَ وَأن يَكونَ عَامَاً يَنتَهي فيهِ هَذَا الوَبَاء الذي أَخَذَ مِنا مَن نُحِبْ!

سارة سمير الدوايمة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى