الخميس ٢٣ أيار (مايو) ٢٠١٩
بقلم عذراء مصطفى الجبوري

الجاثُومُ

نجمي الفريد، طال غِيابهُ، غيمة حَاَلتْ دوننا، نقاش وصل أشدهُ في الصباح، تأخر كيثراً جداً.

تتَرَاقصُ الكلماتُ، قلمي أصاَبهُ المرض، يرتجف، المعدة خَاوِيةُ، ارتميتُ بين قلمي ودفتري وهاتفي.

كيف أخبرهُ، أُثقل كَاهِلَهُ، كالذي تحَمّلهُ نفسي، عِبْئاً ثَقيلاً، أخلع عني مايضيق تنفسي، هواجس، أفكار، تزداد قوة.

موضوعي؛ بلا عنوان.

فَشَل كُلْوِيّ؛ عَجَزَ، لا علاج مضمون ولا عملية نقل كُلْى ناجحة، مئة بالمئة، ثلاث مرات أسبوعياً كل جلسة أربع ساعات على أقل تقدير، تُغسل الكُلْى منظفة الجسم من الفضلات بالدم.

هل التَبرُّع عملية ناجحة؟.

مشاعرُنا؛ هواجسُنا؛ أفكارنا، تبقى عالقة عن أداء أي عملية يومية طبيعية مهما كانت.

التَبَرُّع؛ عملية فاشلة، من يحتوي الرَماد الذي يخلفهُ كل خريف، حتى الجسد يرفض تَحَمُّل رَمادهُ، مُخلفاتهُ.

لو حالف الحظ؛ واقع أجمل، عملية غسل بدون هَمّ أربع ساعات لأنابيب تخترق الجسم، واقع يحمل إلى الصدر ماءً مُثلِجاً، كزمزم؛ بعد سعي سيدتنا سارة سبع، وتمزقت قدمها بين الصفا والمروه، تعلم بأن رب كريم لن ينساها.

غَيبوبة- الغيبوبة الكُلْوِية لتراكم اليوريا بالدم، مَمر طويل، أرضية بيضاء- كل شيء أبيض- كأنها مشفى، خطوات ثُقال، أمامي باب زجاجي، ماأن فتحتهُ حتى كاد يحطم رأسي لو لم امسكه بكلا يدي، رميته بعيداً عني، شخص على بُعد خطوات يهز كرسيه الدوار خلف مكتبهُ ويضحك بسخرية، أتركيه عنكِ.

أقف وسط، أمامي مباشرةً ثلاثة غرف، باب أخضر أو رمادي لونه باهت، غرفة العمليات، الضوء الأحمر مُضاء، المكان خال، تماماً من البشر، على حين غِرَّة شدني أحدهم من ذراعي إليه، لفني نحوهُ وأخذ يصفعني الواحدة تليها الآخرى، دفعته من صدره- تحسست اضلاعه بيدي- عني، لما...لماذا؟، من أنتَ؟.

هزيلُ الجسدُ، نحيلُ الوجه، أسنانه ظاهرة إلى الخارج، أسود، يرتعش كالسعفة في مهب الريح، ملابسه رَثّة جداً.

بعبرات قاتلة، مختنقة، أجرُ خُطَاي في طريق لا ينتهي، هاأنا أقف وسط مجهول. آه، آه ظهري، يؤلمني، تناول صخرة كبيرة، بتركيز وبدقة متناهية قَضَم ظهري بها، إياكِ وتركي. من أنتَ؟، ماذا تريد مني؟.

برودة تسري في ظهري، أتصبب عرقاً، صوتي، حنجرتي. أكاد أمزق جلدي بأظافري، أريد هواءً، النجاة، أرجوك. فَقدتُ الإحساس بجسدي.

رأسي ثقيل، يطير كألبالون، لا أستطيع فتح جفوني، كابوس، مسخ، كفى...

عَجَزي.....


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى