السبت ٢١ آذار (مارس) ٢٠٢٠
بقلم علي بدوان

الدكتور «الألمعي» محمد توفيق البجيرمي

محمد توفيق البجيرمي، إعلامي وأكاديمي فلسطيني متميّز، مواليد فلسطين قبل النكبة عام 1938، بلدة (إجزم) قضاء حيفا، تلك البلدة التي أنجبت نخبة فلسطينية مرموقة في كافة الميادين، قبل النكبة وبعدها. وقد لجأ غالبية مواطنيها الى العراق، سوريا، والأردن، وبقي العدد القليل منهم في مخيمي طولكرم ونور شمس بالضفة الغربية.

بدأت معرفتي واحتكاكي المباشر مع المرحوم الدكتور محمد توفيق البجيرمي، في مكتب الإعلام الكائن في حينها في ساحة الشهبندر وسط دمشق، عندما التزم معنا حيث كنت أعمل، في ترجمة مواد سياسية، واعادة طبعها في الـــ (بولتن) كي يجري توزيعها خارجياً، فكان العمل معه في الوقت المتاح أمامه لإنجاز الترجمة في مطبوعة (البولتن) الشهرية.

لجأت عائلة الدكتور محمد توفيق البجيرمي الى العراق مع نكبة فلسطين، وبالأحرى جرى نقل نحو خمسة آلاف مواطن فلسطيني من قرى مثلث الكرمل (إجزم + جبع الساحل + عين غزال) وبعض القرى التي حولها (الصرفند + عتليت + كفر لام + أم الزينات + الفريديس...)، بواسطة سيارات عسكرية تابعة للجيش العراقي بعد انسحابه الطوعي من تلك القرى والبلدات بعد قتال مشهود له، وبطولاتٍ تُسجّل للعراق الشقيق وجيشه بقيادة اللواء عمر علي، ومقابر شهداء الجيش العراقي في جنين ونابلس تشهد على ذلك (ملاحظة : أفصح رئيس وزراء العراق سنتذاك نوري السعيد قائلاً أن الإنسحاب العراقي من تلك المنطقة من فلسطين جاء لتنفيذ قرار التقسيم). فتم نقلهم الى العراق عبوراً بالصحراء الأردنية، وتحديداً الى معسكر الشعيبة عند مدينة البصرة، قبل أن يجري توزيعهم مابين البصرة وبغداد والموصل، وكانت الحجة الثانية لحكومة نوري السعيد أن أبناء تلك القوى متطوعين أصبحوا ضمن ملاكات (فوج الكرمل الفلسطيني) الذي اقامه الجيش العراقي وبات يتبع له بعد دخوله فلسطين. وخطت حكومة نوري السعيد خطوة اضافية، عندما منعت وكالة الأونروا من تسجيل من تم نقلهم الى العراق من ابناء فلسطين، معتبرة أنهم ضيوف على العراق، وأن العراق يكفل بهم.

(وعلى سبيل الطرفة، والنكتة، روى لي الدكتور البجيرمي سر قيامه بلعب دور الجاحظ ببعض الفعاليات، باعتباره أن عيناه جاحظتان. وأرجع السبب في جحوظ عيناه من كثرة الغبار التي دخلت اليهما، اثناء نقل مواطني قرى مثلث الكرمل بسيارات الجيش العراقي من فلسطين الى البصرة عبوراً بالصحراء الأردنية وصحراء الأنبار العراقية على متن سياراتٍ عسكرية، ودون غطاء شادر يغطيها).

درس الدكتور محمد توفيق البجيرمي اللغة الإنكليزية في جامعة بغداد، وتفوق بها الى درجة الألمعية العالية، كتابة، ومحادثة، وغادر بعدها باتجاه دمشق عام 1961، وحصل على ماجستير في الأدب الأفريقي عام 1974، ثم على شهادة الدكتوراة في الأدب الإنكليزي جامعة شيفيلد في إنكلترا عام 1980، وعمل بتدريس الأدب الإنكليزي بقسم اللغة الإنكليزية بجامعة دمشق من عام 1980 حتى التقاعد في عام 2000، قام بتدريس الشعر، والنقد الأدبي، والترجمة، والأدب المقارن، والأدب الأميركي في جامعة دمشق، وقام بترجمة أكثر من 13 كتاب إلى العربية من اللغة الإنكليزية. كما عمل كمترجم ورئيس تحرير الأخبار في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بدمشق في الستينيات من القرن الماضي، وفي الفترة بين عامي 1966 و1971 قدم الدكتور محمد توفيق البجيرمي برنامجه التلفزيوني الشهير، ولسنوات، "طرائف من العالم"، على شاشة التلفزيون العربي السوري، وعُرِفَ فيه بعبارته الشهيرة "تخيل يا رعاك الله".

الدكتور محمد توفيق البجيرمي، علم من اعلام فلسطين في العراق أولاً، ثم في سوريا ثانياً، حيث أقام في حي كفر سوسة الدمشقي، واشتهر بجلساته المسائية مع ابناء الحي من سوريين وفلسطينيين (حيث تعود أصول مُعظم الفلسطينيين القاطنين في حي كفر سوسة بدمشق الى بلدة اجزم قضاء حيفا، وبلدة بيت دجن قضاء يافا)، في قهوة الحي المعروفة بــ (قهوة شوشرة)، توفي رحمه الله أواخر العام 2013.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى