الأحد ١٥ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٩

الربيع الملائكي ... و باقة الورد

هيثم جمعة

كنت مستغرقا في التفكير أغوص في أعماق نفسي أغرف من نبعها ما يفيض على خاطري و فكري و مشاعري، و أنا ذاهل عما حولي في شغل عن أي شغل...

تمتمة حريرية و غمغمة أثيرية جعلتني أتنبه و أخرج من عالمي الحالم إلى عالم الناس... نظرت... أجلت عيني فيما حولي... لم أر شيئاً؟!! أرهفت سمعي أكثر... ما زالت تلك التمتمة و الغمغمة و المناغاة، لا بل المناجاة الحالمة تصل إليّ بأثيرها... و نديّ أحاسيسها المرهفة... أصغيت أكثر.. دققت ... أنصتّ بكل ما أوتيت من قدرة على الإنصات، فإذا بي أجد... و يا لروعة ما وجدت!!!.

إنه الربيع.. الربيع.. و لكن ليس كربيع الناس، و ليس على النسق الذي خلقه الله للربيع في دورة عمرة الكوني... ليس كالربيع في توزعه على المخلوقات و حياة المخلوقات و طباع المخلوقات. ربيع خاص حل بالقرب مني منحنتي إياه صدفة اختصني الحظ فيها... مخلوقة من الناس و ليست منهم، جلست و قد ضمت بين يديها باقة من الزهور... إذا نظرتَ إليها لا تكاد تعرف الفرق بين الحامل و المحمول، ولا تدري أيهما فاض بسنا جماله و شفافية رقته على الآخر ... إذا نظرتَ إلى هذه الزهرات، و إلى هذه السماوية معها؛ شعرتها فراشة فردت جناحيها بألوانها فكأن الحياة من حولها كانت مواتا فأحيتْها، و كانت بلون واحد يوحي بما لا يتمناه كائن، فإذا الجما لينساب حتى يتلبس كل شيء في الوجود فيعطيه لون الجمال، و إحساس الجمال، و تأثير الجمال... فإذا كل شيء يتمايل طربا بجماله متخايلا ببهاه.

أقول إذا نظرتَ إلى الزهرات، أما إذا نظرت إليها و الزهرات بين يديها وجدت هذه الأخرى كأنها الرقة و العذوبة و الدلال و الخجل قد سكبتها صاحبتها في هذه الزهرات فهذه من تلك، و تلك من هذه... فإذا أنا بالقرب من جنة الدلال و العذوبة و الرقة و الجمال.

ولأنها الجنة و لأن الجنة من شأنها أن تدهش مرتادها، فقد أدهشتني هذه الجنة الملائكية فوق الدهشة عندما رأيت الحديث الذي دار بينهما الزهرات و هذه الـ ...، حديث ليس كالحديث ... هو بكلمات لكنها تختلف في أدق دقائق الكلام عن الكلام... حديثٌ كلماته لمساتٌ و مداعبات ٌ لوجنات تلك الزهرات، و حروفه تمتماتُ عيون، و ضبط اتساقه إيقاع قلب ينبض بفيض جمال الروح و نقاوة النفس و سمو المعاني... فإذا ما أنهت حديثها لربيعها الخاص... إذا الزهرات تتلون و تزدان و تنحني طربة و خجلى من رقة تلك اللمسات و جمال الألوان التي أشرقت بها أناملُها على خدود الورد... و التي جعلتها مرآةً ظهر أول ما ظهر على صفحتها ألوان خدودها الفاتنة ... و إذا الجميلة تقول: أنا هي، و إذا الورود تقول: لا بل أنا هي... أنا هي... أنا هي، فلا ينتهي استغرابك و لا تنتهي دهشتك...و لا تتمنى أن تخرج من جمال هذا الحلم البهي... ومن دلال باقة الورود ، و من فتنة هذا الربيع الملائكي .

هيثم جمعة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى