الأربعاء ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٤
بقلم ميساء قرعان

العنف ضد الأزواج

قد لا يبدو من المناسب طرح مشكلة تتعلق بالرجل في الوقت الذي نشهد فيه تصعيد وتيرة العنف الذي يرتكب بحق الزوجات والمرأة عموما ، كما قد لا يبدو من المناسب أن تبادر امرأة بطرح الموضوع ، لكن بعيدا عن الوقوع بفخ الانحياز للجنس وبعيدا عن الإصابة بالأعراض الجانبية لطبيعة المهنة فإنني أجد من المناسب الخوض في المشكلات الخاصة بالرجل في مجتمعنا وبالأزواج تحديدا ، فلكلا الجنسين متاعبهما ولكليهما معاناته الخاصة ، وكلاهما ضحية ثقافة وموروث وظروف اقتصادية واجتماعية يصعب حصرها ، كما أن الزواج بشكله المؤسسي وبمتطلباته التي تفرضها منظومة القيم والتقاليد والعادات يتسبب بمشكلات لكلا الطرفين، ولذا فإن من لا يشكون من مشكلات تفرضها طبيعة الحياة الزوجية هم قلة ، وهم المحظوظون بغياب الأسباب أو التغلب عليها

أن سر العلاقات الزوجية الناجحة يكمن في أن أحد الأطراف يبذل قصارى جهده لإرضاء الطرف الآخر الذي يقدر بدوره هذه الجهود ، أو قد يكمن في تقبل أحد الأطراف للعنف الذي يرتكب ضده إلى حد الإدمان وبذا تقل فرص نشوب الخلافات وتقل فرص شكوى أحد الطرفين .

للأزواج كما للزوجات معاناتهم أيضا ، بعضهم قد يشكو من ملاحقة الزوجات وتتبعهن لكل صغيرة وكبيرة في حياتهم متذرعات بالحب والغيرة وبالرغبة في امتلاكه ، وبعضهم يشكو من متطلبات يصعب تلبيتها ، هذه المتطلبات لا تقتصر على النواحي المادية فقط ، فبعض الأزواج قد يختنقون بحب زوجاتهم لهم ومحاولتهن انتزاعهم من كل اهتماماتهم واعتقالهم في قفص الزوجية ، غير أن الرجل في مجتمعنا عصي على الاعتقال ، ويصعب ترويضه وغالبا يفتقر للديبلوماسية الزوجية التي قد تطفئ نيران محتملة ، كما أنه قد لا يتقن الكذب الذي يبقي على الحياة الزوجية لا سيما إذا لم يكن يمتلك مشاعر إيجابية تجاه الشريكة أو إذا ما شعر بأن تلك المشاعر قد استنفدت مع تقادم الزمن

للزوجات طرقهن ووسائلهن الخاصة للتعبير عن استيائهن من الأزواج ، ولعل أكثر ما يثير غضب وقلق وتوتر الزوجات هو شعورهن بالإهمال العاطفي ، غير أن نسبة لا بأس بها من النساء لا يصرحن عن مشاعرهن بشكل مباشر ويبادرن إلى اختلاق الأسباب البديلة التي قد تحول الحياة بنظر الأزواج إلى جحيم ، ولتعذرني النسوة إذا ما افترضت بأن المرأة أكثر قدرة على الانتقام وأكثر قدرة على ابتداع الوسائل لتعذيب الشريك ، أما الفارق بين ما قد ترتكبه المرأة من عنف بحق الزوج وبين ما يرتكبه الأزواج هو في صورة إيقاع الأذى وشكله ونوعه ، لكنه قد يقارب حجم الأذى الذي قد يمارس ضدهن.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى