

الفنان سمير آيت عمران

في مشهد الفن التشكيلي المغربي، يسطع اسم الفنان سمير آيت عمران كأحد الأسماء التي تمكنت من خلق أسلوب خاص بها، يُراوج بين التكوين الأكاديمي العميق والرؤية الجمالية الأصيلة التي تستمد جذورها من التراث والثقافة المغربية، ترعرع الفنان بمدينة تطوان، حيث كانت البدايات الأولى لعشقه للفن والتعبير البصري.
حصل آيت عمران على شهادة البكالوريا شعبة الفنون التطبيقية سنة 2008، قبل أن يتابع تكوينه التربوي والتقني في المركز الجهوي للتربية والتكوين بطنجة، ثم في جامعة عبد المالك السعدي بتطوان حيث نال شهادة الإجازة في الدراسات الأساسية سنة 2021، جامعا بذلك بين البعد الفني والأكاديمي.
تتمحور تجربة آيت عمران الفنية حول الإنسان، وتحديدا المرأة، باعتبارها رمزا جماليا وروحيا ومجتمعيا، فالمرأة في لوحاته ليست فقط جسدا، بل كيانا عميقا، تجسد الهشاشة والقوة، والحلم والمعاناة، هي مرآة للذات، وصوت للهوية، ومعبر عن تحولات المجتمع.
يمتاز أسلوب الفنان سمير آيت عمران بالمزج بين التجريدي والتعبيري، حيث يستعمل الألوان القوية والرمزية، ويبرز التفاصيل الدقيقة التي تحمل دلالات عميقة تُحاكي القيم والمفاهيم الاجتماعية، لوحاته لا تكتفي بالإبهار البصري، بل تدعو المتلقي إلى الغوص في مستويات متعددة من التأويل والتفكير.
لا يخفي آيت عمران تأثره بالتراث المغربي، إذ يستحضر في أعماله الرموز والملامح المحلية كمراجع تشكيلية حية، لكنها تقدم برؤية معاصرة تجدد العلاقة بين الماضي والحاضر، كما أن اشتغاله المتقن على الألوان والأشكال يبرز طاقته التقنية وحسه التعبيري العالي.
إن تجربة سمير آيت عمران، هي رحلة فنية مستمرة في البحث عن الذات والآخر، وعن الجمال المختبئ في تفاصيل الحياة اليومية، هو فنان لا يرسم فقط لوحات، بل يكتب بلغة اللون سيرة مجتمع، ويترجم مشاعر جيل، ويمنح للمرأة مكانتها كقيمة فكرية وإنسانية داخل الفضاء التشكيلي المغربي.
هكذا، يواصل الفنان سمير آيت عمران رسم مساره الإبداعي بثبات وتألق، واضعاً بصمته الفريدة في المشهد التشكيلي المغربي المعاصر. فهو لا يرسم لوحات فنية فقط، بل ينسج رؤى إنسانية واجتماعية عميقة تعكس نبض الواقع وروح القيم. وفي عالم يتغير بسرعة، تبقى أعماله شهادة صادقة على قوة الفن في التعبير، والتأثير، والإلهام.
وإذ يراكم هذا الفنان الشاب تجربة غنية وذات هوية متفردة، يتطلع سمير آيت عمران إلى أن تصل أعماله إلى أوسع المنصات الفنية، وأن تعرض في أكبر المحافل الدولية، في أفق أن تجد مكانها الطبيعي ضمن خارطة الفن العالمي، بما يليق بعمق رسالته وبتميز رؤيته التشكيلية.